تشهد مدن تونسية تحركات احتجاجية ليلية، بدأت رقعتها في التوسع بمحافظات كتونس ومنوبة وصفاقس والقصرين، لم تخل بحسب السلطات من دوافع إجرامية وسط تخوفات من أعمال تخريب ممنهجة مع اقتراب الذكرى الثامنة للثورة.
وأوضح الناطق الرسمي باسم الحرس الوطني حسام الجبابلي لـ"عربي21" خروج الاحتجاجات الليلية بمناطق مثل جبنيانة وفوسانة وطبربة عن طابعها السلمي، لتتحول لأعمال عنف وقطع طرق ورشق بالحجارة والزجاجات الحارقة.
وأكد حجز وحدات الحرس سيارة تحمل أموالا وبطاقات شحن بمنطقة فوسانة من محافظة القصرين، فضلا عن مجموعة من الزجاجات الحارقة "مولوتوف"، كانت ستستخدم من قبل المحتجين في أعمال إجرامية، والهجوم على مراكز أمن.
وتوقع الناطق باسم الحرس تواصل أعمال الكر والفر بين المحتجين وقوات الأمن خلال الأيام القادمة، لافتا لإيقاف العشرات من مرتكبي أعمال الشغب.
وكان وزير الداخلية هشام الفراتي قد حذر من موجة احتجاجات تهدف لتخريب الممتلكات العامة والخاصة، بعد إقدام محتجين بمحافظة القصرين على تهشيم كاميرات أمنية مخصصة للمراقبة.
اقرأ أيضا : احتجاجات في صفاقس بتونس ومحتج يحرق نفسه
وجدّد الوزير مساندة السلطات للتحركات السلمية التي وصفها بالمشروعة، متوعدا بالمقابل بتتبع كل من يخالف القانون.
وفيما تتعالى دعوات من أحزاب ونشطاء مستقلين للاحتجاج على حكومة الشاهد وسياساتها الاقتصادية والإجتماعية الفاشلة، يتخوف آخرون من استغلال هذه التحركات من أطراف لزعزعة الأمن في البلاد وتصفية حسابات سياسية ضيقة.
وفي هذا الإطار يعتبر النائب عن كتلة "الائتلاف الوطني" وليد الجلاد أن الاحتجاجات السلمية مشروعة ومكفولة في الدستور، لكنه حذر بالمقابل من الاحتجاجات الليلية المدفوعة حسب قوله من لوبيات التهريب والإرهاب لبث الفوضى.
وأضاف لـ"عربي21": "لابد أن نفرق بين ثقافة الاحتجاج السلمي للمطالبة بالتنمية والتشغيل وبين التحركات الليلية المشبوهة في جنح الظلام لقطاع طرق يستهدفون أمن البلاد".
وأقر الجلاد بوجود محاولات من بعض الأحزاب للركوب على الاحتجاجات السلمية المشروعة وتوظيفها سياسيا لتصفية حسابات ضيقة مع حكومة الشاهد من خلال الدعوة لثورة جديدة وإسقاط الحكومة.
وختم قائلا: "هؤلاء هدفهم تأجيل الانتخابات والبحث عن التغيير بقوة الشارع وليس عن طريق الصناديق وقد أقروا بذلك في بيانات رسمية".
وكانت أحزاب يسارية معارضة قد دعت أنصارها للخروج إلى الشارع لإسقاط الحكومة، حيث أعلن "حزب العمال" في بيان رسمي عن التعبئة الشعبية العامة إلى حين "إسقاط كامل منظومة الفشل والعجز والتجويع والتطبيع". بحسب نص البيان.
ونشرت الجبهة الشعبية في وقت سابق – ائتلاف أحزاب يسارية معارضة- بيانا دعت فيه أنصارها للمشاركة بفاعلية في التحركات الشعبية، و"مواصلة الاحتجاج لوضع حد للمنظومة الفاسدة التي باتت تشكل خطرا على تونس وشعبها." حسب ما جاء في البيان.
وفي السياق ذاته، عبر الأمين العام لحركة الشعب، يسار معارض، زهير المغزاوي في تصريح لـ"عربي21" عن مساندة حزبه للتحركات الاحتجاجية، محذرا الحكومة من تشويه الاحتجاجات.
وتابع: "نندد بتصريحات وزير الداخلية الذي تحدث عن أموال توزع على المحتجين بهدف تشويه أي مطالب بالتنمية والتشغيل وندعو الشاهد للكف عن استعمال أذرعه الإعلامية لتأليب الشارع وشيطنة المحتجين".
وخلص إلى أن هذه الموجة من الاحتقان الشعبي نتيجة لخيارات رئيس الحكومة الخاطئة وانحيازه لمصالح لوبيات المال والأعمال مقابل تهميش الفئات الاجتماعية الهشة، داعيا الحكومة لمراجعة قانون المالية الذي وصفه بالجائر.
يشار إلى أن وزارة الداخلية كانت قد أطلقت دعوة لوسائل الإعلام وعموم التونسيين، للتثبت من صحة الفيديوهات والمعلومات المتداولة عبر الشبكات الاجتماعية "والتي تهدف في جزء منها للتحريض على الفوضى وزعزعة الأمن العام".
ماذا وراء الدعم السعودي لتونس.. هل يعمّق الانقسام الداخلي؟
القطيعة بين النهضة والنداء الحدث السياسي الأبرز في تونس 2018
ما دلالات زيارة الشاهد للرياض وبمرافقة وزير من النهضة؟