نشرت مجلة "فورين بوليسي" تقريرا أعدته لارا سيلغمان، تقول فيه إن وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو أعلن هذا الأسبوع عن خطة لإنشاء قوة خفر في أعقاب التفجيرات التي حدثت في الخليج، لتجنيد شركاء الولايات المتحدة، والمساعدة في تقوية أمن الملاحة البحرية والسفن العابرة لمضيق هرمز ونقاط الاختناقات الأخرى.
ويستدرك التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، بأن الخبراء يتشككون في قدرة الولايات المتحدة في الحصول على حلفاء في منطقة الخليج وأوروبا وآسيا لتقديم المصادر اللازمة لإحداث تغيير وحماية السفن التجارية من التهديدات القادمة من طهران، وفي أكثر ممرات الملاحة الدولية ازدحاما.
وتنقل سيلغمان عن المحللة في مؤسسة "راند" بيكا واسر، قولها: "ستنتهي (الخطة) بمشروع أمريكي وبمشاركة حلفاء أوروبيين في العبء".
وتقول المجلة إن هناك مخاوف من أن تقود المبادرة الجديدة إلى تورط أمريكي في نزاع لو دخلت دول الخليج في مواجهة مع إيران، مشيرة إلى أن أنتوني كوردسمان، من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، تساءل عن قدرة القوة البحرية لبعض دول الخليج، قائلا: "يستطيعون الإبحار مع الناقلات، لكن لو واجهوا مشكلة تتعلق بها فإن السؤال هو من سيدعمهم وكيف".
ويشير التقرير إلى أن خطة إنشاء قوة خفر للناقلات ليست واضحة، بالإضافة إلى أن تفاصيلها غامضة، لافتا إلى أنه بحسب الخطة فإنه سيتم تزويد الناقلات العابرة لمضيق هرمز بالكاميرات والأجهزة الأخرى التي يمكن من خلالها مراقبة التهديدات القادمة من إيران والتأكد منها، فيما سيتم توفير سفن حراسة لمرافقة عدد من الناقلات.
وتورد الكاتبة نقلا عن مسؤول بارز في الخارجية رافق بومبيو في جولته إلى المنطقة وزيارته إلى السعودية، التي التقى فيها الملك سلمان وولي عهده محمد بن سلمان، قوله: "هذا بمثابة وضع عيون".
وتقول المجلة إنه ليس من الواضح أي من الدول ستكون مسؤولة عن توفير ونشر الكاميرات، ومن ستقدم القوارب المرافقة، مشيرة إلى أن المسؤولين في وزارتي الخارجية والدفاع لم يستجيبوا لطلبات المجلة للتعليق.
وينقل التقرير عن سوزانا مالوني، من معهد بروكينغز، قولها إن خطة "الخفر" هي "رد رمزي" على العدوان الإيراني الأخير في الخليج، وفي الوقت الذي قالت فيه إنها "لن تغير قواعد اللعبة من ناحية منع وردع" حوادث كهذه في المستقبل، لكنها وجدت أنها "أفضل " من ضربة عسكرية أمريكية.
وأضافت مالوني: "أعتقد أنه رد فعل حكيم وليس تجاوزا"، مشيرة إلى أنها في النهاية لن تؤدي إلى منع كامل لهجمات كهذه.
وتفيد سيلغمان بأن واسر أشارت إلى أن هناك قوة دولية للمهام الخاصة لحماية السفن التجارية في المنطقة من التهديدات الإرهابية، لافتة إلى أن مجموعة المهام الخاصة 150 تقوم في كل عام بمراقبة نقل أكثر من 27 مليون برميل نفط عبر الممرات البحرية من البحر الأحمر إلى خليج عمان، بما في ذلك نقاط الاختناق المهمة، مثل مضيق هرمز وباب المندب وقناة السويس.
وتلفت المجلة إلى أن 33 دولة تشارك في هذه القوة، بينها الولايات المتحدة وأستراليا وكندا وكوريا الجنوبية والدول الأوروبية، وليست فيها أي دولة خليجية، مشيرة إلى أن هناك مجموعة المهام الخاصة 152، التي تقوم بحراسة الخليج، وتضم الولايات المتحدة ودولا خليجية.
وتتساءل واسر: "لماذا نعيد اختراع العجلات؟"، في إشارة إلى خطة الخفر الجديدة، وتقول: "يبدو أن الولايات المتحدة تريد البداية من الصفر مع أن لديها الوسيلة والأدوات، لكننا لا نريد استخدامها".
ويورد التقرير نقلا عن خبراء، قولهم إن الشركاء من دول الخليج لديهم استعداد لتقديم الكاميرات، لكنهم لن يسهموا كثيرا في الوجود البحري ومرافقة السفن التجارية.
وتنقل الكاتبة عن واسر، قولها إن عددا من هذه الدول، خاصة السعودية والإمارات، تجاهلت بناء أساطيلها البحرية، وركزت عوضا عن ذلك على شراء المقاتلات وأنظمة الدفاع الصاروخية، وتضيف: "تطورهم وقدراتهم ضعيفة فلا يتوقع منهم القيام بدور مهم في برنامج للحراسة من ناحية مرافقة السفن وقدراتهم على توفير الإمكانيات الملموسة، التي تظل متدنية".
وتورد المجلة نقلا عن أليكس فاتنكا من معهد الشرق الأوسط، قوله إن السعودية والإمارات تحديدا ليست لديهما القدرة الكافية؛ بسبب تخصيصهما جهودا كبيرة للحرب في اليمن، وأضاف فاتنكا: "ليس هناك الكثير من القدرات في المخزن لو جئت فجأة إلى مكان مثل السعودية والإمارات وطلبت منهما حرف الانتباه إلى مضيق هرمز".
وينوه التقرير إلى أن واسر تحذر من أن دول الخليج قد تتحمس في البداية، وتخصص المصادر الكافية، لكن حماسها يفتر بعد فترة، تماما كما حصل في أثناء الحملة ضد تنظيم الدولة، قائلة: "لقد شاهدنا هذا الأمر من قبل"، وتشير إلى أنه بسبب قلة المصادر في المنطقة، فإن الولايات المتحدة قد تلجأ إلى مصادر إضافية من حلفائها الأوروبيين، خاصة من أولئك المشاركين في مجموعة المهام الخاصة 150.
وتنقل سيلغمان عن كوردسمان، تعليقه قائلا إن الدول الأوروبية قد لا يكون لديها حماس للعمل في مجموعة جديدة مع دونالد ترامب، خاصة بعد خروجه من الاتفاقية النووية الموقعة في عام 2015، فالدول الأوروبية والآسيوية التي تتعامل تجاريا مع إيران تحاول التزام الحذر في الأزمة الحالية، وأي دولة تعمل في وحدة مهام خاصة لمرافقة السفن قد تصبح في نظر إيران دولة معادية.
وتورد المجلة نقلا عن مالوني، تعليقها قائلة إن مشاركة الدول الأوروبية في قوة حراسة قد تكون "مكسبا سهلا" لها، وتضيف: "أعتقد أن هذا مكان جيد للأوروبيين ليظهروا فيه عزيمة ولتوسيع مستويات التعاون مع إدارة ترامب والدول المهتمة بالأمور الامنية بطريقة لا تورطهم في السياسة الأمريكية تجاه إيران".
وبحسب التقرير، فإن الولايات المتحدة قد تطلب من الدول الآسيوية المساهمة في قوة الحراسة، وإرسال قوارب لحماية السفن، خاصة أن هذه الدول تعتمد على النفط القادم من دول الخليج، فإحدى السفن التي تعرضت للتفجير في 13 حزيران/ يونيو كانت يابانية، كوكوكا كريجس.
وتنقل المجلة عن المساعد لوزير الخارجية للشؤون الأمنية في آسيا والباسفيك، راندال شرايفر، قوله إن الولايات المتحدة لم تبدأ في مناقشة الموضوع مع الحلفاء في آسيا، لكنه أضاف: "لدينا تاريخ جيد يشير إلى تقديم المساهمات في الماضي"، وأثنى شرايفر على الدول الآسيوية التي قررت الحد من شراء النفط الإيراني، كجزء من استراتيجية "أقصى ضغط" التي تمارسها إدارة ترامب على طهران.
وتختم "فورين بوليسي" تقريرها بالإشارة إلى أن واسر تقلل من قدرة الدول الآسيوية على المشاركة؛ نظرا للتهديد الذي تواجهه من الصين، بالإضافة إلى أن قدراتها البحرية ناشئة، وتقول إن "لديهم الكثير من الهموم في مجالهم البحري، وهناك مخاوف قريبة منهم.. يكرهون تحريك جزء من قواتهم خارج الباسفيك إلى الشرق الأوسط".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
أتلانتك: ما الذي تكشفه أزمة إيران عن القوة الأوروبية؟
WP: هل سيتمكن ترامب من إطفاء النار التي أشعلها مع إيران؟
إغناطيوس: كيف سيحسم الوقت المواجهة بين أمريكا وإيران؟