نشرت مجلة "
ذي
غلوباليست" الأمريكية تقريرا سلطت من خلاله الضوء على خدمة الرئيس الأمريكي،
دونالد
ترامب، لغايات
الكرملين الروسي ومساعدته على تحقيق مآربه وأهدافه على
الصعيد العالمي من خلال سياسته الخارجية المتهورة وقرارته التي لا تكون مدروسة في
أغلب الأحيان.
وقالت المجلة في
تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إنه بالتزامن مع اقتراب الكشف عن نتائج
تحقيق روبرت مولر بشأن التدخل الروسي في انتخابات سنة 2016 وصدور تقارير في هذا
الصدد في صحف مرموقة مثل واشنطن بوست ونيويورك تايمز، لا يمكن استبعاد أن يكون
دونالد ترامب عميلا للحكومة الروسية. وعلى الرغم من عدم وضوح الرؤية فيما يتعلق
بذلك، إلا أن العلاقة بين الروس والأمريكيين أصبحت واضحة بشكل يثير الكثير من
التكهنات.
وأضافت المجلة أن
السبب الحقيقي الذي يدفع دونالد ترامب إلى التوسط لفائدة
روسيا ودفعها لتحقيق
أهدافها على الصعيد العالمي هو رغبته في جعل الاقتصاد مواكبا للعصر، لكن طريقته
المعتمدة تصب في صالح روسيا عن غير قصد. وتقود الاستراتيجيات المتبعة من قبل ترامب
إلى تقويض الدور المركزي للولايات المتحدة في السياسة والاقتصاد والمجتمع
العالميين، مما يجعله عميلا لروسيا بشكل غير مقصود.
وبينت المجلة أن رغبة
ترامب في تقليل اعتماد حلف شمال الأطلسي على القوى العسكرية الأمريكية تفيد روسيا
بشكل كبير، حيث يرغب الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في إضعاف الناتو كي لا تكتمل
إجراءات انضمام أوكرانيا إلى الحلف. ونظرا لاستيائه من اضطرار بلاده للدفاع عن
أوروبا، ارتأى ترامب الانسحاب من العديد من المناطق حول العالم في مناسبات متعددة.
وانطلاقا من معارضة
روسيا لمركزية الدولار الأمريكي في الاقتصاد العالمي ومحاولة تصديها لهيمنة
الولايات المتحدة على المعاملات التجارية العالمية، يسعى بوتين للاستفادة من
القرارات الاقتصادية غير المدروسة التي يتخذها دونالد ترامب لزيادة تأثير بلاده
الاقتصادي على العالم والسعي نحو منح الروبل الروسي أهمية أكبر.
وأشارت المجلة إلى
مساعي الرئيس الأمريكي للعمل بالتوافق مع نظيره الروسي لهدم الهياكل التي تحكم
الاقتصاد العالمي. ولإن اختلفت الأسباب التي تدفع كلا الطرفين إلى محاولة تغيير
بنية الاقتصاد العالمي، إلا أن الرئيسين يعملان على خدمة مصالحهما الخاصة، حيث
يطمح ترامب إلى تعزيز الهيمنة الأمريكية من خلال الانسحاب من التحالفات
الاقتصادية، في حين يعارض الكرملين بشدة النظام الاقتصادي العالمي الذي تقوده
الولايات المتحدة رفقة حلفائها.
وذكرت المجلة أن توجه
دونالد ترامب نحو التودد إلى الحكام المستبدين الذين يديرون شؤون بلدانهم
وحكوماتهم بمنأى عن التدخل الخارجي، مثل كيم جونغ أون ومحمد بن سلمان وغيرهم، قد
يفيد الرئيس الروسي على نحو واضح. ويعني هذا التوجه أن بوتين سيمتلك حرية وشرعية
أكبر لممارسة كل ما يرغب فيه بشكل غير مرغوب من حكام الدول الأخرى.
علاوة على ذلك، ساعد
دونالد ترامب على تقريب الروس والإيرانيين من بعضهم البعض وإقامة تحالف وثيق بين
البلدين في الشرق الأوسط، كما أن قرار سحب القوات الأمريكية من سوريا سيعزز النفوذ
الإيراني لصالح ائتلاف روسيا وإيران. ونتيجة لذلك، يمتد النفوذ الروسي عبر الشرق
الأوسط مرورا من العراق وسوريا ووصولا إلى لبنان، مما يعني أن التحالف الإيراني
الروسي سيصبح قادرا على مقارعة التحالف بين الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة
العربية السعودية في المنطقة.
وأوردت المجلة أن
مسألة تغير المناخ تسبب الأرق لكل من بوتين وترامب وغيرهما من قادة الدول الفاعلة
في سوق الوقود الأحفوري، على غرار ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان. وانطلاقا من
سعيهما إلى حماية هذه الصناعة، يسعى الرئيسان الروسي والأمريكي إلى تحقيق المنفعة
المتبادلة من توسيع السوق للوقود الأحفوري والوقوف إلى جانب بعضهما البعض في وجه
الاتفاقيات التي تسعى لحماية المناخ وتقليل استخدام النفط والغاز.
وأفادت المجلة أن
الاعتداء على الديمقراطية يشكل قاسما مشتركا بين دونالد ترامب ونظيره الروسي، حيث
شن ترامب هجوما مباشرا على آليات الديمقراطية الأمريكية، فضلا عن القضاء والإعلام
والسلطة التشريعية في بلاده. وتُظهر العديد من الأدلة أن السياسة الداخلية التي
يتبعها ترامب تُضعف الديمقراطية الأمريكية، وهو ما يعتبره بوتين أمرا مفيدا للغاية.
ونوهت المجلة بأن
خيارات دونالد ترامب وسياسته المتهورة كانت حاضرة قبل خوضه غمار الانتخابات
الرئاسية سنة 2016، مما يعني أنه كان قد تبنى استراتيجيات وأيديولوجيات تخدم أهداف
الكرملين قبل تنصيبه رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية. وسواء كان مدركا لحقيقة
ذلك أو لا، فإن الرئيس الأمريكي يتبع العقيدة الروسية ويدعم المصالح الوطنية لروسيا
في العديد من مجالات السياسة.
وخلصت المجلة إلى أن
تحقيقات مولر ستلعب دورا حاسما في تحديد دور ترامب وعلاقته بالكرملين الروسي. وفي
حال ثبت أن الرئيس الحالي للولايات المتحدة تلقى أموالا من أصحاب المصالح في روسيا
أو تمكن من الحصول على معلومات سرية استفادت منها حملته الانتخابية لسنة 2016، فسيتجاوز
الأمر مجرد كونه أداة روسية.