ملفات وتقارير

تراجع عدد سكان مصر لمعدل قياسي في 10 سنوات.. وهذه الأسباب

حسب بيان الجهاز، سجلت الزيادة الطبيعية للسكان 1.822 مليون نسمة في 2018 بانخفاض 188 ألف نسمة عن العام 2017- جيتي
سجلت الزيادة السكانية في مصر أدنى معدل لها في 10 سنوات، حيث أعلن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء تراجع معدل الزيادة السكانية في عام 2018 إلى أدنى مستوياتها، لتسجل 18.7 بالمئة.

وحسب بيان الجهاز الأحد، سجلت الزيادة الطبيعية للسكان 1.822 مليون نسمة في 2018، بانخفاض 188 ألف نسمة عن العام 2017.

وعلى مدار الفترة من العام 2009 حتى 2014، واصل معدل الزيادة ارتفاعه من 22.6 بالمئة إلى 25.2بالمئة، قبل أن يبدأ في التراجع تدريجيا، ليصل إلى هذا المعدل غير المسبوق منذ عقد كامل، ما يدفع لبحث الأسباب.

ويأتي ذلك التراجع بعد إعلان الجهاز المركزي، في تموز/ يوليو الماضي، عن ارتفاع حالات الطلاق بنسبة 6.7 بالمئة، وانخفاض نسب الزواج بنسبة 2.8 بالمئة لعام 2018، عنها في 2017.

ودأب رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي في لقاءاته على تحميل الزيادة السكانية سبب تضيع جهود الدولة بالتنمية، ففي 24 تموز/ يوليو 2017، قال في المؤتمر الرابع للشباب بالإسكندرية إن أكبر خطرين يواجهان مصر هما الإرهاب والزيادة السكانية".


وفي 29 تموز/ يوليو 2018، قال بالمؤتمر الوطني للشباب بجامعة القاهرة إن الزيادة السكانية مشكلة خطيرة، "ونحن ننطلق الآن لحل هذه المسألة التي تم إغفالها لسنوات".


وفي 11 تموز/ يوليو 2019، طالب السيسي بإجراءات حازمة لوقف الزيادة السكانية.


وأطلقت الدولة، ممثلة في وزارة التضامن الاجتماعي والصحة والأوقاف، مبادرة "2 كفاية" مستهدفة مليون أسرة بعشر محافظات معظمها بالصعيد -الأكثر إنجابا- لنشر التوعية بخطورة القضية السكانية، والاكتفاء بمولودين فقط.

وحسب أرقام رسمية سابقة، فإن عدد زيادة المواليد كشف عن استقبال مصر 4 مواليد كل دقيقة بنحو 2.6 مليون مولود جديد سنويا، ما يجعل النمو السكاني بمصر يعادل خمسة أضعاف مثيله بالدول المتقدمة.

لكن انخفاض معدل الزيادة السكانية مجددا يدفع للتساؤل حول أسباب التراجع.

"مصدر قوة وليس ضعفا"

وفي رؤيته، أكد المدير العام الأسبق لكلية التربية بجامعة بني سويف، الدكتور أحمد رشاد، أن "عدد السكان هو مصدر للريادة الصناعية والإنتاجية وتنمية الاقتصاد، ومصدر قوة ودفع للبلاد".

الأكاديمي المصري عزا في حديث لـ"عربي21" تراجع الزيادة السكانية إلى "الحالة الصحية والاقتصادية للمصريين، وإلى تراجع معدلات الزواج بسبب تكلفته المرتفعة، وبالمقابل ارتفاع معدلات الطلاق"، مشيرا إلى الضغوط النفسية التي يعيشها المصريون، بجانب "تراجع مستوى التعليم، وقلة الرواتب، وقلة فرص العمل".

"أربعة عوامل"

وحدد رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام " تكامل مصر"، الباحث مصطفى خضري أربعة عوامل أدت إلى تدني معدلات الزيادة السكانية في مصر.

مضيفا لـ"عربي21" أن العامل الاقتصادي لعب دورا في ذلك، فقد أصبحت عملية الزواج والإنجاب مشروعا اقتصاديا يجب حسابه قبل الإقبال عليه، خاصة مع عدم استشراف الشباب لوجود بادرة أمل قريبة.

أما العامل الثاني، حسب خضري، فهو ثقافة التغريب والنسوية التي تدعم الهدم التدريجي للأسرة، تلك الحملة التي اجتاحت مصر في السنوات الأخيرة، خاصة داخل مجتمع النساء؛ نتيجة الضغط الإعلامي متعدد الأزرع -برامج، دراما، أفلام، إلخ-".

وبين الباحث المصري أن تلك الحملة تأتي "تنفيذا لتوجيهات اتفاقية (السيداو) -وقعتها مصر في 18 أيلول/ سبتمبر 1981، بدعوى مكافحة التمييز ضد المرأة- التي يتبناها البنك الدولي كأحد أهم شروط المساعدات المالية لمصر".

أما العامل الثالث، وفق خضري، فهو انسداد الأفق السياسي أمام المجتمع المصري، ما أوجد حالة مسيطرة من اليأس والخوف من المستقبل، خاصة داخل مجتمع الشباب، مشيرا إلى أنه "وبالتالي، فقد انعكس ذلك على رغبات الزواج والإنجاب عند قطاع لا بأس به من المجتمع".

العامل الرابع يتمثل في تردي الحالة الصحية عند المصريين؛ نتيجة تلوث الهواء، والإهمال الحكومي للقطاع الطبي، وانتشار الأطعمة المسرطنة، وبالتالي فقد انخفضت الكفاءة التناسلية عند المصريين.

وأكد رئيس "تكامل مصر" أنه "وحسب دراسة حديثة أجراها المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام، منتصف 2019، فقد أظهرت المؤشرات أن 38 بالمئة من الرجال -غير المتزوجين- بالمرحلة العمرية (21-30 عاما) تستبعد فكرة الزواج في الوقت الحالي، وترتفع هذه النسبة إلى 41 بالمئة في المرحلة العمرية (30-40 عاما).

وعن أهم أسباب هذه الظاهرة، قال إن "الدراسة أوضحت أن 59 بالمئة منهم يستبعدون فكرة الزواج؛ بسبب الأحوال الاقتصادية، و21 بالمئة بسبب أحوال اجتماعية، و17 بالمئة بسبب الأحوال السياسية، و3 بالمئة بسبب عوامل أخرى كالمرض والسفر والتجارب الفاشلة".