قضايا وآراء

حافة الكارثة في الأردن وشد الأحزمة

1300x600
تعصب مُرعب، هل ثمة أرضية مُشتركة للجوء إليها بِهدوء للابتعادِ عن حَافةِ الكارثةِ، لا الذَهابِ صَوبها؟

أزمة كيوفيد- 19 بدأت طولية، وصارت عرضية، إن افتخرت بالتزام الشعب صرت "معارضا" وإن مدحت الحكومة تحولت "سحيجيا" مع أن المشهد بَسيط، تلخصه عبارة: الجميع في مركب واحد.

من المحزن رؤية التراشق غير المنتج بهذا الشكل، ما يزيد من الوجع الوطني.. وطن الأولى حمايته لا إرهابه، رعب يريدونَ زرعَ أشواكه في طريق أزمة سَطحية (كورونا) قصيرة، للهروبِ من ارتدادات عميقة طَويلة المدى، قد تكون سكينا في خاصرة الشعب!

لذا، الأحكام المطلقة لا تعني الخيانة. لماذا يبدعُ هؤلاء في إنتاج آفة التخوين، دون التركيز على إنتاج أفكار تستر العورة العقلية في التعاطي مع الأزمة وملحقاتها، مع تنحية الخلافات، وصب الجهود في بوتقة قادرة على إدارتها؟

تم امتصاص الصدمة الصحية باحتراف. هذا واقع، فهل تملك الدولة والشعب القدرة على تلافي ارتدادات ملفاتها، قبل أن تنفجر بوجه الجميع؟

ما نراه انقساما ليس حوارا بقدر ما هو خواء طولي معاد، تشاؤمي، طبقي، وفوقي، يأخذ في طريقة الشعب، يتمترس فيه البعض حول أفكارهم دون السماح بنقاش عام، مقابل ردات فعل وتبريرات تحاول تفنيدها، وهم جالسون أسفل الشجرة لا فوقها، كيف يستقيم إذن الهبوط العشوائي مع الأضرار ؟!

فيما هم يرون الأمواج تقترب، ينشغلون في مناوشات هامشية تتنكر لذاتها، بدل التدريب على السباحة لمواجهتها.

ألا يتطلب هذا جهدا لتحييد الخلافات، ومنع الأخبار التي تحبط المجتمع وتربك الدولة، لخلق أرضية ثقة مشتركة، تؤمن بالتكاتف والتشارك، تنتج أفكارا توعوية قادرة على تحضير الشعب لأسوأ الظروف، تمنحه أمل البقاء لا الفناء، والشراكة لا الإقصاء؟

من المحزن متابعة الردود التي نشهدها حاليا، ومن المحزن رؤية أولويات الشعب تدور حول السؤال عن "القطايف" مع إسقاط أسئلة القمح والزراعة والتضامن. من المحزن أن تعبر تصريحات رئيس الوزراء عمر الرزاز بضرورة "التأقلم" دون اعتماد آلية لإفهام الناس كيفية التأقلم!

فالفرد في الأزمات لا وزن له، ما يعني ضرورة إيجاد تكتل وازن قادر على المواجهة.

الأزمة ليست مرتبطة بالأموال فقط، بل بأفكار بؤر إحباط يتصدرها البعض ممن يدير ويراقب المشهد.

أعتقد أن التكتل المتماسك حاليا يمثله الجيش وكوادر وزارة الصحة، لكن هل يمكن خلق تكتل شعبي مساند يتعاضد مع بعضه في حال الجوع مثلا؟

ما نراه يمكن اعتباره "خطأ" لكن التبريرات والتلكؤ والصدمة الناتجة عن هذه الأفعال العشوائية يمكن اعتبارها "خطيئة" لا تُغتفر.

فهل تريدون الخير للمركب؟ تعلّموا السباحة إذن، قبل الوصول إلى حافة الكارثة!