نشرت
صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تقريرا لمراسلها في البيت الأبيض قال
فيه إن الخبراء في "فوكس نيوز" وأعضاء الكونغرس الجمهوريين أعربوا عن
غضبهم على مدى أسابيع من منظمة الصحة الدولية لأنها أشادت بالطريقة التي تعاملت
بها الصين مع أزمة فيروس كورونا.
وحث
ستيفينبانون، كبير المستشارين الاستراتيجيين السابق للرئيس ترامب، في نشرته
الصوتية على الانترنت (بودكاست)، الرئيس ترامب بأن يوقف تمويل المنظمة، بحجة
علاقاتها "بالحزب الشيوعي الصيني".
وأكدت
الصحيفة في التقرير الذي ترجمته "عربي21" أن ترامب يريد إبعاد اللوم عن
فشله في مواجهة انتشار الفيروس باتهام منظمة الصحة العالمية بالتغطية على البلد
التي بدأ فيها انتشار الفيروس.
وقرار
ترامب يوم الثلاثاء بتجميد ما يقارب من 500 مليون دولار مساعدات لمنظمة الصحة
العالمية ونحن في خضم جائحة كان تتويجا لحملة من المحافظين ضد المنظمة، لكن إعلان
الرئيس ووجه بالإدانة من العديد منن الجهات.
وقالت
غرفة التجارة الأمريكية بأن إيقاف التمويل "ليس في صالح أمريكا". ووصفت
رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي القرار بالخطير و غير القانوني، فيما قال الرئيس
الأمريكي السابق جيمي كارتر بأنه "منزعج"، وأضاف إن منظمة الصحة
العالمية "هي المنظمة الدولية الوحيدة القادرة على قيادة الجهود للسيطرة على
الفيروس".
وتعمل
منظمة الصحة العالمية التي تم إنشاؤها عام 1948 على تعزيز الرعاية الصحية الأساسية
في أنحاء العالم، وللتمكين من الوصول إلى الأدوية الضرورية والمساعدة في تدريب العاملين
في الصحة. وخلال الطوارئ تسعى المنظمة التابعة للأمم المتحدة إلى التعرف على
التهديد وتحاول التخفيف من مخاطر التفشيات الخطيرة، وخاصة في الدول النامية.
وفي
السنوات الأخيرة، كانت أمريكا أكبر متبرع للمنظمة حيث تقدم لها 500
مليون دولار سنويا، مع أن 115 مليون منها فقط تعتبر ملزمة كجزء من الرسوم التي وافق
الكونغرس على دفعها كعضو، وباقي المبلغ هو عبارة عن تبرع لمكافحة بعض الأمراض مثل
الملاريا والايدز.
وحسب
الصحيفة فليس من الواضح كيف سيتم تجميد تمويل المنظمة، وقال الديمقراطيون الذين
يشرفون على المساعدات الخارجية في الكونغرس بأنهم لا يعتقدون أن ترامب يملك السلطة
بوقف الرسوم المترتبة على أمريكا للمنظمة من جانب واحد، وأشار المستشارون في
الكونغرس إلى تقرير مكتب مساءلة الحكومة في كانون ثاني/ يناير والذي توصل إلى أن
الإدارة لا يمكنها ببساطة إهمال التمويل المقر من الكونغرس لأوكرانيا لأن ترامب
ببساطة يريد ذلك.
وقال
مستشار كبير للديمقراطيين في مجلس النواب بأنهم يبحثون في خياراتهم على أمل إبقاء
المساعدات جارية. ولكن الديمقراطيين سلموا بأنه قد يكون بإمكان ترامب إيقاف
التبرعات الطوعية لبرامج صحية محددة عن المنظمة.
ونقلت
الصحيفة عن مسؤولين في البيت الأبيض قولهم إن ما حرك ترامب هو جزئيا غضبه المعروف
بشأن دفع الكثير من الأموال العامة للمنظمات الدولية مثل ناتو والأمم المتحدة، كما
أن ذلك يتفق مع انتقاد منظمة الصحة العالمية لسرعتها في قبول الإيضاحات الصينية
بعد أن بدأ الفيروس في الانتشار.
وأشاروا
إلى منشور على تويتر من منظمة الصحة العالمية بتاريخ 14 كانون ثاني/ يناير قالت
فيه إن الحكومة الصينية "لم تجد دليلا واضحا على انتقال فيروس كورونا المستجد
من إنسان إلى آخر"، كدليل على أن منظمة الصحة العالمية كانت تغطي لصالح
الصين. كما أشاروا إلى أنه في منتصف شباط/ فبراير أشاد مسؤول كبير في المنظمة بالصينيين
للقيود التي فرضتها والتي أصروا أنها بطأت في نقل الفيروس إلى بلدان أخرى، وقالوا:
"إن المقاربة الاستراتيجية والتكتيكية في الصين الآن هي المقاربة
السليمة".
وقال
ترامب لدى إعلانه القرار يوم الثلاثاء إن المنظمة "تدور في فلك الصين".
وقال
مشيرا إلى الرئيس الصيني شي جين بنغ: "قلت ذلك للرئيس شي.. قلت 'إن منظمة الصحة
العالمية تدور في فلك الصين". يعني مهما كان الأمر فإن الصين دائما على حق.
لا يمكن فعل هذا".
ويقول
خبراء الصحة العامة بأن سجل منظمة الصحة العالمية منذ أن بدأ الفيروس في أواخر
كانون أول/ ديسمبر كان مختلطا.
فقد دقت
المنظمة ناقوس الخطر مبكرا، كما أن مدير المنظمة كان يعقد إحاطة إخبارية يومية
تقريبا ابتداء من منتصف كانون الثاني/ يناير وكان يكرر الجملة: "لدينا فرصة بأن
نوقف هذا الفيروس، ولكن هذه الفرصة تضيق بسرعة".
ولكن
المسؤولين الصحيين العالميين والزعماء السياسيين – وليس ترامب فقط – قالوا بأن
المنظمة كانت مستعدة لقبول المعلومات التي قدمتها الصين، والتي لم تقدم لحد الآن
أعدادا دقيقة حول عدد الناس الذين أصيبوا وماتوا خلال التفشي الأولي في البلد.
وقال
سكوت موريسون، رئيس وزراء استراليا، الأربعاء، بأنه "يصعب فهم" قرار
منظمة الصحة العالمية أن تصدر بيانا تؤيد فيه قرار الصين بالسماح لإعادة فتح
الأسواق التي تباع فيها الحيوانات الحية والحيوانات البرية والتي بدأ فيها انتقال
الفيروس إلى البشر.
وفي
اليابان أشار تارو اسو، نائب رئيس الوزراء ووزير المالية، إلى أن البعض بدأ يسمي
منظمة الصحة العالمية "منظمة الصحة الصينية".
ولكن
دفاعا عن منظمة الصحة العالمية أشار الدكتور مايكل ريان، المدير التنفيذي لبرامج
الطوارئ فيها، الأربعاء، إلى التحذيرات الأولى الصادرة عنها.
وقال
للمراسلين: "لقد حذرنا العالم في الخامس من كانون ثاني/ يناير".
وقد
عبر مدير المنظمة الدكتور غيبريسوس عن خيبة أمله بسبب قرار ترامب أن يجمد التمويل،
وقال إن "منظمة الصحة العالمية لا تكافح فقط كوفيد-19، نحن أيضا نعمل على
مكافحة شلل الأطفال والحصبة والملاريا والإيبولا والايدز والسل وسوء التغذية
والسرطان والسكري والأمراض النفسية والعديد من الأمراض والحالات الأخرى".
وأكدت
الصحيفة أن قرار ترامب بمهاجمة منظمة الصحة العالمية يأتي في وقت يعاني فيه من
النقد الشديد محليا لفشله في مواجهة الفيروس، الذي قتل حتى يوم الأربعاء أكثر من
28000 شخص وأصاب ما لا يقل عن 600 ألف شخص في أمريكا.
وتجاهل
الرئيس الفيروس علنا طيلة شهر كانون ثاني/ يناير ومعظم شهر شباط/ فبراير حيث قال
بشكل متكرر إن الفيروس تحت السيطرة. وفي أواسط شهر شباط/ فبراير قال إنه يأمل أن
الفيروس سيختفي "بشكل إعجازي" عندما يصبح الجو دافئا.
ومنع
ترامب السفر جزئيا من الصين في أواخر كانون ثاني/ يناير، وهو ما ساعد على تأخير
الانتشار الواسع للعدوى بحسب خبراء الصحة. ولكنه أيضا ترأس حكومة فشلت في توفير
أجهزة الفحص واللوازم الطبية وقاومت الدعوات للتباعد الاجتماعي مما سمح للفيروس
بالانتشار لعدة أسابيع حساسة.
ولقي
قرار ترامب تجميد تمويل منظمة الصحة العالمية التأييد من أقرب مستشاريه، بمن فيهم مستشاره للشؤون
التجارية بيتر نافارو، وأعضاء رئيسيين في مجلس الأمن القومي، والذين كانوا دائما
متشككين تجاه الصين.
وقدم
ترامب نفسه كالعادة رسائل متعارضة حول الصين، حيث كرر كيل المديح للرئيس شي حتى في
الأوقات الذي كان يشن فيها حربا تجارية شرسة.
وغرد
ترامب في 24 كانون ثاني/ يناير: "إن الصين تقوم بعمل جاد لاحتواء فيروس
كورونا.. وتقدر أمريكا كثيرا جهودهم وشفافيتهم".
وفي
اجتماع لفريق مواجهة الفيروس يوم الجمعة سأل ترامب كل الأطباء الحاضرين عن منظمة
الصحة العالمية، بحسب مسؤول حضر الاجتماع، فقال الدكتور انتوني فوسي، كبير خبراء
الأمراض المعدية إن المنظمة تعاني من "مشكلة صينية" ثم وافق معه الآخرون
على الطاولة، بمن فيهم الدكتورة ديرا بريكس، منسقة الجهود ضد الفيروس والدكتور
روبرت ردفيلد، مدير مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.
اقرأ أيضا: AP: وثائق تكشف إخفاء الصين تفشي "كورونا" 6 أيام
ولكن
منتقدي الرئيس هاجموا توقيت الإعلان، قائلين إن أي تقييم لمنظمة الصحة العالمية
يجب أن يؤجل حتى ينتهي الخطر.
ومن بين
أولئك الذين يشككون بقرار الرئيس الدكتورردفيلد الذي أشاد بمنظمة الصحة العالمية
خلال ظهور له على قناة (سي بي اس) قائلا إن الأسئلة المتعلقة بما فعلت المنظمة
خلال الجائحة يجب أن تترك إلى ما "بعد أن نعبر هذا".
وقال
الدكتور ردفيلد بأن منظمة الصحة العالمية بقيت "شريكا على المدى الطويل
لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها"، مشيرا إلى الجهود في مكافحة
الإيبولا في أفريقيا والتعاون لحد انتشار فيروس كورونا. وأضاف بأن أمريكا ومنظمة
الصحة العالمية "عملتا معا لمكافحة الأزمات الصحية في أنحاء العالم ونستمر في
فعل ذلك".
وقالت رئيسة
مجلس النواب إن ترامب يتصرف "بمخاطرة كبيرة على حياة ومعيشة الأمريكان والناس
في أنحاء العالم".
وقالت غرفة التجارة الأمريكية في بيان لها بأنها
تدعم إصلاح منظمة الصحة العالمية مستدركة أن "قطع تمويل المنظمة خلال جائحة
كوفيد-19 ليس في صالح أمريكا إذا ما اعتبرنا الدور المهم الذي تلعبه المنظمة في
مساعدة البلدان الأخرى، وبالذات البلدان النامية، في مكافحتهم للمرض".
وقال
بيل غيتس، مؤسسة شركة ميكروسوفت وبعدها المؤسسة العالمية للصحة، في تغريدة له إن
قرار إنهاء التمويل "خلال أزمة صحة عالمية هي بالخطورة التي تبدو".
وأضاف:
"إن عملهم يبطئ انتشار كوفيد-19 وإن توقف ذلك العمل لا تستطيع أي منظمة أخرى
أن تحل مكانهم. إن العالم بحاجة إلى منظمة الصحة العالمية اليوم أكثر من أي وقت
آخر".
في ظل الوباء.. هل يمكن أن يبقى ترامب رئيسا دون انتخابات؟
مظاهرات في شرق ليبيا ضد حفتر رغم القبضة الأمنية
كيف انفرط عقد مصابي "كورونا" بالجيش المصري إلى وفيات؟