تجددت الملاسنات والاشتباكات الكلامية مرة أخرى بين إيطاليا وفرنسا بسبب موعد الانتخابات الليبية، وسط استغلال من قبل روما لأحداث طرابلس المسلحة الأخيرة للهجوم على إصرار باريس إجراء العملية الانتخابية في ليبيا نهاية العام الجاري.
وهاجم وكيل وزارة الشؤون الخارجية في الحكومة الإيطالية، غوليلمو بيكي، تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأخيرة والتي أكد فيها إجراء الانتخابات الليبية وفقا للموعد المحدد في اتفاق باريس والمقرر في العاشر من كانون أول/ ديسمبر المقبل.
اشتباكات "طرابلس"
ووصف المسؤول الإيطالي، سياسة "ماكرون " في ليبيا بأنها "غير واقعية وتشبه سياسته الأوروبية، خاصة في ظل الاشتباكات المسلحة التي اندلعت مؤخرا في العاصمة طرابلس"، وفق صفحته الرسمية.
اقرأ أيضا: إيطاليا ترفض استقبال 170 مهاجرا بعد إنقاذهم في المتوسط
وجاءت تصريحات بيكي، ردا على ما صرح به ماكرون خلال مؤتمر لسفراء بلاده، والتي أكد فيها تصميمه على الدفع قدمًا بالاتفاق الذي أبرم بين مختلف الأطراف الليبية في مايو الماضي، وينص خصوصًا على إجراء انتخابات نهاية العام الجاري، كما قال.
وطرح الاشتباك الجديد بين البلدين بخصوص الملف الليبي، تساؤلات من قبيل: هل ستستغل إيطاليا أحداث طرابلس للنيل من توجهات باريس بإجراء انتخابات في ليبيا؟ ومن سيحسم الأمر لصالحه؟
مصلحة "إيني" وتوتال"
من جهته، قال عضو مجلس الدولة الأعلى الليبي، إبراهيم صهد إن "ما يجري بين فرنسا وإيطاليا من مماحكات حول الشأن الليبي هو صورة فاضحة للتدخل الخارجي في شؤون ليبيا، والأمر لا يتعلق بمصلحة ليبيا واستقرارها وإنما بمصلحة الدولتين "الاستعماريتين" ومصلحة إيني وتوتال"، حسب تعبيره.
وأشار في تصريحات لـ"عربي21" إلى أن "مصلحة ليبيا واستقرارها يكمنان في إنهاء المراحل الانتقالية وإقرار الدستور واتخاذ التدابير الأمنية الكفيلة بتمكين المواطنين من الوصول إلى صناديق الاقتراع والإدلاء بأصواتهم بكل حرية، وهذا يتطلب توحيد مؤسسات الدولة لإنجاز مشروع الانتخابات".
وبخصوص الانتخابات الليبية وموعدها، قال صهد: "العبرة ليست بتوقيت إجراء الانتخابات وإنما بإمكانية توفير المناخات لإنجاحها والأسس التي تقوم عليها، ومنها: دستور مقر من الشعب وأمن الناخب والصندوق، وما يروج له من إجراء انتخابات رئاسية فقط قبل إقرار الدستور لا يخدم استقرار ووحدة البلاد، وفق تقديره.
مشروع "الإمارات"
في حين أكد الكاتب والمحلل السياسي الليبي، محمد بويصير أن "إجراء انتخابات حقيقية الآن يحتاج إلى تقليص نفوذ الجماعات المسلحة وإلا فستكون هي صاحبة السلطة، فالملف الأمني يحتاج إلى معالجة عميقة قبل تصور حدوث أي تقدم في المسارات السياسية أو الاقتصادية".
وأضاف في تصريحه لـ"عربي21": "مقترح باريس التي ترقص على موسيقى الإمارات في ليبيا بسرعة الانتخابات ليس موضوعيا ولكنه يأتي لخدمة "حلفاء الإمارات" في ليبيا، لكن سيتغلب المنطق أخيرا وهو الرأي الأمريكي-الإيطالي بتأجيل الانتخابات"، حسب رأيه.
دعم التوجه الإيطالي
وقال الباحث السياسي الليبي، علي أبو زيد إن "الاتجاه الدولي بدأ ينسجم مع التوجه الإيطالي المدعوم أمريكيا في تأجيل الانتخابات، ورغم تصريح باريس بأنها مهتمة للمؤتمر الذي ستعقده روما في أكتوبر القادم بشأن ليبيا، إلا أن إيطاليا يبدو أنها تريد دعماً كاملاً من فرنسا بخصوص رؤيتها للحل في ليبيا".
اقرأ أيضا: ارتفاع حصيلة قتلى اشتباكات جنوب طرابلس بليبيا
واستدرك قائلا: "لكن يبدو أن الاشتباكات الأخيرة في طرابلس شكلت فرصة مواتية لتأكيد واقعية رؤية روما بأن الوضع الأمني والسياسي لا يسمحان بإجراء انتخابات في ظل الانقسام"، وفق تصريحه لـ"عربي21".
ورأى عضو حزب "العدالة والبناء" الليبي، إبراهيم الأصيفر أن "التباين في المواقف بين إيطاليا وفرنسا بخصوص ليبيا ليس جديدا، كون روما ترفض وبشدة تدخلات باريس في الملف كونها تعتبر إدارة المكلف حقا أصيلا لها وأنها مفوضة بذلك من قبل الدول الكبرى".
وفي تعليقه على استغلال إيطاليا لاشتباكات العاصمة الأخيرة، قال لـ"عربي21": "تريد إيطاليا بذلك إرسال رسالة للمجتمع الدولي عامة وفرنسا خاصة بأن الوضع الأمني في ليبيا ليس مهيئا لأي عملية تحول سياسي بحجم الانتخابات، وأنه لابد من تحجيم دور الجماعات المسلحة أولا"، حسب كلامه.
لماذا هددت البعثة الأممية "ميليشيات" ليبيا المسلحة؟
مؤتمر دولي في إيطاليا لحل الأزمة الليبية.. ما الخيارات؟
النايض يرحب بمشاركة إخوان ليبيا في الانتخابات.. ماذا وراءه؟