أثار فوز المرشحة عن حركة النهضة الإسلامية، سعاد عبد الرحيم، بمنصب رئيسة بلدية تونس المدينة -شيخ مدينة تونس- بعد تصدر الحركة المرتبة الأولى في بلدية العاصمة، حفيظة بعض النخب اليسارية في تونس والأوساط النسوية المدافعة عن حقوق المرأة.
وبالرغم من أن حركة النهضة لم تفصل بعد في منح هذا المنصب لمرشحتها، في ظل حديث في الكواليس عن إمكانية منح هذا اللقب لمرشح نداء تونس للمنصب ذاته كمال إيدير، في إطار سياسة التوافق التي تتمسك بها النهضة مع حليفتها في الحكم، غير أن هجوم عدة وجوه نسوية إعلامية وثقافية وسياسية على سعاد عبد الرحيم تصاعد عبر صفحات التواصل الاجتماعي، مبررين ذلك بمواقفها "السلبية" في عدة قضايا حقوقية نسوية، وفي مقدمتها قضية الأمهات العازبات والمساواة في الميراث.
وسخرت الفنانة المسرحية ليلى طوبال من كلمة مرشحة النهضة التي أهدت نجاحها في الوصول لمنصب شيخ مدينة تونس للمرأة التونسية، مضيفة في تدوينة لها: "المرأة التونسية الحرة لا تقبل هدايا من الإخوان".
بدورها، استعرضت الإعلامية والرئيسة السابقة لمعهد الصحافة وعلوم الأخبار، سلوى الشرفي، عبر تدوينة لها تاريخ وأصل تسمية منصب رئيس بلدية تونس الملقب بـ"شيخ المدينة"، منتقدة حصول من وصفتهم بالفاسدين لشرف تقلد هذا المنصب، مضيفة: "لا مجال لأردوغان في عاصمتنا".
وأردفت بتدوينة أخرى: "شيخ مدينة تونس -إخوانية- خوانجية ماشية على حل شعرها حكاية لن تجدها في مصر أو الجزائر".
ويرى الكاتب والصحفي هادي يحمد، في حديثه لـ"عربي21"، أن حركة النهضة من خلال اختيارها خلع جبة الحركة الإسلامية، والتحول لحزب مدني معاصر، بات مفروضا عليها أن تثبت من خلال مرشحتها سعاد عبد الرحيم تطابق أقوالها مع أفعالها، وأن تعلن مرشحة الحركة لرئاسة بلدية تونس صراحة دعمها ومساندتها لكل القضايا المتعلقة بحقوق المرأة ومساواتها مع الرجل.
وأضاف: "لا تزال النخب النسوية الحقوقية تنظر بعين الريبة والتوجس لمواقف سعاد عبد الرحيم من قضايا المساواة، ومدى تطابقها مع غالبية الرأي العام المهيمن على قيادات الحركة، بالتالي عليها أن تخرج وتعلن صراحة موقفها".
هجوم بعض النخب اليسارية على سعاد عبد الرحيم دفع ببعض القيادات في حركة النهضة للدفاع عنها، على غرار القيادي عبد اللطيف المكي، الذي أعلن صراحة مساندته لها كمرشحة لمنصب رئيسة بلدية العاصمة، مضيفا: "من يدعي الحداثة عليه أن يساند سعاد عبد الرحيم".
سعاد عبد الرحيم ترد على مهاجميها
وفي تعليقها على الهجوم الذي طالها من بعض الوجوه النسوية اليسارية في تونس، استنكرت سعاد عبد الرحيم، في حديثها لـ"عربي21"، ما وصفتها بحملة الافتراءات المغرضة ضدها، نافية أن يكون لها أي موقف سلبي، سواء ضد قضية الأمهات العازبات في تونس، أو فيما يتعلق بقضية المساواة في الميراث".
وتابعت: "في قضية المساواة في الميراث بين المرأة والرجل، كان لي موقف واضح، وهو أن الأمر أوكل إلى لجنة تم تعيينها من قبل رئيس الجمهورية، وما زلنا نجهل مخرجاتها، لكني مع ما صرح به رئيس الجمهورية برفع سقف الحريات، لكن دون أخذ قرارات صادمة تتعارض وهوية الشعب التونسي".
وفي سياق متصل، أكدت عبد الرحيم تمسكها بمنصب رئيسة بلدية تونس العاصمة، وقالت: "تم انتخابي لرئاسة بلدية تونس، وأنا متمسكة بتولي هذا المنصب من منطلق وفائي للأصوات التي منحتني ثقتها من التونسيين، لكن هناك أمرا آخر هاما جدا، هو مبدأ التوافق الذي تحرص عليه حركة النهضة مع شريكها في الحكم نداء تونس، ضمن وثيقة قرطاج، وفي إطار تحقيق مبدأ الاستقرار، وما تقتضيه متطلبات العمل البلدي على مستوى السلطة المحلية".
يشار إلى أن منصب "شيخ مدينة تونس" يحظى بأهمية بالغة في المشهد السياسي، وفي تكريس الحكم المحلي في البلاد، ولم يسبق لامرأة أن تقلدت هذا المنصب منذ الاستقلال، كما أن آلية الظفر بهذا المنصب موكلة أساسا لأعضاء المجلس البلدي الفائزين عن بلدية العاصمة، وذلك إما عن طريق الانتخاب أو التوافق أو التحالفات.
نسب التمثيل في بلديات تونس.. النهضة أولا (إنفوغرافيك)
هكذا قرأ محللون وسياسيون نتائج الانتخابات البلدية في تونس
كيف تفاعل المثقفون والسياسيون بتونس مع نتائج "البلديات"؟