لم يأخذ موضوع تحالفات الإسلاميين السياسية حظّه من البحث والدراسة، وذلك لأسباب عديدة منها طول أمد العزلة السياسية التي عاشها الإسلاميون بسبب تحالفات النظم الحاكمة مع بعض القوى السياسية، واستثناء الإسلاميين من هذه التحالفات، بناء على قواسم أيدولوجية مشتركة بين الأنظمة ونلك التيارات.
لكن، مع ربيع الشعوب العربية، ومع تصدر الحركات الإسلامية للعمليات الإنتخابية في أكثر من قطر عربي، نسج الإسلاميون تحالفات مختلفة مع عدد من القوى السياسية داخل مربع الحكم، وترتب عن هذه التحالفات صياغة واقع سياسي موضوعي مختلف، ما جعل هذا الموضوع يستدعي تأطيرا نظريا على قاعدة رصد تحليلي لواقع هذه التحالفات: دواعيها وأسسها وصيغها وتوافقاتها وتوتراتها وصيغ تدبير الخلاف داخلها، وأدوارها ووظائفها، وتجاربها وحصيلتها بما في ذلك نجاحاتها وإخفاقاتها.
يشارك في هذا الملف الأول من نوعه في وسائل الإعلام العربية نخبة من السياسيين والمفكرين والإعلاميين العرب، بتقارير وآراء تقييمية لنهج الحركات الإسلامية على المستوى السياسي، ولأدائها في الحكم كما في المعارضة.
اليوم يتناول المدير التنفيذي لـ "مركز العودة الفلسطيني" في بريطانيا طارق حمود المسار السياسي للحركة الإسلامية الفلسطينية، من زاوية محاولاتها بناء تحالفات سياسية مع باقي المكونات الحزبية الفلسطينية من منطلقين سياسي ومقاوم.
إسلاميو فلسطين.. جدلية الدين والسياسة والمقاومة (1من2)
تشكل الإسلام السياسي الفلسطيني منذ عقود، ويعود به البعض إلى بدايات تشكل شُعب الإخوان المسلمين قبل النكبة، ثم مشاركتهم الفاعلة في حرب 1948. ومع كل التفاصيل التاريخية التي يسردها الباحثون في هذا السياق، فإن بروز حركة "حماس" في أواخر الثمانينيات مثّل العنوان الأبرز لمقاربة مصطلح الإسلام السياسي مع استخداماته المعاصرة.
اقرأ أيضا: "حماس".. النشأة والهوية والمسار في مواجهة الاحتلال (1من2)
اقرأ أيضا: "حماس" ومنظمة التحرير ومأزق أوسلو.. التوافق الصعب 2من2
لقد سبقت حركة الجهاد الإسلامي حركة "حماس" في النشوء، إلا أنه ولأسباب تاريخية وعوامل تنظيمية فقد تصدرت "حماس" مشهد الإسلاميين في فلسطين، ويقف المشهد اليوم بين التنظيمين على انسجام كبير خاصة مع سيطرة "حماس" على قطاع غزة التي تمثل قاعدة الإسلاميين سواء من "حماس" أم غيرها. مما سبق فإن قياس سلوك "حماس" السياسي يمكن إدراجه على تعبيرات أوسع للإسلام السياسي في فلسطين بدرجة كبيرة من الراحة.
الانتخابات ونقطة التحول
لقد شكلت محطة الانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006 وما بعدها في الضفة الغربية وقطاع غزة نقطة تحول وبداية وعي جديد متبادل بين الإسلاميين أنفسهم ونظرائهم في التيارات الأخرى لواقعية وجود ومشاركة الإسلاميين في العملية السياسية. فبالرغم من كل التعقيدات في العلاقة بين الإسلاميين وخصومهم في تلك التجربة، إلا أن النتاج السلبي والإيجابي لها ساهم بتطبيع فكرة أحقية الإسلاميين في السعي السياسي للسلطة.
سبقت حركة الجهاد الإسلامي حركة "حماس" في النشوء، إلا أنه ولأسباب تاريخية وعوامل تنظيمية فقد تصدرت "حماس" مشهد الإسلاميين في فلسطين
اقرأ أيضا: نحو جبهة موحدة.. لدعم المقاومة الفلسطينية
"حماس" ومنظمة التحرير ومأزق أوسلو.. التوافق الصعب 2من2
"حماس" تعاملت مع الاحتلال بقدرية ومع غزة كجزيرة معزولة
الإسلام السياسي الفلسطيني.. الاحتلال إذ يفرض الأولويات 2/2