أثار
قرار رئيس سلطة الانقلاب، عبدالفتاح
السيسي، تعيين أربعة أعضاء بهيئة كبار علماء
الأزهر، بعد أيام من وفاة الدكتور محمد عمارة عضو
هيئة كبار العلماء بالأزهر، تكهنات بمحاولة
ملء الفراغ في الهيئة بموالين للنظام.
وأصدر
السيسي، الاثنين، قرارا بتعيين أربعة أعضاء جدد بهيئة كبار علماء الأزهر فقط، رغم قيام
شيخ الأزهر بترشيح ستة أعضاء في تشرين الأول/ أكتوبر 2018، حيث يملك السيسي
سلطة الموافقة أو الرفض، لكنه لا يملك سلطة الاختيار، ومن بين الأعضاء الحاليين: المفتي
السابق علي جمعة، والحالي شوقي علام، ووزير الأوقاف الأسبق حمدي زقزوق، المعروفين بمواقفهم
المؤيدة للنظام.
تتألف
الهيئة من عدد لا يزيد على أربعين عضوا من كبار علماء الأزهر من جميع المذاهب الفقهية
الأربعة يرأسها شيخ الأزهر، لكن وفاة الدكتور عمارة وآخرين، وإقصاء البعض كما حدث مع
رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يوسف القرضاوي، تقلص أعضاء الهيئة إلى 15 عضوا.
في عام
2012، قام الطيب بإعادة إحياء هيئة كبار العلماء، أعلى مرجعية دينية تابعة للأزهر،
بعد أن حلها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر في عام 1961، التي نشأت في عام 1911، حيث
تقوم الهيئة بعدد من الاختصاصات، أبرزها اختيار شيخ الأزهر، والمفتي، وتقديم الرأي
الفقهي والشرعي في قضايا المسلمين حول العالم.
سحب
صلاحيات كبار العلماء
يأتي
ذلك بالتزامن مع مناقشة البرلمان مشروع قانون مثير للجدل يمنح السيسي سلطة اختيار
المفتي بدلا من اختياره من قبل هيئة كبار العلماء، على غرار ما منحته التعديلات الدستورية
في 2019، من سلطة اختيار رؤساء الهيئات القضائية والنائب العام لمصر، وفي إطار الخلاف
بين الطيب والسيسي المستمر منذ 2014.
وحسب
مشروع القانون، فإن تعيين المفتي يتم بقرار رئيس الجمهورية، من بين 3 ترشحهم هيئة كبار
العلماء بالأزهر الشريف، منهيا بذلك الطريقة السابقة التي تم اعتمادها بعهد الرئيس
الراحل محمد مرسي بانتخاب المفتي عبر اقتراع سري لهيئة كبار العلماء برئاسة شيخ الأزهر.
ولم
يعلق شيخ الأزهر، ولا هيئة كبار العلماء على مشروع القانون الذي وافقت عليه اللجنة
الدينية بالبرلمان
المصري، الذي يهدف إلى تغيير طريقة اختيار المفتي، ولا على قرار
السيسي بالموافقة على أربعة أعضاء جدد بهيئة علماء المسلمين من أصل ستة تم ترشيحهم.
"من السيطرة
إلى تفريغ الأزهر"
العضو السابق بلجنة الفتوى بالأزهر الشريف، الشيخ هاشم إسلام، أكد أن
"محاولة إخضاع مشيخة الأزهر لسلطة الدولة تعود إلى والي مصر محمد علي؛ لأنه كان
المحرك الرئيسي للحركات الثورية والعلمية والدينية، فكان لا بد من السيطرة عليه، وعندما
قدم الاحتلال الفرنسي، ومن بعده الإنجليزي، استهدفا
الأزهر. ولما جاء عبد الناصر، ألغيت هيئة كبار العلماء، وأخضع الأزهر للسلطة التنفيذية".
واستنكر
الشيخ إسلام، في تصريحات لـ"عربي21"، سعي السلطات للسيطرة على "المؤسسة
الدينية العريقة التي تتمتع بمصداقية في نفوس المسلمين"، مشيرا إلى أن الهدف هو
تفريغ المؤسسة من صلاحياتها، وعدم تمكينها من أداء دورها، وتوجيهها سياسيا، "فالأزهر
ظل شامخا لقرون مستقلا، ومحاولات تطويعه لن تنقطع".
واختتم
حديثه بالقول: "الأصل أن الأزهر هيئة مستقلة، وأن يعود كما كان، وتعود له صلاحياته،
ولا تتدخل السلطة التنفيذية في قانونه ولا قراراته، ولكن ليس تفريغه من قوته ومحتواه،
وكانوا يقولون في الغرب: مادام القرآن ومدينة مكة والجمعة والأزهر الشريف فلا سبيل
لنا للقضاء على الإسلام".
"إحلال
القديم بالجديد"
وعلق
عضو لجنة الشؤون الدينية والأوقاف بالبرلمان المصري سابقا، محمود عطية، بالقول إن
"البلاد تسير سيرا واضحا لتكون كل مؤسسات الدولة، بما فيها الدينية، تحت رقابة
النظام، فلن يخرج أحد من فلك النظام؛ لأن البرلمان جاهز لتشريع أي قانون".
وأوضح
في حديثه لـ"عربي21": "لم يتبق حتى الآن غير هذه الهيئة (الأزهر)؛ لذا
التفكير ينصب على أن تكون تابعة تماما -مثل أي هيئة- للنظام؛ ليضمن أن كل من في البلد
في منظومة واحدة، فلا نجد أحدا يغرد خارج الصف".
ووصف
ما يجري داخل هيئة كبار العلماء بأنها محاولات "إحلال وتغيير لما هو قديم مخالف
لهوى النظام القائم، ويأتي بفريق صُنع على عينه وتحت أمره، ويسحب البساط من تحت قدمي
شيخ الأزهر. إضافة لما سبق، لن تكون هناك معارضة أبدا، فيصبح الدين في ثوبة الجديد
وفقا للخطاب الديني المطلوب، وعليه أرى أن البلاد تسير إلى منحدر خطير".
اقرأ أيضا: قانون جديد يسحب تعيين المفتي من الأزهر ويمنحه للسيسي