أكد خبراء اقتصاديون أن إعلان الحكومة
المصرية، الاثنين، اقتراضها
مليار و350 مليون جنيه (76 مليون دولار) من البنوك المحلية بأجل يمتد من ثلاث لسبع
سنوات، وإعلان نيتها عن اقتراض 18 مليار جنيه أخرى ( مليار دولار) بأسعار فائدة تتراوح
بين 19.489% و19.99%، في شكل
سندات حكومية، يمثل خطرا جديدا على الموازنة التي
تجاوز الدين العام فيها 135%.
ويشير
الاقتصاديون إلى أن هذه القروض سوف تزيد أعباء المواطنين بفرض المزيد من الضرائب،
وتحصيل المزيد من الرسوم على الخدمات المختلفة لسداد القروض.
وتساءل
المختصون عن جدوى برنامج الإصلاح الاقتصادي للحكومة في ظل توسعها بالاقتراض،
وفشلها في تدبير موارد حقيقية بعيدا عن زيادة الضرائب، التي تمثل 75% في الموازنة
الحالية.
من
جانبه، أكد المستشار الاقتصادي السابق بالأمم المتحدة والخبير بمركز الأهرام
للدراسات الاستراتيجية والسياسية، إبراهيم نوار، لـ" عربي21"، أن
الحكومة اقترضت يوم الاثنين 1350 مليون جنيه بموجب سندات أصدرتها لأجل 3 سنوات
بقيمة 850 مليون جنيه، متجاوزة القيمة الاسمية للإصدار بمبلغ 100 مليون جنيه، كما
بلغت القيمة المقبولة للاقتراض من الإصدار الثاني لأجل 7 سنوات 500 مليون جنيه.
ويضيف
نوار أن البنوك طلبت أسعار فائدة فوق 18%، وسجلت تسويات الاكتتاب بمتوسط عائد يبلغ
18.32% سنويا، وأن الحكومة سوف تدفع العائد على السندات بكوبون يسدد كل 6 أشهر،
موضحا أنه بذلك ضمنت البنوك الحصول على عائد "مضمون" من الحكومة، أعلى
من سعر العمليات الرئيسية للسوق المفتوح لدى البنك المركزي، الذي يبلغ حاليا 17.25%.
وحول
تحديد فترة السداد من 3 إلى 7 سنوات، يؤكد "نوار" أنه أجل طويل تم
التوصل إليه لتبرير رفع سعر الفائدة، وسوف يمثل ضغطا إضافيا على الموازنة العامة،
كما أنه يزيد من الدين العام، وبالتالي فإن المواطن هو من سيدفع تكلفة ذلك، من
خلال فرض المزيد من الضرائب، سواء المباشرة أو غير المباشرة، في ظل تراجع معدلات
الاستثمار الأجنبي.
ويعلق
نوار على التناقض بين توسع الحكومة في إصدار السندات والاقتراض والتقارير التي
أشاد فيها صندوق النقد الدولي بأداء الحكومة الاقتصادي، بأن مصر اقترضت 12 مليار
دولار من الصندوق، وهي ملتزمة بشروطه وضوابطه، وأن الصندوق يقوم بمراجعة ذلك كل 6
أشهر، وبالتالي فالتوصيات التي خرجت من الصندوق كانت متعلقة بالتزام مصر بالضوابط،
والتي منها التأكيد على استدامة موارد تغذية المالية العامة للدولة.
ويشير
نوار إلى أن قيام وزارة المالية بتحصيل الضرائب العقارية بأثر رجعي مدته 4 سنوات،
ومقدما حتى كانون الأول/ ديسمبر 2018، يأتي تنفيذا لمطالب الصندوق، موضحا أن هذا
لا يعني أن الصندوق لم يحذر بشكل صريح من خطورة أعباء الدين العام على الأسواق
الناشئة وعلى الدول النامية بشكل عام، وحذر من خطورة
الديون السيادية والديون
المضمونة من الدولة بشكل خاص، كما يحدث بمصر.
ويضيف
الخبير الاقتصادي، سمير أبو الخير، لـ"عربي21"، أن
نظام السيسي يعتبر أذون الخزانة ملجأ سهلا لعلاج عجز الموازنة، وبالتالي لا يمر
أسبوع إلا وتقوم وزارة المالية بطرح أذون خزانة، باعتبارها أدوات دين قصيرة الأجل،
تستدين من خلالها الدولة مبالغ لتمويل عجز الموازنة.
ويضيف
أبو الخير أن هناك مشكلة تواجهها الحكومة منذ فترة في طرح السندات بالدولار
واليورو، حيث تراجعت نسبة إقبال الأسواق الدولية عليها، لتفاقم الدين العام
المصري، ولتراجع معدل الاستثمارات المحلية والأجنبية، بالإضافة للهزات المتوالية
التي تتعرض لها البورصة نتيجة المواقف السياسية للنظام الحاكم، وهو ما دفع الحكومة
للبحث عن أسواق أخرى لبيع سنداتها بطرحها
بعملات غير الدولار واليورو، وهو ما سيؤدي لمزيد من جنسيات الدائنين والمقرضين.
ويرى
أبو الخير أن التقارير الأخيرة للبنك المركزي المصري كشفت تضاعف الدين العام خمس
مرات منذ 2011، وأنه زاد بشكل كبير في عهد رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، الذي
اقترض في خمسة أعوام ضعف ما اقترضته مصر في خمسين عاما.
ويوضح
الخبير الاقتصادي أنه منذ تولي السيسي الحكم، في حزيران/ يونيو 2014 وحتى آذار/
مارس 2018، بلغ الدين المحلي (198.6 مليار دولار)، بما نسبته 86.8% من الناتج
القومي، وبلغ الدين الخارجي (88.1 مليار دولار)، بنسبة 36.8% من الناتج القومي،
لتصل نسبة الدين العام إلى 123.6% من الناتج القومي، وهي ديون جزء أساسي فيها يرجع
لزيادة إصدار أذون الخزانة والسندات الحكومية.
ويشير
أبو الخير إلى أن المواطن المصري يتحمل ما نسبته 700 دولار من هذه الديون، وهو
مبلغ مرشح للزيادة نتيجة التوسع في الاقتراض، كما أن الأجيال القادمة ستتحمله
كذلك، في ظل فشل الحكومة بخلق فرص استثمار حقيقية، وإصرارها على الضرائب كبديل
سريع لعلاج عجز الموازنة، ما جعل المصريين في مقدمة الدول الأكثر دفعا للضرائب.