نشر موقع "ميدل ايست آي" تقريرا للكاتب علي حرب، يقول فيه إن محكمة فيدرالية حكمت بعدم دستورية قائمة المراقبة للأشخاص المشتبه بعلاقتهم بالإرهاب، التي كان تقضي بوجوب التحقيق معهم بسبب وجود أسمائهم عليها.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن حسن شلبي لم يكن أكثر سعادة مما هو الآن، فهذا المحامي المسلم من فلوريدا كان على مدى الأربع عشرة سنة الماضية يشعر أنه مواطن من الدرجة الثانية، فكان موظفو الحدود الأمريكيون يقومون بالتحقيق معه في كل مرة يعود فيها إلى أمريكا بعد مغادرتها.
ويورد حرب نقلا عن شبلي، قوله في المؤتمر الصحافي، الذي أقامه مجلس العلاقات الأمريكية الاسلامية (كير) في واشنطن يوم الخميس، بعد يوم من حكم القاضي: "لم أشعر قط بمثل هذه السعادة وهذا الفرح".
ويلفت الموقع إلى أن "كير" قد رفع قضية عام 2016، نيابة عن 23 شخصا، بينهم شبلي، ضد مركز التحقيق في الإرهاب التابع لمكتب التحقيقات الفيدرالية، الذي يدير قاعدة بيانات في هذا الشأن، مشيرا إلى أن "كير" احتج بأن هذه القائمة تنتهك حق الفرد، وتمنعه من فرصة الدفاع عن نفسه بشكل سليم، أو الاعتراض وجود اسمه على القائمة.
ويفيد التقرير بأن الناشطين المسلمين الأمريكيين كثيرا ما اتهموا الحكومة الأمريكية بالتعامل مع مجتمعاتهم بالريبة والشك بعد هجمات 11 أيلول/ سبتمبر، وإنشاء قوائم تعسفية حدت من حرية حركتهم، ويقولون إن الحكومة شاركت معلومات من قائمة المراقبة هذه، التي يقدر "كير" أنها تحتوي على مليون اسم، مع البنوك ودوائر الشرطة، وحتى ملاجئ الحيوانات، ما يزيد من نشر السمعة السيئة.
وينقل الكاتب عن شلبي، قوله يوم الخميس إن حكم المحكمة "برأ" الأمريكيين المسلمين، وجلب شعور بالارتياح تجاه مخاوفهم التي دامت فترة طويلة، وأضاف أن الإجراءات الأمنية الإضافية التي كانوا يتعرضون لها في المطارات والمعابر، بسبب وجود أسمائهم على القائمة، "ليست دستورية" و"ليست أمريكية" و"ظالمة".
وقال شلبي، الملتحي الذي يعتمر قلنسوة، لـ"ميدل إيست آي": "لقد أصبحت نمطا، حيث كلما أردت السفر كان هناك ضباط مسلحون يأخذوننا إلى غرفة أخرى، وفي إحدى المرات وضعوا القيود في يدي للتحقيق معي ومعاملتي كأنني مجرم، بالرغم من أنني لم أرتكب خطأ"، وأضاف: "إن هذا في الواقع هو ما ألهمني أن أدرس المحاماة وأصبح محامي حقوق مدنية".
وقال شلبي، الذي يعمل مديرا لفرع "كير" في فلوريدا، للموقع إن القضايا التي تنبثق من القائمة تذهب إلى أبعد من المعاملة البغيضة لمسؤولي فرض النظام وشرطة الحدود، وأضاف: "عندما يتعاملون معك وكأنك مواطن من الدرجة الثانية عندما تسافر تشعر بأنك مواطن من الدرجة الثانية، وتشعر بأنك موصوم، وتشعر بأنك مستهدف.. إنها تشيطن المجتمع المسلم بأكملة".
ويورد التقرير نقلا عن قاضي المحكمة الجزئية، أنثوني ترينغا، قوله في حكمه يوم الأربعاء، إن قيود السفر المفروضة على من في قائمة المراقبة تشبه قائمة الممنوعين من الطيران، وهي قائمة حكومية يمكن استخدامها لحرمان أشخاص من الصعود إلى طائرة.
وينوه حرب إلى أن ترينغا، ومقره فرجينيا، أصدر حكما ضد قائمة الممنوعين من الطيران عام 2015، بعد عام من إصدار محكمة جزئية في أوريغون، حكما يقضي بأن إجراءات وضع أسماء الأشخاص على القائمة غير دستوري.
ويبين الموقع أنه في الوقت الذي لا تمنع فيه قائمة المراقبة لمكتب التحقيقات الفيدرالي السفر على الموجودين عليها، إلا أن كثيرا من الموجودين عليها يتجنبون السفر أو حتى الطيران في رحلات داخلية بسبب التحقيقات والإجراءات الأمنية التي يتعرضون لها كل مرة يسافرون فيها، بحسب ما قاله ترينغا في حكمه هذا الأسبوع، وشدد على أن حرية الحركة هي "حرية أساسية".
ويشير التقرير إلى أن القاضي كتب في حكمه أن الحكومة الفيدرالية تشارك القائمة مع 18 ألف من وكالات فرض القانون و533 مؤسسة خاصة متسببة بالضرر لسمعة الأشخاص الموجودين عليها، لافتا إلى أن ترينغا انتقد الأسلوب الذي تستخدمه الحكومة لوضع الناس على مثل هذه القوائم، وكتب: "ليس هناك دليل أو ادعاء بأن أحدا من المدعين ينطبق عليه تعريف (إرهابي معروف).. فلم تتم إدانة أي شخص أو توجيه التهمة إلى أي منهم في أي جرائم تتعلق بالإرهاب أو غيره".
وينقل الكاتب عن ترينغا، قوله إن هؤلاء الأشخاص يوضعون على قوائم "إرهابيين مشتبه بهم" بناء على "حكم غير موضوعي" قابل لحصول أخطاء، وأن "المحكمة تخلص إلى أن خطورة الحرمان الخاطئ للمدعين من السفر ومتعلقاته ومصالحهم في السمعة الجيدة، خطورة كبيرة، وأن الضمانات الإجرائية ليست كافية للتعامل مع هذا الخطر"، وأضاف أن النظام الحالي "يفشل في توفير الإجراءات القانونية الواجبة بشكل كاف دستوريا".
ويستدرك الموقع بأنه بالرغم من النقد اللاذع الذي وجهه ترينغا لقائمة المراقبة، إلا أنه ترك الأمر لمحامي الطرفين لاقتراح حلول للمشكلات التي تحدث عنها، ومنح محامي كل من "كير" والحكومة 30 يوما لتقديم مقترحات لمعالجة "الأمور العالقة" في القضية.
ويورد التقرير نقلا عن محامية "كير"، غدير عباس، قولها في المؤتمر الصحافي يوم الخميس إن الهدف الأول سيكون إزالة أسماء الأشخاص الأبرياء من قائمة المراقبة، وقالت عباس للمراسلين: "إن الأشخاص الأبرياء يجب ألا يكونوا عرضة لنظام خارج نطاق القضاء يصنف الأشخاص على أنهم مواطنون من الدرجة الثانية".
ويذكر حرب أن مكتب التحقيقات الفيدرالي رفض التعليق على القضية عندما قام موقع "ميدل ايست آي" بالاتصال به يوم الثلاثاء، مشيرا إلى أنه مع ذلك، فإن الحكومة احتجت في المحكمة بأن سرية القائمة تهدف إلى حماية الأمن القومي الأمريكي والتحقيقات الجارية، وهي حجة لا تقبلها عباس.
وقالت عباس لـ"ميدل إيست آي": "هذا يجعلنا أقل أمنا، وهناك الكثير من الأشخاص والكثير من الأموال التي تنفق في وضع هذه القوائم الغبية"، وأضافت أن المقياس لوضع شخص على القائمة "غير موجود"، أي أن بإمكان الحكومة تصنيف أي شخص بصفته "إرهابيا معروفا أو مشتبها به بالإرهاب"، مستدركة بأن النظام "موجه للمجتمع المسلم"، لذلك ينتهي به الأمر باستهداف القيادات الإسلامية الأمريكية والعلماء، بالإضافة إلى الأشخاص داخل الشبكات الخاصة بهم.
وقالت عباس إن الارتباط بشخص من الموجودين على القائمة قد يجعل اسمك مدرجا على القائمة.
وينقل التقرير عن المدير التنفيذي لـ"كير" نهاد عوض، قوله إن الناشطين المسلمين، بينهم هو، مستهدفون من قائمة المراقبة، وأشاد بقرار ترينغا واصفا إياه بأنه "تاريخي".
ويختم "ميدل إيست آي" تقريره بالإشارة إلى قول نهاد عوض للمراسلين: "اليوم هو يوم تاريخي للأمريكيين كلهم، خاصة المجتمع المسلم الأمريكي وكل من يؤمنون بالدستور الأمريكي والحق في الإجراءات القانونية".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
لوبلوغ: ما هي العلاقة بين الإسلاموفوبيا والعداء للسامية؟
غازيتا: لماذا فقدت أمريكا تفوقها العسكري في المحيط الهادئ؟
مهدي حسن: لماذا يتجاهل الليبراليون عداء بومبيو للإسلام؟