لم تعد التهديدات العنصرية الإسرائيلية مرتبطة بشخص واحد أو مسؤول بعينه في هرم كيان الاحتلال؛ فالأطماع التي يعبر عنها أحدهم هي نتاج مخزون كامل من السيطرة والاستيلاء والتخطيط لضم مناطق واسعة من الضفة المحتلة.
ورغم ما أفرزته نتائج الانتخابات من فشل لرئيس حكومة الاحتلال السابق "بنيامين نتنياهو" إلا أن تخوفات لدى الفلسطينيين ما زالت قائمة بالسيطرة على منطقة الأغوار وضمها بشكل رسمي لكيان الاحتلال.
خطة تنموية
وفي ظل تهديدات نتنياهو وبعد يوم واحد من عقده اجتماعا في منطقة الأغوار لتأكيد قرب السيطرة عليها؛ عقدت الحكومة الفلسطينية اجتماعها قبل عدة أيام كذلك في منطقة "فصايل" بالأغوار الشمالية في خطوة حملت رسائل عدة.
ويعتبر الناطق باسم الحكومة إبراهيم ملحم، بأن الاجتماع الذي عقدته الحكومة في الأغوار يحمل رسائل عدة أبرزها للمواطنين في تلك المنطقة بالدفاع عنهم وتقديم كل متطلبات الصمود لهم للبقاء في أرضهم وتمكينهم وإطلاق المشاريع والخطط التنموية لهم.
ويوضح لـ "عربي21" بأن الرسالة الثانية هي للاحتلال بأنه لا يمكن فرض وقائع على الأرض التي يسكنها الفلسطينيون، وأنه لا مكان لغطرسة القوة في الأغوار الفلسطينية والتي تعد جزءا أصيلا من مكنونات الأرض الفلسطينية.
ويرى بأن أي اعتداء على أي جزء فلسطيني يعتبر انتهاكا للقوانين الدولية؛ والسلطة الفلسطينية لن تتردد كما أعلن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إذا ما أقدم نتنياهو على ضم الأغوار؛ بأن تعتبر كل الاتفاقيات مع الاحتلال لاغية، وفق تعبيره.
اقرأ أيضا: مسؤول إسرائيلي: إعلان ضم الأغوار أصبع بعين ملك الأردن
ويشير إلى أن الحكومة وفي أول رد على تهديدات نتنياهو أعدت وقدمت خطة تنموية شاملة لتطوير منطقة الأغوار، حيث تهدف لتعزيز صمود المواطنين عبر مشاريع تنموية للبنية التحتية والزراعة وكافة المجالات التي تضمن بقاء الناس وتعزيز صمودهم في أرضهم.
بدوره يعتبر مسؤول العمل التنموي في الأغوار والناشط حمزة زبيدات بأنه إذا كان نتنياهو فشل في الانتخابات فإن الاحتلال لم يفشل في مخطط ضم الأغوار واعتبارها منطقة إسرائيلية.
ويوضح في حديث لـ"عربي21" بأن المرشح الفائز في الانتخابات الإسرائيلية إيلي جانتس كان تحدث كذلك عن ضم الضفة على مراحل ومن ضمنها الأغوار؛ وهذا ما يتكلمون به في الغرف المغلقة، كما أنه اتهم نتنياهو خلال دعايته الانتخابية بأنه سرق فكرته بضم الأغوار؛ وبالتالي حضر الأخير إلى المنطقة قبيل الانتخابات وأعلن شرعنة بؤرة استيطانية كي يثبت دعايته الانتخابية.
ويؤكد زبيدات بأن الاحتلال ضم الأغوار بالفعل وفرض السيادة عليها دون الحاجة إلى إعلان ذلك، وأن الحكاية كلها كانت دعاية انتخابية ولكنها مطبقة بالفعل على الأرض حتى أن الحكومة الفلسطينية لم تستطع عقد اجتماعها في منطقة فصايل إلا عبر تنسيق أمني ليسمح لها الاحتلال بالدخول إلى المنطقة.
ويتابع: "حتى المياه نحصل عليها من إسرائيل والسلطة غير قادرة على توفير المياه لمناطق ب التي هي تحت السيطرة الفلسطينية، وبالتالي من خلال المشاهدات تراجع إنتاج الزراعة الخضرية في الأغوار إلى النصف وتحولت إلى زراعة نخيل لأن الخضروات تحتاج إلى مياه بكميات وفيرة، والمصدر الوحيد للحصول عليها هو آبار قديمة لا يمكن استخدامها لأن مياهها أصبحت مالحة جدا".
ويقول إن الأغوار لم تعد سلة فلسطين الغذائية وإن هناك فرقا واضحا في الزراعة ما بين عام 2011 مثلا والآن، وذلك بسبب تراجع خطط تطوير الأغوار والتخاذل الفلسطيني، فأصبحت المشاريع كلها بهدف الحصول على المال وليس لتطوير المنطقة.
وفي ظل كل ذلك دعا زبيدات إلى تحويل الشعارات والخطابات التي تطلقها السلطة الفلسطينية إلى فعل على الأرض بحماية الأغوار فعليا، لأن الاحتلال قام بضم المنطقة وماض في ذلك عبر فرض السيادة الإسرائيلية وتطبيق القانون الإسرائيلي عليها وإدخال كافة الوزارات إليها، وهذا يعني حرمان آلاف الفلسطينيين من حقهم في البقاء في أراضيهم.
اقرأ أيضا: ردا على نتنياهو.. الحكومة الفلسطينية تجتمع في غور الأردن
ويشير إلى أن جزءا كبيرا من الأهالي هم من تضمنوا أراض زراعية وفي حال وضع حواجز وفرض سيطرة الاحتلال بشكل علني سيكون هذا ضاغطا عليهم للرحيل.
ويضيف: "المطلوب من الحكومة الفلسطينية بعد اجتماعهم الأخير دعم الزراعة تحديدا لأنها أهم شيء في الأغوار وكذلك دعم الإسكان ونقل معظم التركيز على منطقة الأغوار التي تحولت 95? من أراضيها إلى مناطق خاضعة لسيطرة الاحتلال الكاملة، وما تبقى من مناطق خاضعة للسلطة هي مدينة أريحا والمخيمات وقرى صغيرة، لذلك على الحكومة أن تفكر جديا في قضية الإسكان لأن الفلسطينيين الموجودين في مناطق ج يعيشون بلا مساكن وفي ظروف قاسية، وكذلك توفير الحياة الصحية المناسبة، وهذه ثلاث قضايا رئيسية لتثبيت أهالي الأغوار".
أما على المستوى الشعبي فيرى زبيدات أن المطلوب هو تشكيل حراك فلسطيني دائم بفعاليات لا تنتهي عند حدث معين، بل يجب أن يتم تحريك هذه المنطقة الخاملة سياسيا عبر العمل الجماهيري الشعبي لحماية الأرض وليس عبر مجموعة من النشطاء الذين يأتون من رام الله أو مدينة أخرى من أجل التضامن في حدث واحد، مبينا بأنه من الضروري تشكيل لجان شعبية للحفاظ على استمرارية زراعة الأغوار ومواردها الطبيعية.
ما تبقى من الأغوار!
وتعتبر منطقة الأغوار واحدة من المناطق الفلسطينية التي ينهشها الاحتلال بمخططاته الاستيطانية، فلم يتبق للأهالي سوى مساحات متواضعة يعيشون فيها بعدما كانت تلقب أراضيهم بسلة فلسطين الغذائية، كما تراجعت معدلات إنتاج المزروعات بسبب سياسات الاحتلال المتبعة هناك حتى دون الإعلان عن ضمها.
ويرى رئيس مجلس قروي المالح في الأغوار الشمالية عارف دراغمة بأن التخوفات ما زالت قائمة لدى أهالي الأغوار بالسيطرة على أراضيهم وضمها لكيان الاحتلال.
اقرأ أيضا: ماذا تعني وعود نتنياهو بضم إسرائيل لغور الأردن؟
ويشير في حديث لـ "عربي21" بأن ثلثي أراضي الأغوار تقع تحت سيطرة الاحتلال، وهناك تخوفات حقيقية من سيطرته على بقية الأراضي بمياهها وحدودها وما عليها، مبينا بأن الأهالي قلقون من إمكانية أن يتعرضوا لحالة قمع حقيقية واستيلاء على مزيد من الأراضي.
ويوضح بأن المستوطنين أقاموا مؤخرا أربع بؤر استيطانية على أراضي الأغوار ويستمرون بالتوسع الاستيطاني، كما يواصل الاحتلال انتهاك حياة الأهالي عبر التدريبات العسكرية وإقامة المعسكرات.
ويضيف:" منطقة الأغوار زراعية من الدرجة الأولى وتعتمد كثيرا على المياه التي يحاربنا بها الاحتلال، حيث يقوم بإغلاق فتحات أنابيب المياه وتجفيف مواردها القادمة إلى مناطق التجمعات الفلسطينية ومصادرة صهاريج المياه، هم يريدون اعتماد خطة تجفيف الأغوار كي يرحّلوا أهلها وبالتالي تسهل السيطرة عليها".
ويؤكد دراغمة بأن الاحتلال ما زالت لديه أطماع في الأغوار وهي ليست حديثة للاستيلاء عليها، حيث تعتبر بحرا من المياه والأراضي الخصبة وهي مناطق حدودية ذات أهمية جغرافية، مشيرا إلى أن أطماع الاحتلال في السيطرة عليها وطرد الفلسطينيين منها باتت شبحا يطارد أهلها بالتهجير القسري كون الاحتلال يضعها نصب عينيه ويضخ المستوطنين إليها ويلاحق المزارعين ويطرد الرعاة فيها ويحرم الأهالي من أبسط حقوقهم.
ويعتبر بأن المطلوب رسميا وشعبيا هو الوقوف أمام عنجهية الاحتلال وتوفير بنية تحتية تشجع المواطنين على الصمود والثبات في أرضهم وتوفير مشاريع مناسبة بما يلزمهم للحياة، إضافة إلى عمل سجل مؤرشف لانتهاكات الاحتلال والتقدم به لجهات حقوقية من أجل رفع قضايا عليه في المحاكم الدولية.
السلطة تتخذ إجراءات لـ"إفشال" توجهات نتنياهو لضم الأغوار
هكذا يُزوّر المستوطنون المقامات الإسلامية بالضفة لتهويدها
هكذا تفاعل نشطاء مع إسقاط طائرة مسيرة إسرائيلية بغزة (شاهد)