علقت صحف مصرية إصدارها الورقي بسبب أزمة انتشار كورونا، وما نتج عنها من عمليات إغلاق لقطاعات واسعة في البلاد، وسط خشية من تسريح العاملين فيها.
ومع تصاعد الأزمة الخاصة بفيروس كورونا المستجد "كوفيد 19"، اتخذت العديد من الصحف الأسبوعية المصرية، لا سيما الخاصة منها، قرارًا بالاحتجاب، ووقف طباعة النسخة الورقية، بالتزامن مع قرارات مجلس الوزراء للوقاية من فيروس كورونا؛ ومن هذه الإصدارات: "فيتو"، "اليوم الجديد"، "صوت الأزهر"، "إسكان مصر".
وطالب عدد من الصحفيين بضرورة الحفاظ على حقوق العاملين بالصحف الورقية، التي قررت التوقف عن الصدور بسبب تداعيات أزمة فيروس كورونا والتعلل بالتخوف من تأثير هذه الصحف سلبيا على صحة المواطنين، مؤكدين على ضرورة عدم اتخاذ هذه الأزمة ذريعة للتوسع في التوقف عن الصدور؛ سواء بانضمام صحف أخرى خاصة و حكومية أو استمرار التوقف فترة زمنية طويلة والتخلص من العاملين بها.
وطالبوا في تصريحات خاصة لـ "عربي21"بضرورة تدخل نقابة الصحفيين للحفاظ على حقوق العاملين بهذه الصحف والتنسيق مع الجهات المسئولة عن الصحافة والإعلام في مصر؛ سواء المجلس الأعلى للإعلام أو الهيئة الوطنية للصحافة؛ للوقوف على تطورات وانعكاس هذه القرارات على الصحفيين ومواجهة أي خلل في صرف مستحقاتهم، وضمان استمرارها.
وتسود الخشية في الأوساط الصحفية من أن تكون تداعيات فيروس كورونا ذريعة لوقف عدد آخر من الصحف الورقية والتخلص من العاملين بها؛ وهو ما أثاره عدد من النشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي، وقالوا إن أحاديث حول هذا الأمر كانت قد ظهرت قبيل أزمة فيروس كورونا؛ عقب اجتماع للهيئة الوطنية للصحافة؛ ناقش إمكانية دمج المؤسسات القومية ووقف الإصدارات الورقية أو الاكتفاء باصدار واحد لكل مؤسسة ؛خاصة أن هناك تراجع كبير في أعداد التوزيع بالصحف الورقية سواء الحكومية أو الخاصة .
تخوفات مشروعة
وفي تعليقهما على القرار ، قال صحفيان يعمل أحدهما بصوت الأزهر المتوقفة مؤخرا، وآخر بصحيفة "فيتو" إنه يمكن تفهم الظروف التي اتخذ فيها القرار؛ ولكن المشكلة تكمن في الاستمرار في القرار لفترة طويلة دون توفير بدائل أو ضمانات للعاملين بالصحيفة؛ من قبيل استمرار المرتبات أو العمل إلكترونيا.
اقرأ أيضا: مصر تعزل قرى ومدنا في حوالي 10 محافظات بسبب كورونا
وطالبا في حديثه لـ" عربي21" وفضلا عدم كشف هويتهما، بضرورة التنسيق مع الجهات المسؤولة سواء المجلس الأعلى للاعلام أو نقابة الصحفيين لطمأنة العاملين ، واستمرار رواتبهم وتدخل النقابة في حال حدث خلل في أي تعثر مالي.
أما حازم حسين عضو نقابة الصحفيين فقال على حسابه بفيس بوك : "إذا أوقفتم طباعة الصحف الورقية يبقى المنطقي وقف تداول الفلوس كمان لأن الفلوس ورق بردو وبيتم تداولها أكثر" .
وأضاف "إذا وقفتم طباعة الصحف الورقية دون وقف تداول الفلوس يبقى الهدف استغلال الوباء لإغلاق صحف بعينها.. ودي اسمها" حلوانة في سلوانة" يا مجلس أعلى لتنظيم الإعلام إنت والهيئة الوطنية للصحافة".
تحديات متعددة
وفي تعليقه علي هذه الإجراءات قال المستشار الإعلامى لحزب البناء والتنمية خالد الشريف:"أعتقد أن أزمة كورونا سوف ترسي أوضاعا جديدة سواء في السياسية أو الإعلام، حيث سيواجه الجميع تحديات وأزمات مالية كبيرة تتلاشى معها صحف ومؤسسات صحفية وإعلامية كثيرة، وهو ما يجب أن تتحرك فيه نقابة الصحفيين مبكرا لضمان حقوق أعضائها من هذه المؤسسات؛ التي من المحتمل توقفها عن العمل واستغلال بعض المؤسسات هذه الأزمة وإعلان التوقف الكامل والتخلص من العاملين بها".
وأشار الشريف في حديثه لـ "عربي21" إلى تحدي آخر يتمثل في رداءة المحتوى الإعلامي لهذه الصحف، فانصرف الناس عن شرائها؛ مقابل إقبال كبير على شراء كتب بعينها في معرض الكتاب لاحتوائها على مادة جيدة تجذب القراء؛ وهذا يؤكد أن القارئ يبحث عن الجيد وينصرف عن الأداء والمحتوى السيئ لهذه الصحف.
وربط ما سبق بأزمات تواجهها الصحافة الورقية منذ سنوات، منها قلة وندرة الموارد المتمثلة في الإعلانات والتى تعتبر المورد الوحيد للصحف؛ نظرا للتراجع الاقتصادي،وسيطرة الجهات السيادية في الدولة على السوق الإعلاني؛ واحتكار مؤسسات الجيش للاعلانات لصالح صحفها وقنواتها؛ بالإضافة إلى فقدان هذه الصحف للمصداقية وتحولها لأبواق رخيصة للسلطة ،وانسياقها لترويج الرسالة الإعلامية الموحدة وإقناع الجماهير بتلك الرسالة وبسياسة السلطة.
تدخل النقابة ضرورة
أما الوكيل الأول لنقابة الصحفيين سابقا رجاء المرغني فقد طالب نقابة الصحفيين بضرورة متابعة هذه التطورات والتعاون والتنسيق مع الأجهزة المعنية، سواء المجلس الأعلى للإعلام أو الهيئة الوطنية للصحافة بشأن هذه التوقفات للإصدارات الورقية لضمان حقوق الصحفيين العاملين بها وتأمينهم ماديا؛ سواء باستمرار صرف رواتبهم من جهات عملهم حال التوقف أو صرف بدل بطالة ؛ خاصة في ظل الظروف التي تمر بها مصر والعالم؛ جراء أثار فيروس كورونا.
اقرأ أيضا: "كارنيغي" يرصد توسع الاقتصاد العسكري بمصر بعهد السيسي
وربط المرغني في حديثه لـ"عربي21" بين هذه الإجراءات ومدى الأزمة التي تسبب فيها فيروس كورونا؛ بمعنى كلما طالت كلما كان هناك إجراءات أشد على كافة المؤسسات ومنها المؤسسات الصحفية، وبالتالي لابد من تدارس الموقف وإيجاد البدائل حال استمر توقف الإصدارات الورقية سواء لأسباب صحية أو لأسباب اقتصادية؛ لافتا إلى أزمة الصحف المصرية بشكل عام ومؤكدا على وجود انهيار في مجال الإعلام المصري لأسباب عديدة، منها سوء الإدارة وتراجع المحتوى وبالتالي انصراف القارئ وانخفاص كبير في التوزيع .
تمديد التوقف
من جانبه قال الكاتب الصحفى عصام كامل، رئيس تحرير جريدة "فيتو" الأسبوعية، إنّ قرار وقف طباعة النسخة الورقية مطبقٌ لمدة أسبوعين؛ الجارى والمقبل، وإذا كانت هناك قراراتٌ حكوميةٌ جديدةٌ احترازية من فيروس كورونا، فمن الممكن أن نمدّ أيضًا في قرار الاحتجاب عن التداول في السوق
ولكنه أكد في تصريحات صحفية على أنّ العمل يسري فى الصحيفة كما كان قائمًا قبل القرارات الحكومية الأخيرة، مؤكدًا أن النسخة الورقية تُطرّح كملف الـ"PDF" على الموقع الإلكتروني للجريدة؛ للوصول إلى أكبر عددٍ من القراء.
وأضاف أنّ النسخة الورقية تكون معروضةً للشارع، وعلى الأرصفة، وتتداول بين عددٍ كبيرٍ من الأشخاص، وبالتالي هناك خطورة من النسخة الورقية، لا سيما أنّ مصر لم تعمل على نطاقٍ واسع بالنسخ المطبوعة "المغلّفة"، مثلما يحدث فى الدول الأجنبية.
مخاوف من تحول مصر لبؤرة لوباء كورونا بسبب غياب الشفافية
الجيش المصري يستغل أزمة المطهرات أم يحلها؟
كيف التزم المصريون بقرارات غلق المحلات التجارية؟ (صور)