توقفت الاشتباكات الدامية في العاصمة الليبية طرابلس بعد الإعلان عن هدنة بين الأطراف المتصارعة، وسط تساؤلات عن صمود هذه الهدنة ومن سيضمن استمرارها خاصة بعد دخول قوات البنيان المرصوص على خط الأحداث.
وأكد وزير الداخلية بحكومة الوفاق الليبية، عبد السلام عاشور، بدء سريان هدنة ووقف إطلاق النار بين المجموعات المسلحة عقب جهود حثيثة من قبل لجان المصالحة الوطنية وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وفق بيان مقتضب.
التزام أم خرق؟
من جهتها، أعلنت قوات اللواء السابع (طرف رئيس في الاشتباكات) التزامها بوقف إطلاق النار والالتزام بالهدنة، في حين أكدت قوة الردع والتدخل المشتركة (طرف في الاشتباكات) بالالتزام أيضا باتفاق وقف إطلاق النار الذي تم إقراره بإشراف بعثة الأمم المتحدة "ولجان المصالحة"، بحسب صفحاتهم الرسمية.
لكن الصحفية من طرابلس أحلام الكميشي، أكدت لـ"عربي21" أن "بعض الخروقات وقعت صباح اليوم السبت بعدما سقطت قذائف على مقربة من السفارة الإيطالية وأخرى على منزل عائلة في منطقة "بن عاشور" قرب مقر مجلس الوزراء، دون معرفة من قام بذلك، وقالت إن الاشتباكات تجددت في طريق المطار أيضا.
فلول "القذافي"
في سياق آخر، أعلنت مجموعات مؤيدة لنظام القذافي أنها ستحتفل هذا العام بما أسموه "ثورة الفاتح من سبتمبر"، مستغلين أحداث طرابلس الأخيرة للتسويق أن النظام السابق كان أكثر أمنا وأمانا ولم يشهد هذه الصراعات أبدا، مطالبين بالسماح لهم بالاحتفالات، بحسب صفحاتهم.
وطرحت الهدنة بين المتقاتلين واستغلال الأحداث من قبل "فلول" القذافي، عدة استفسارات حول: من يضمن صمود الهدنة؟ وهل سيسمح لهؤلاء الفلول بالاحتفال نكاية في صراع الثوار السابقين على السلطة والنفوذ؟
تشكيل قوة جديدة
من جانبه، أكد الضابط برئاسة الأركان بطرابلس، العقيد عادل عبد الكافي، أن "الجهود لا تزال تبذل لإقناع المتقاتلين بوقف إطلاق النار ومناقشة الطلبات المطروحة وأهمها حل التشكيلات المسلحة الغارقة في فساد المال العام والتي زاد نفوذها وهيمنتها بسبب رئيس الحكومة فائز السراج وقراراته".
اقرأ أيضا: السراج: لن نسمح بوجود مليشيات مسلحة في ليبيا
وأشار في تصريحات لـ"عربي21"، إلى أن "دخول قوات "البنيان المرصوص" سيؤدي إلى تقوية صفوف القوى العسكرية للمنطقة الوسطى والغربية ما يمكنها من بسط سيطرتها على العاصمة لمنع الاشتباكات داخلها ومنع الخروقات"، بحسب كلامه.
وتابع: "كما تم الاتفاق أمس بين عسكريي مدينة مصراتة وبين البنيان المرصوص وقوة مكافحة الإرهاب على تشكيل قوة لبسط الأمن في طرابلس ومحيطها مع وجود تشكيلات قوية في الخطوط الخلفية حتى تمنع أي مؤامرات من أي جهة سواء من قبل فلول القذافي أم من خلايا حفتر"، بحسب تعبيره.
هدنة "منهارة"
لكن الكاتب والباحث السياسي الليبي، عز الدين عقيل رأى أن "الهدنة لن تطول وقد تنهار في أي وقت لأنها تعني وقف الحرب لحين استكمال التفاوض، ولو فشلت المفاوضات فستنهار الهدنة، والجديد هو دخول البعثة الأممية كطرف فيها وكذلك قوات الأفريكوم كضامن لاستمرارها ما يجعلنا ننتظر النتيجة".
وفي تعليقه على تأثير دخول قوات "البنيان المرصوص"، على خط الأحداث، قال عقيل لـ"عربي21": "أستبعد أن يسمح لهم بالدخول أصلا إلى طرابلس، لأن المليشيات بالداخل لن تسمح بدخول أحد، والبنيان المرصوص أصلا ليست قوات موحدة وفيها توجهات عدة"، حسب كلامه.
وبخصوص استغلال فلول القذافي للأحداث ودعوتهم للاحتفالات، أوضح أنه "من حق هؤلاء الاحتفال كون ثورة فبراير دعت للديمقراطية وحرية التعبير ولا يجب أن يتعرض لهم أحد بأذى، لكن المؤكد هو أن نظام القذافي انتهى بلا رجعة"، وفق رأيه.
ظهور قوات "حفتر"
من جهته، أوضح الإعلامي الليبي، أيمن خنفر، أن "دخول "البنيان المرصوص" إن لم يكن مدروسا فسيتم استغلاله من قبل قوات "الكرامة" بقيادة حفتر وستتقدم قوات الأخير في الاتجاه الغربي ولن تجد لها رادعا في ظل انشغال "البنيان" بأحداث طرابلس"، وفق تقديره.
اقرأ أيضا: تجدد الاشتباكات في مناطق جنوب العاصمة الليبية طرابلس
وبخصوص مؤيدي القذافي قال خنفر: "قد يحتفلون فعلا، لكن ليس بشكل كبير وعلني ودعوتهم ستكون ضعيفة كونهم مرفوضين وخاصة في شرق البلاد، كون عملية "الكرامة" ترى نفسها ثورة جديدة وهذا الأمر يعتبر مضادا لها"، كما صرح لـ"عربي21".
الناشط المدني الليبي، أحمد التواتي، أشار إلى أنه "إذا تمكنت قوات الوسطى "البنيان المرصوص" والقوات الغربية "الزنتان" من الدخول إلى طرابلس، وكانوا على درجة كبيرة من الانضباط والالتزام العسكري فسيسحب البساط من تحت أقدام كافة "المليشيات" المسيطرة الآن على العاصمة، ما يقوي موقف المجلس الرئاسي".
وأضاف لـ"عربي21": "والهدنة قد تصمد لو نجح التفاوض وتحققت مطالب الفريق الذي بدأ الأحداث من حصوله على جزء من الغنائم، أما مؤيدو "القذافي" فلا هدف ولا مشروع لهم، ويتغنون بالتناقضات لمحاولة إثبات أن الأمس أفضل لا أكثر، ولا ضير في احتفالاتهم ما لم تكن مسلحة وفوضوية"، وفق قوله.
قمع واعتقالات
من جهتها، أكدت الناشطة الليبية في مجال حقوق الإنسان، آمال الشويهدي، أن "مؤيدي ثورة "الفاتح من سبتمبر"، هم جزء لا يتجزأ من ليبيا ولا يمكن إنكار ذلك، واحتفالاتهم التي تمت بالأمس واليوم في داخل وخارج ليبيا وشاركهم فيها البسطاء المتضررون من مخرجات "فبراير" تؤكد ذلك".
وكشفت الشويهدي، وهي مؤيدة للقذافي مقيمة في أوروبا، لـ"عربي21"، أنه "تم القبض على مجموعات مؤيدة للقذافي أمس خلال احتفالاتهم في ساحات مدينة بنغازي (شرق ليبيا)"، مؤكدة أن "هناك تكميما للحريات وقمعا، بما يخالف ما دعت إليه "فبراير" من شعارات حول حرية التعبير وخلافه"، وفق وصفها.
ماذا بعد إطلاق عملية عسكرية جديدة في العاصمة الليبية؟
هجوم إيطالي جديد على سياسة "ماكرون" بليبيا.. ما النتيجة؟
لماذا هددت البعثة الأممية "ميليشيات" ليبيا المسلحة؟