حسب وزارة الخارجية
المصرية، بلغ عدد المصريين في الخارج بنهاية عام 2017 نحو 10 ملايين و247 ألف مواطن، بزيادة 777 ألف شخص عما كان عليه عددهم في عام 2016، بنمو 8.2 في المئة، وهو النمو القادم من الزيادة الطبيعية للسكان إلى جانب استمرار سفر المصريين للعمل في الخارج، وهو ما تؤكده بيانات وزارة الداخلية المصرية من خلال أعداد الحاصلين على تصاريح للعمل بالخارج للمرة الأولى سنويا.
وأشارت وزارة الخارجية المصرية لتوزع عدد هؤلاء المصريين ما بين مناطق العالم، إلى استحواذ المنطقة العربية على نسبة 68 في المئة منهم، ودول الأمريكيتين 18 في المئة، والدول الأوربية 10 في المئة، والمنطقة الآسيوية وأستراليا 3 في المئة، والمنطقة الأفريقية بنسبة تقل عن النصف في المئة؛ بعدد 46 ألف فرد.
وكانت بيانات البنك المركزي المصري قد أشارت إلى بلوغ تحويلات المصريين العاملين بالخارج في العام الماضي 25.2 مليار دولار، بنمو 12 في المئة عن تحويلات العمالة في عام 2017، واحتلت تحويلات العمالة المركز الأول بين موارد النقد الأجنبي في العام الماضي، بنسبة تتخطى 22 في المئة، تليها القروض والودائع الأجنبية بنسبة 19 في المئة، وفي المركز الثالث الصادرات السلعية غير البترولية بنسبة 15 في المئة، والسياحة 10 في المئة والصادرات البترولية 10 في المئة.
تكرار دور الوزارة أيام السادات
وخلال السنوات الماضية احتفظت تحويلات المصريين بالخارج على المركز الأول بين موارد النقد الأجنبى في غالب السنوات منذ السبعينيات من القرن الماضي، التي اقترنت بالطفرة البترولية في دول الخليج والحاجة إلى العمالة لبناء نهضتها، مما ساعد على زيادة سفر المصريين للعمل في الخارج.
وعادة ما ينظر غالب الاقتصاديين إلى تحويلات العمالة في الخارج على أنها مورد بلا تكلفة، حيث يتم الحصول عليها نظير دفع رسوم التحويلات المصرفية فقط، بينما باقي موارد النقد الأجنبي فيها مكون ذو تكلفة. فالحصول على إيرادات من الصادرات السلعية يتطلب استيراد مواد خام ومواد وسيطة وعمليات تشغيل وإنتاج ونقل وشحن، قد تصل تكلفتها لأكثر من نسبة 60 في المئة من القيمة النهاية لتلك الصادرات، وهو ما يتكرر في باقي موارد العملات الأجنبية، حيث يحتاج الدخل من السياحة إلى الإنفاق على إقامة المنشآت الفندقية والعمالة فيها، والوقود ومستلزمات الإعاشة للسياح، ونقلهم من الخارج وعمليات الانتقال في الداخل.
الأمر الآخر، أن تحويلات العاملين بالخارج تكاد تكون المورد الوحيد الذي يتجه مباشرة إلى جيوب المصريين خاصة البسطاء منهم، بينما باقي الموارد إما تتجه إلى الحكومة أو إلى القطاع الخاص، بما يتضمنه من شركات أجنبية عاملة بالبلاد. فقناة السويس تتجه حصيلة عائداتها للحكومة المصرية، بينما حصيلة الصادرات البترولية تقتسم عائداتها الحكومة المصرية والشركات الأجنبية العاملة بمصر، كذلك تقتسم الشركات المصرية العامة والخاصة والأجنبية عائدات السياحة وعائدات تصدير السلع.
وكان الرئيس السادات قد أنشأ وزارة لرعاية المصريين بالخارج تركز نشاطها على عقد مؤتمر دورى لهم بمصر، لطرح مشاكلهم ومؤتمر آخر للعلماء المصريين في الخارج للاستفادة من جهودهم محليا، ثم تم إلغاء الوزارة لتقوم بدورها كل من وزارة القوى العاملة من خلال إحدى إداراتها، ووزارة الخارجية من خلال إحدى قطاعاتها، خاصة الشؤون القنصيلية الخاصة بتسجيل المواليد وكافة الأحوال المدنية، حتى أعاد النظام العسكرى إنشاء وزارة خاصة للهجرة والمصريين بالخارج في سبتمبر أيلول عام 2015، وتكاد تكون الوزارة الحالية قد كررت نفس الدور الذى قامت به أيام الرئيس السادات، من خلال عقد مؤتمر دوري للمصريين في الخارج لعرض مشاكلهم، ومؤتمر آخر للعلماء المصريين في الخارج، إلى جانب تخصيص خط ساخن للتواصل معهم لحل مشاكلهم.
أقل مخصصات لوزارة مصرية
ويتلقى هذا الخط الساخن الشكاوى من الساعة التاسعة صباحا وحتى الخامسة مساء عدا أيام الجمعة والسبت، رغم أنه من المعروف أن غالبية الدول الغربية تعمل يوم الجمعة، كما أن فروق التوقيت مع الدول الأخرى ربما لا تتوافق مع مواعيد العمل المصرية خاصة في دول الأمريكيتين وشرق آسيا.
ويظل السؤال: ما هو نصيب المصريين في الخارج من موازنة الحكومة المصرية بالعام المالي الحالي البالغة مصروفاتها 1.6 تريليون جنيه؟ لقد بلغت مخصصات وزارة الهجرة والمصريين بالخارج في العام المالي الحالي (2019/2020)، والذي بدأ مطلع تموز/ يوليو الماضي ويستمر حتى نهاية حزيران/ يونيو القادم، 25.3 مليون جنيه مصري، أي ما يعادل مليونا و574 ألف دولار أمريكي، والتي تعد أقل مخصصات لوزارة مصرية بين
الوزارات الثلاثة والثلاثين.
بل وأقل من مخصصات المجلس القومي لحقوق الإنسان الذي بلغت مخصصاته أكثر من 38 مليون جنيه، وهو المجلس الذي قام قبل أيام بالسفر إلى جنيف لحضور جلسة عرض الملف المصري الخاص بحقوق الإنسان أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان، والقيام بتفنيد كافة انتهاكات النظام لحقوق الإنسان، والزعم بالتزامه بتنفيذ تلك الحقوق في المجالات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية!
ومع ضعف الإمكانيات اقتصرت الخدمات التي تقدمها الوزارة للمصريين بالخارج من خلال موقعها الالكتروني، على عرض إشارة للمواقع الالكترونية الخاصة بالوزارات المختلفة التي يحتاجها العامليون في الخارج، ومنها بوابة الشكاوى الحكومية لمن لديه مشكلة في إحدى الجهات الحكومية، وبوابة الأزهر للفتاوى الالكترونية لمن لديه سؤال فقهي، وموقع وزارة الاستثمار لمن يريد التعرف على فعاليات الاستثمار في مصر، وموقع وزارة التعليم العالي لمن يريد إلحاق أبنائه بإحدى الكليات الجامعية.
وموقع التجنيد بوزارة الدفاع لمن لديه مشكلة خاصة بالتجنيد، وكذلك موقع وزارة الإسكان للراغبين في شراء وحدات سكنية من قبل وزارة الإسكان، إلى جانب موقع البنك الأهلي المصري للراغبين في إيداع أموالهم في البنك بالأوعية الادخارية المختلفة، سواء في الجنيه المصري أو بالدولار الأمريكي أو باليورو الأوروبي، دون تقديم خدمات خاصة بالمصريين في الخارج، الذين تختلف رغباتهم وأحوالهم حسب البلدان التي يقيمون فيها، وكذلك حسب مستواهم العلمي والاقتصادي والمهني، خاصة مع انقطاع الصلة بين الوزيرة وكثير من روابط المصريين بالخارج، خاصة التي تتحفظ على النظام العسكرى الحالي ولا تشارك في التجمعات التي تنظمها السفارات المصرية والأجهزة السيادية لاستقبال الجنرال عندما يزور تلك البلدان، بينما تزيد الروابط مع التجمعات المؤيدة للنظام المصري.
وعجزت الوزارة حتى الآن في إيجاد كيانات اقتصادية لامتصاص جانب من تحويلات المصريين بالخارج في شكل مشروعات إنتاجية وخدمية، مثلما تفعل الهند، بدلا من الشكل الحالي لتوظيف غالب تلك الأموال في الإنفاق الاستهلاكي على الأسر، وفي بناء وحدة سكنية أو منزل أو شراء قطعة أرض أو الذهب، إلى جانب استهلاك جانب كبير منها في الهدايا السلعية المتنوعة.