نشر موقع "بلومبيرغ" تقريرا للكاتبين دونا أبو ناصر ورودني جيفرسون، يتحدثان فيه عن الظروف الجديدة في السعودية، والتحرر الذي بات يعيش في ظله الشباب .
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى ما يجري في السعودية من تحولات نحو التحرر، التي بدت في المشاريع التي يقدمها شباب في "الظهران إكسبو"، فهناك شاب يريد صناعة زلاقات على الرمال للسياح، وأخرى تامل بالحصول على دعم لمشروع يسمح لأصحاب الاحتياجات الخاصة بممارسة السباحة وهم على كراسيهم المتحركة، فيما تعلق أخرى قائلة إن الفرق في عامين هو مثل "الجنون.. أخيرا أصبحت أشعر أنني يمكن أن أكون أنا".
ويفيد الكاتبان بأنه في الوقت الذي يهتم فيه العالم المالي باكتتاب شركة النفط السعودية "أرامكو" في 17 تشرين الثاني/ نوفمبر، إلا أن التغيير الحقيقي هو ما يقدمه "إكسبو الظهران"، وهو ما يمكن وصفه بالثورة، في إشارة إلى خطط ولي العهد السعودي محمد بن سلمان نقل المملكة إلى العالم الحديث، والعودة إلى الإسلام المعتدل، وتعهده بالقضاء على المتشددين "اليوم وحالا"، ففي ظل العلاقة بين آل سعود وآل الشيخ، أبناء مؤسس الحركة الوهابية، التي ظلت تتحكم في القضاء والتعليم والسلوك العام، كان على منظمي "إكسبو الظهران" الفصل بين الرجال والنساء، وكانت الشرطة الدينية "المطاوعة" ستمنع المرأة من الكشف عن وجهها أو أي جزء من جسدها.
ويلفت الموقع إلى أنه في عام 2016 منع كاتب كويتي كان يحضر توقيع كتابه في معرض كتاب الرياض، من الابتسامة؛ لأن غمازته تجعله مغريا عندما يبتسم، مشيرا إلى أن المطاوعة اختفوا اليوم، ولا يرون في أي مكان، وحل محلهم جيل يدفعه الحس الوطني أكثر من الديني.
وينقل التقرير عن مشاعل، وهي في الثلاثين من العمر، وكانت تقف خلف معروضاتها من جلد التمساح الملونة بلون العلم السعودي وغطاءات الهواتف المحمولة، التي تحمل صور ولي العهد أو العلم السعودي، قولها: "الهوية السعودية هي التي تمثلنا، أما الوهابية فليست لنا"، وتقول عن المطاوعة: "لقد اختفوا.. لأنهم ليسوا هنا نستطيع الكشف عن وجهنا الحقيقي".
ويعلق الكاتبان قائلين: "بلا شك، فإن السعودية ليست مثل الديمقراطية الليبرالية الغربية، فهي عالقة في حرب أهلية دموية في اليمن، وتعاني من تداعيات جريمة مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي العام الماضي، وتراجع حرية التعبير، وهي أمور مهمة مثل التغييرات التي أحدثها الحاكم الفعلي المستبد للبلاد".
ويذكر الموقع أن الحكومة الأمريكية وجهت في الأسبوع الماضي تهمة التجسس لصالح السعودية لموظفين سابقين في "توتير"، مشيرا إلى أن تركيز الحكومة اليوم هو عما يمكن للسعوديين عمله وما لا يمكن عمله، فالبدعة في السعودية اليوم هي أن تنتقد الدولة لا المسجد.
ويسجل التقرير الفرق بين الجو الخانق والمنفتح اليوم، من دور السينما إلى النشاطات في متنزه الملك عبد الله في الرياض، إلى قاعات الشيشة في الطابق العلوي في جدة، حيث بدأ رجال الأعمال يستثمرون الجو المنفتح أو التسامح، لافتا إلى أن هناك أحاديث يتداولها السعوديون عن رفع الحظر عن بيع الخمور، الذي قد يتزامن مع استضافة المملكة لقمة العشرين العام المقبل، وهذا كله يعتمد على قدرة الاقتصاد على تحقيق توقعات السكان، ممن هم في غالبيتهم تحت سن الخامسة والثلاثين.
ويقول الكاتبان إنه "في الوقت الذي يشعر فيه الشباب بالبهجة بجو الانفتاح الجديد، إلا أن ما يثير قلقهم هو الوهابية: أين ذهبت وهل ستعود مرة أخرى؟ والخطر هو ردة فعل من الشيوخ وأتباعهم الذين سيطروا ذات مرة على الكثير من الوزارات والمؤسسات الحكومية".
ويورد الموقع نقلا عن مدير الأبحاث في مركز الملك فيصل للدراسات الإسلامية، الأمير عبد الله بن خالد آل سعود، قوله: "هذه ثورة، والسعودية تقف عند منعطف حرج في تاريخها"، وأضاف أن "السماح للمتشددين الدينيين بنشر آرائهم القديمة يمكن أن يخلق نوعا من الاقتتال الداخلي وعدم الاستقرار، ولا أحد يريد رؤية هذا، ولهذا السبب هناك نقاش مشروع لضبط المجتمع في هذه المرحلة الانتقالية حتى نصل إلى شواطئ الأمان".
وينوه الموقع إلى أن حصار الحرم والثورة الإسلامية في إيران عام 1979 دفعا الدولة السعودية إلى تبني الوهابية بشكل متشدد، خاصة أن هذه المرحلة جاءت بعد فترة من الطفرة النفطية في السبعينيات من القرن الماضي، مشيرا إلى أن المسؤولين السعوديين والأمريكيين يرون أن تبني الوهابية بشدة كان عاملا في تنشئة أسامة بن لادن والخمسة عشر انتحاريا الذين شاركوا في هجمات 11/ 9 بعد عقدين تقريبا.
ويفيد التقرير بأن هناك اليوم مخاوف حول الكيفية التي سيرد فيها المحافظون على حالة الانفتاح، ويتساءل أكاديمي سعودي، رفض ذكر اسمه، قائلا: "السؤال الكبير الذي دائما أطرحه هو: أين ردة الفعل؟ ولماذا هناك صمت؟ وهل هناك رد فعل ضد هذا كله؟"، وأضاف أن القوى التي تتضرر من التغيير الحاد عادة ما تحاول الرد وانتهاز الفرص التي تملكها، مشيرا إلى أن المحافظين لم تعد لديهم الفرص لمواجهة التغيير.
ويقول الكاتبان إن الأمير محمد بن سلمان لا يمنح المحافظين فرصة الرد، فمنذ إعلانه عن رؤية 2030 الطامحة لإبعاد السعودية عن النفط، وفتح سوق العمل أمام المرأة، والسماح بقطاعات كانت ممنوعة مثل الترفيه والسياحة، بالإضافة إلى تحضير السعوديين أكاديميا في بلد تأثر فيه التعليم بالدين، هناك ملامح للنمو في مجال القطاع غير النفطي في الربعية الأخيرة من العام، وهو الأعلى منذ أربعة أعوام، كما يقول المسؤول الاقتصادي زياد داوود، لـ"بلبومبيرغ" في الشرق الأوسط.
ويفيد الموقع بأن صندوق النقد الدولي دعا في أيلول/ سبتمبر السعودية لسياسات مالية متشددة لحماية ميزانيتها في حال تراجعت أسعار النفط، ودعا إلى أهمية تنويع الاقتصاد لتخفيف حدة أي أزمة نفطية في المستقبل.
ويورد التقرير نقلا عن المدير التنفيذي للبنك الاستثماري "إثراء كابيتال" عيد الشمري، قوله إنه لو كان مستشارا لولي العهد لنصحه بالتركيز على خلق فرص عمل دائمة من خلال الاستثمارات والصناعات المحلية على المدى القريب، والتركيز على نوعية التعليم في المدى البعيد والمتوسط، وقلل من إمكانية حدوث ردة فعل طالما كان الاقتصاد قويا.
ويقول الكاتبان إن "هذا كله لا يعني أن السعودية تخلت عن هويتها التقليدية والدينية، فهي لا تزال بالأسود والأبيض، العباءة والثوب، وحتى في جدة، التي تعد أكثر انفتاحا من غيرها، فإن المرأة تتمشى مع زوجها وهي ترتدي عباءتها، وبين الشباب هناك قلة تعارض التغير وتعبر عن قلقها من السرعة التي يحدث فيها".
وينقل الموقع عن زياد، الطامح لصناعة زلاقات رمال، قوله إن "تخفيف القيود جيد، لكننا لا نريد التطرف، وبحاجة للحفاظ على ثقافتنا".
ويجد التقرير أن هذه تظل مواقف هامشية، في ظل التنافس على الاستفادة من الفرص الجديدة، فالفنادق أضافت ضريبة 5% على فترة "موسم الرياض"، الذي يشمل معارض وحفلات موسيقية، بالإضافة إلى حفلات في منطقة العلا، التي لم يكن يسمع بها أحد في الماضي، وهي مدينة الأنباط القديمة، مشيرا إلى أنه يسمع اليوم في السعودية صوت الروك والجاز وأغاني البوب التركية، وليس الصمت الذي فرضه المطاوعة.
ويشير الكاتبان إلى أنه بدلا من الفتاوى عن مصاحبة الرجل للمرأة والهجوم على الشيعة الروافض، فإن هناك اليوم سياسة ترحيب بالزوار، ومد يد خجولة للشيعة، وفتح الثروات الأثرية القديمة في محاولة لصناعة المال من المحظور والمدفون، فيما هناك مشاهد لنساء بالعباءات على دراجتهن الهوائية يظهر من تحتها الجينز، ورجل وامرأة يحتسيان كوكتيل شراب خال من الكحول، بالإضافة إلى معجبين ومعجبات سعوديين يصرخون في حفلات ماريا كاري وفرقة "بي تي أس" الكورية والنجوم العرب في متنزه الملك عبد الله.
ويورد الموقع نقلا عن ربة بيت، قولها إن النافورة في المتنزه كانت قبل عام ترقص على أنغام النشيد الديني.
ويختم "بلومبيرغ" تقريره بالإشارة إلى أن المشهد ذاته تشهده القطيف حيث التغير واضح في هذه المدينة الشيعية، ونقاط التفتيش على مداخلها فارغة، والحديث يدور بين سكانها عن الاقتصاد والعثور على وظيفة جيدة.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
الغارديان: إصلاحات السعودية ليست حقيقية ويناقضها القمع
"واشنطن بوست" تحذر من خطورة الاستثمار في أرامكو
التايمز: طرح أرامكو بالسوق المالية بأقل من تريليوني دولار