تثير عمليات التهجير
وتجميع فصائل المعارضة السورية والبيئة الحاضنة لها في مناطق الشمال السوري
تساؤلات حول الهدف الذي يسعى إليه التحالف الروسي الإيراني مع نظام الأسد.
ومنذ بدء عمليات
التهجير وإفراغ المناطق المحيطة بدمشق وبعض المحافظات من سكان دفعت عمليات التهجير
نحو الشمال السوري وخاصة محافظة إدلب والتي خرجت عن سيطرة النظام قبل أعوام.
ويرى مراقبون أن "حشر"
المعارضة في مناطق الشمال سياسة تهدف لـ"خلق نزاعات داخلية في تلك المناطق
لتقضي المعارضة على نفسها ذاتيا بالإضافة إلى تشكيل بيئة سهلة الاستهداف وقت
الحاجة بالنسبة للنظام وحلفائه".
الكاتب والمحلل
السياسي عمر كوش قال إن الحلف الثلاثي الروسي الإيراني ونظام الأسد يسعون من وراء
التهجير لخلق حالة صدام بين الفصائل في مناطق بعيدة عنه.
وأوضح كوش
لـ"عربي21" أن وجود فصائل معارضة في نفس المحيط مع جبهة النصرة "سيجعل
من الصدام مسألة وقت وحدث بالفعل اقتتال في بعض المناطق".
ولفت إلى أن اختيار
الشمال منطقة لتجميع المعارضة تهدف لأمرين "الأول تسهيل احتوائهم من جهة تركيا
عبر إقامة نقاط خفض للتصعيد من أجل ضبط الأوضاع باتفاقات دولية والأمر الثاني
سهولة شن عملية عسكرية بشكل مركز عبر استهداف كل الفصائل المهجرة إلى
الشمال".
ورأى كوش أن مبدأ
التهجير والتغيير الديمغرافي جزء من تاريخ روسيا في التعامل مع المناطق التي
تحتلها، مشيرا إلى ما حدث في العاصمة الشيشانية غروزني وما حدث في رحلات التهجير القسري للشعب الشركسي في إقليم القوقاز
والشعب التتاري في جزيرة القرم.
وأشار إلى أن هناك مخاوف حقيقية كون المخطط الذي بدأ قبل 6 سنوات مقدمة
لانتقام الأسد عبر مجازر تحصد أرواح آلاف المدنيين وجعل محافظة إدلب مقبرة جماعية
كبرى بعد الانتهاء من تهجير سكان الغوطة.
من جانبه قال يحيى
مكتبي عضو الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني السوري إن عملية تجميع المعارضة في
مناطق الشمال ينظر إليها من وجهين.
وأوضح مكتبي لـ"عربي21"
أن الوجه الأول للعملية هو ما تحدث به رئيس النظام السوري بشار الأسد في العديد من
المناسبات عن "المجتمع المتجانس وما يمثله من طموح للمشروع الإيراني العابر
للحدود بدءا من طهران مرورا ببغداد ودمشق حتى يصل للضاحية الجنوبية ببيروت".
أما الوجه الثاني
للتهجير فهو "الدفع باتجاه خلق فتن ومشاكل داخلية في البيئة الاجتماعية
للسوريين المهجرين والنازحين من أراضيهم ومحاولة استخدام ذلك كورقة للضغط على
تركيا لاحقا عند الحاجة".
وشدد مكتبي على أن
تهجير المقاتلين أمر يمكن تفهمه في حالات النزاع لكن في المقابل الإصرار على تهجير
المدنيين واقتلاعهم من أملاكهم وأراضيهم جزء من جريمة إيران وروسيا وخطوة لزرع عدم
الاستقرار في عموم المنطقة.
وعبر عضو الائتلاف
السوري عن الخشية من طول فترة النزوح "وهو الأمر الذي سيفاقم الأزمات
الإنسانية بعد وصول مدنيين إلى منطقة جديدة دون مأوى أو إعالة وبعد فقدانهم كل ما
يملكون إلا الثياب التي يلبسونها".
وعلى صعيد استهداف
مناطق المعارضة لاحقا بعد تجميع المعارضة قال مكتبي "الأسد يشعر بأريحية
نتيجة عدم وجود سياسات رادعة لكل الإجرام المرتكب وإفلاته من العقاب".
وشدد على أن الائتلاف
يصّر في المخاطبات والمراسلات الدولية لكافة الأطراف على ضرورة ضمان عودة النازحين
إلى المناطق التي هجروا منها و"عدم السماح لإيران بقصف ثمار هجومها وتسكين
واستيطان الغرباء بدلا من السوريين".
وكانت تقارير حقوقية
كشفت أن عدد المهجرين من الغوطة الشرقية
بعد العملية العسكرية التي شنها النظام بلغ أكثر من 175 ألف مدني.
وأشارت التقارير إلى
تهجير أكثر من 51553 ألف مدني من بلدات حرستا وزملكا وعربين وعين ترما وجوبر ودوما وحي القدم الدمشقي باتجاه
إدلب في الشمال.
ووصف مستشار الأمم
المتحدة للشؤون الإنسانية يان إيغلاند أن إدلب تحولت إلى "أكبر تجمع لمعسكرات
النازحين في العالم بواقع 1.5 مليون شخص".
ولا زال النظام السوري
يحاصر حتى الآن ما بين 80 – 150 ألف مدني في دوما وقام قبل 3 أيام بارتكاب مجزرة
بحق المحاصرين بواسطة الأسلحة الكيماوية قتل على إثرها أكثر من 150 شخصا وأصيب
العشرات بحالات تسمم كيماوي.
روسيا تخيّر درعا بين "مصالحة النظام" أو مصير أهالي الغوطة
لماذا انسحب فيلق الرحمن من الغوطة ورفض جيش الإسلام؟
مع هدوء جبهات سوريا.. هل تظهر خلافات روسيا وإيران للعلن؟