بعد تكليف مصطفى الكاظمي بتشكيل
الحكومة العراقية، تصاعدت الخلافات بين القوى السياسية الشيعية الداعمة له،
والفصائل المسلحة الرافضة لترشيحه، التي أصرت على اتهاماتها السابقة بتورطه في
مقتل الجنرال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس.
ويصف البعض تلك الخلافات بأنها صراع
على النفوذ، واحتكار القرار السياسي بالبلد، فيما رآها آخرون أنها لا تخرج عن إطار
تبادل الأدوار بين البيت السياسي الشيعي، حتى يتمكنوا من تمرير حكومة الكاظمي وفق
شروطهم.
"لجنة استشارية"
من جهته، قال النائب مختار الموسوي عن
تحالف "الفتح" بزعامة هادي العامري إن "جميع قيادات البيت السياسي
الشيعي اتفقت، الأربعاء، على تشكيل لجنة
استشارية خاصة للعمل مع رئيس الوزراء المكلف مصطفى الكاظمي لتشكيل الكابينة
الوزارية".
وأضاف النائب الموسوي، في حديث
لـ"عربي21"، أن "الكاظمي حظي بالتكليف الشرعي حتى من المرجعية
الدينية في النجف، ولا شك أن تخرج أصوات معترضة من هنا وهناك، وتصل الاعتراضات هذه
إلى وسائل الإعلام".
وبخصوص الاتهامات التي توجهها بعض
الفصائل للكاظمي، خصوصا فيما يتعلق بمقتل سليماني والمهندس، قال الموسوي إن
"اجتماع الأربعاء حسم الموضوع بأن من يتهم عليه تقديم دليل يثبت صحة اتهاماته
ضد رئيس الحكومة المكلف".
يشار إلى أن مليشيات "كتائب حزب
الله" و"كتائب سيد الشهداء" هاجمت بشدة قبول القوى الشيعية بتكليف
مصطفى الكاظمي بتشكيل الحكومة المؤقتة، ووصفته بأنه يمثل "حربا على الشعب
العراقي".
اقرأ أيضا: تفاصيل مشاورات الكاظمي مع قوى عراقية لتشكيل الحكومة
"تبادل للأدوار"
وحول من يرى أن ما يجري هو مجرد تبادل
للأدوار داخل البيت الشيعي، من أجل تمرير الكاظمي، ألمح الموسوي إلى وجود شيء من
هذا القبيل، بالقول: "رغم ما يقال أن أطرافا معارضة وأخرى رافضة، إلا أن
الكاظمي لا يواجه أي عقبة في طريق تشكيل الحكومة، والكل ماض في دعمه، وأن الفتح
يتبنى ترشيحه".
وفي السياق ذاته، قال الخبير الأمني
مؤيد الجحيشي إن "ما يجري هو تبادل أدوار بين الأحزاب السياسية والفصائل
المسلحة الشيعية، لأن الفصائل ذاتها تابعة للأحزاب، والأخيرة جميعها بعد عام 2003
تمتلك أجنحة مسلحة".
وأوضح في حديث لـ"عربي21"
أن "خطأ الكتل الشيعية الذي حصل في تنصيب عادل عبد المهدي رئيسا للحكومة،
صححته بتكليف محمد توفيق علاوي، ثم مشوا فيها بتكليف عدنان الزرفي، وهي أن لا
يُوافق كل الشيعة على المكلف".
وعزا الجحيشي ذلك إلى أنه "حتى
إذا لم تُنفذ مطالبهم من المكلف بتقاسم وزارات الحكومة، تنقلب عليه القوى التي لم
تؤيد تكليفه، وهو ما يجري الآن مع الكاظمي، ويفسر كيل الاتهامات عليه بالجملة
لإسقاطه، كما جرى مع علاوي الذي رفض منهم جزاء من الحكومة".
واستدل الخبير الأمني على ذلك بالقول:
"غياب ائتلاف دولة القانون بقيادة نوري المالكي وكتلة "صادقون" بزعامة قيس
الخزعلي، في مراسم تكليف مصطفى الكاظمي برئاسة الحكومة، يؤكد تبادل الأدوار بين
الأطراف الشيعية، وأن من يمسك بخيوط هذه اللعبة بنسبة 70 بالمئة هي إيران".
وتوقع الجحيشي أن "تمرر حكومة
الكاظمي على طريقة تمرير رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، الذي ادعى في بداية الأمر
أن وزراء حكومته جميعهم من المستقلين، ثم تبين لاحقا أن الأحزاب هي من رشحتهم".
"صراع محتدم"
أما الخبير في شؤون الجماعات المسلحة
هشام الهامشي، فقد رأى في سلسلة تغريدات على "تويتر" أن "نهاية عام
2018 ظهرت طبقة جديدة تراكمت لديها ثروات طائلة من وراء معارك تحرير العراق من
تنظيم الدولة، وكان أكثر رجالها من الطارئين على شريحة المال والأعمال، وغالبهم
لديهم علاقات مباشرة بجهات فصائلية أو سياسية لديها جناح مسلح فصائلي".
وأضاف: "احتفظت لنا شهادات
المنشقين من تلك الجهات بإفادات وافرة عن ملكيات أعيان تلك الطبقة حديثة العهد
بالغنى والثروة، وكيف استطاعت هذه الطبقة أن تكرس قسما من نشاطاتها لتأسيس شبكة
علاقات تجارية واقتصادية وظيفتها تيسير الأعمال والمشاريع، مقابل نسب متعارف عليها
مع المكاتب الاقتصادية الحزبية داخل الوزرات أو في مكتب الوزير".
وأشار الهاشمي إلى أنهم "حاولوا
من خلال تلك الصفقات الاستحواذ على سوق الطاقة والمشاريع والإسكان، والبنى
التحتية، وتجارة حديد البناء والأسمنت، والسجائر، والأدوية، والسلاح، وصناعة
السيارات، والأسمدة، والفنادق، ومشاريع واستثمارات الأوقاف، والجمارك والمنافذ الحدودية،
والبنوك، والشركات المالية للحوالات والصرافة".
ونوه إلى أن "صعود هذه الطبقة
بالتوازي مع ظهور صورتين؛ الأولى: صعود قوى اللادولة، وتمكنها من الاستحواذ على
المشهد الأمني الداخلي، وعلى الجدل حول علاقات العراق الدولية، والثانية: صورة
الإفناء للمعارض، وهي محاولة بعض أعيان هذه الطبقة الاستحواذ على قرار البيت
السياسي الشيعي، وإزاحة المعارض والمنافس".
وتابع: "حتى أصبح غضب بعض أعيان
هذه الطبقة على قيادات سياسية مخضرمة في البيت السياسي الشيعي، ليس لأسباب مذهبية
دينية ولا شخصية، وإنما هو غضب طبقة فاحشة الغنى ضد كل شخص يريد فرض القانون
والنظام وملاحقة الفاسدين، ومنع العبث بالمال العام، وضد كل شكل للدولة يريد احتكار
السلاح بيد الدولة"، حتى أصبح غضب بعض أعيان هذه الطبقة على قيادات سياسية مخضرمة في البيت السياسي الشيعي، ليس لأسباب مذهبية دينية ولا شخصية، وإنما هو غضب طبقة فاحشة الغنى ضد كل شخص يريد فرض القانون والنظام، وملاحقة الفاسدين، ومنع العبث بالمال العام، وضد كل شكل للدولة يريد احتكار السلاح بيد الدولة.
وكان النائب حامد الموسوي عن تحالف
"الفتح" (يمثل فصائل الحشد الشعبي) بزعامة هادي العامري، قد وجّه، الثلاثاء، رسالة إلى الفصائل المناهضة لتشريح الكاظمي، بـ"ضبط النفس، وفسح
المجال للجهود السياسية لفرض السيادة".
وشدد أن "هيبة الدولة وحصر
السلاح بيدها التي ينشدها الجميع لا يبتدأ
إلا بإخراج القوات الأجنبية، وحينها سيرضخ الجميع إلى سلطة الدولة والمطلق بأن
أمريكا ومن يريد الشر للعراق من أجل تمرير مخططاته، يراهن على إبقاء العراق ضعيفا
عاجزا عن الدفاع عن نفسه".
مليشيات عراقية تهاجمه.. هل كُلف الكاظمي خلافا لإرادة إيران؟
حظي بإجماع نادر.. ما حظوظ الكاظمي بتشكيل حكومة العراق؟
تحوّل مفاجئ.. إيران تدعم مرشحا رفضته لرئاسة حكومة العراق