نشرت صحيفة "التايمز" مقالا للكاتب مايكل بيرلي، يتحدث فيه عن استخدام السعودية المال لتحسين صورتها في العالم، قائلا إن مقتل جمال خاشقجي العام الماضي يناسب نمط السلوك المتهور من الرياض وليس استثناء.
ويبدأ بيرلي مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، بالقول: "ربما اعتقدت أن السعودية تحصل على نصيحة جيدة لتحسين سمعتها بعد سلسلة من الأزمات التي جلبتها لنفسها، فبعد هذا كله تنفق الرياض الملايين على اللوبيات وجماعات الضغط لتلميع صورتها".
ويتحدث الكاتب عن تعيين ريما بنت بندر آل سعود (44 عاما) سفيرة للرياض في واشنطن، التي حلت محل شقيق ولي العهد الأمير خالد بن سلمان (30 عاما)، بالإضافة إلى مؤتمر في واشنطن هذا الأسبوع؛ لمواجهة "الصور النمطية السلبية" حول طريقة معاملة السعودية للمرأة.
ويقول بيرلي: "إن التوقيت للأسف غير جيد، ويتزامن مع محاكمة 11 ناشطة دافعن عن حق المرأة بقيادة السيارة وطالبن برفع الحظر عنها، وضايقن السلطات عندما أشرن إلى أن السماح للمرأة بقيادة السيارة يعطيها الحق بالتحلل من وصاية الرجل، ووقف العنف المنزلي ضدهن".
ويشير الكاتب إلى أن من بين الناشطات لجين الهذلول، التي يقال إنها تعرضت للصعقات الكهربائية والتهديدات بالاغتصاب من أحد مساعدي ولي العهد الكبار في أثناء اعتقالها في سجن سري.
ويردف بيرلي قائلا إنه "منذ مقتل المعلق في صحيفة (واشنطن بوست) الصحافي جمال خاشقجي، على يد فرقة اغتيال مرتبطة بولي العهد، تم ضخ المال لشركات العلاقات العامة لتقوم بتخفيف وضعية محمد بن سلمان، أو كما يعرف بـ(أم بي أس)، بصفته منبوذا دوليا، فهو لا يستطيع زيارة أوروبا أو كندا أو الولايات المتحدة، والباب مغلق أمامه لزيارة الجزائر والمغرب وأندونيسيا وماليزيا".
ويقول الكاتب: "يأمل السعوديون، كما في الماضي، أن الأموال الكثيرة ستتحدث، وسيعودون سريعا إلى المسرح الدولي، وحققوا 12 مليار دولار من بيع سندات أصدرتها شركة (أرامكو)، وهي شركة النفط والغاز الوطنية التي تعد الأغنى في العالم".
ويستدرك بيرلي بأن "هذا بديل فقير عن تعويم نسبة 5% من أسهم الشركة الذي أجل، ولا يتوقع تنفيذه إلا في عام 2021، التي تريد السعودية الحصول منها على 100 مليار دولار لتمول خطط التحديث التي أطلقها (أم بي أس) تحت شعار (رؤية 2030)".
ويرى الكاتب أن إصدار سندات مالية هو طريقة للحصول على المال دون تدقيق من المساهمين، مقارنة مع تسجيل جزء من الشركة في السوق المالية.
ويعلق بيرلي قائلا إن "محمد بن سلمان يمكنه أن يعزي نفسه بالفيتو الذي اتخذه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي عارض فيه قرارا في الكونغرس يقضي بوقف الدعم العسكري الأمريكي للحرب السعودية في اليمن".
ويشير الكاتب إلى أن "المملكة متورطة في حرب اختارت أن توحل بها في اليمن، التي يقتل فيها 100 شخص أسبوعيا، لكن الكونغرس نجح في وقف عمليات توفير الوقود لمقاتلات التحالف وهي في الجو، فيما أوقفت ألمانيا والنمسا صفقات السلاح مع السعودية".
ويقول بيرلي: "اكتشف السعوديون أنهم لا يستطيعون قتل كاتب يعمل لدى جيف بيزوس، مالك شركة (أمازون) و(واشنطن بوست)، والإفلات من الجريمة، وقامت (واشنطن بوست) بالتحقيق في دور الشركات الأمريكية في تدريب قتلة خاشقجي، وأظهرت أدلة تكشف دور الشركات الإسرائيلية التي ساعدت قتلة الصحافي لمتابعته من خلال هاتفه النقال، ويجب أن تبحث عن أدلة عند أصدقاء السعوديين الجدد في جورجيا، الذين بدأت معهم علاقات دبلوماسية العام الماضي، ممن يملكون شركات متخصصة بالقتل".
ويجد الكاتب أنه "مع هذا كله فإن التصرفات السعودية المتهورة لم تتوقف، فقبل شنه هجومه على العاصمة الليبية طرابلس زار اللواء المتقاعد خليفة حفتر الرياض، وحصل على المال الذي يريده لشراء الجماعات المسلحة ورؤساء القبائل، ولا يهدد حفتر الحكومة التي تعترف بها الأمم المتحدة، بل إنه سيقوض جهود أوروبا لمنع تدفق المهاجرين عبر البحر المتوسط، وهذا كله يجعل السعودية مسؤولة عن الأزمة الإنسانية في ليبيا، وليس فقط اليمن".
ويلفت بيرلي إلى أن " المملكة فشلت في الوقت ذاته في جهود عزل قطر، فلم تطور طرق تجارة جديدة ومصادر للاستثمار، بل استقبلت النجوم العالميين، ومنهم ديان فون فيرستنبرغ وغيرها من قادة الأزياء في العالم، وقدمت أزياء لا يسمح لنساء الرياض بارتدائها في الأماكن العامة".
وينوه الكاتب إلى أن "الملك سلمان يواصل في الداخل دعم ابنه وولي عهده، إلا أن الملك أجبر على السفر أكثر مما كان يفعل في السابق، حيث اقتصرت رحلاته على المغرب وفرنسا، والسبب هو أن ولي عهده غير مرحب به، باستثناء لدى ترامب وفلاديمير بوتين، ويعرف الأخير بالتعامل مع الصحافيين الفضوليين، وربما زرع في عقل الأمير أنه يستطيع الإفلات من جريمة قتل خاشقجي".
ويبين بيرلي أن "التحقيق السعودي يتبع الطريقة الروسية: تعيين محققين تابعين للنظام، واعتقال مشتبه بهم يحاكمون في محاكم سرية، وتتبع ذلك عمليات تبرئة وأحكام في وقت ينحرف فيه انتباه العالم لأمور أخرى، وقد رفضت السعودية دور دول أخرى في التحقيق، مع أن خاشقجي كان مقيما في الولايات المتحدة، وحصلت الجريمة في إسطنبول، التي سجلت فيها المخابرات التركية تفاصيل بشعة عن الجريمة".
ويختم الكاتب مقاله بالقول إن "(أم بي أس) ووالده يأملان في أن تؤدي المليارات التي ينفقانها إلى قتل الاهتمام بالجريمة، إلا أن مقتل خاشقجي هو جزء من الأشكال السلوكية التي كشفت عن القلب المظلم للسعودية، وليس تراجيديا معزولة يمكن أن تختفي".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
هيل: سرية المفاوضات النووية مع الرياض تثير غضب الكونغرس
واشنطن بوست: 6 أشهر بعد مقتل خاشقجي والمحاكمة سرية
ناشر واشنطن بوست: 6 أشهر على قتل خاشقجي والعدالة لم تتحقق