(1)
هل يمكن أن ينقرض البشر وتستولي الفيروسات على الأرض؟
طيب بلاش فكرة "الانقراض"، حتى لا يكون الافتراض مزعجاً للطيبين من أهلنا، نقول: هل يمكن أن يتحكم الفيروس في طبيعة سلوك وتصرفات البشر ويفرض طريقة جديدة لحياة وحركة وعلاقات الناس؟ بوضوح أكثر: هل يمكن أن يصبح كورونا رئيساً أو ملكاً يحكم بلادنا؟!
لا داعي للتوتر والانزعاج.. خليك مرح، احنا في رحلة، تخيل معي وفكر مثلا أننا نسميه: جلالة الرئيس المزمن عمانويل كورونا..
(2)
إذا كان السؤال الأول يقوم على الافتراض والخيال، فإن السؤال الثاني (برغم الدعابة) سؤال واقعي تماماً، حتى أننا لا نحتاج إلى انتظار المستقبل لنتعرف على إجابته، لأنها حدثت في الماضي، وتحدث فينا وأمام أعيننا طوال الوقت، وما "كورونا" إلا إسما وشكلا جديدا ومباشرا لحكم الفيروسات المتواصل لحياتنا منذ عهود طويلة..
كيف؟ ما هذا الكلام؟ ما هذا التخريف المبالغ فيه؟ هل فعلا صحيح؟
يعني.. هل حدث فعلاً من قبل أن الفيروسات حكمت البشر؟ وهل يمكن أن تتغير حياتنا تحت تاثير هذا الوباء؟ وهل .......؟
...........
.....
..
.
تعالوا نراجع معاً ونفكر معاً ونقرر معاً..
(3)
أقرب تعريف للفيروس هو "كلمة السر" التي تستخدمها في حياتك كلها: البريد الإلكتروني، حساب البنك، قفل شنطة السفر، فيسبوك، خزانة الأموال، شاشة الهاتف، اسم حبيبتك السرية المدون بحروف أخرى، كلمة المرور التي قتلت البطل أحمد عبد العزيز في حرب فلسطين 1948، شعارات "حقوق الإنسان" و"إعادة الهيكلة" و"نشر الديمقراطية الأمريكية حسب مقررات البند السابع" و"قوائم الإرهاب" و"حفظ السلام العالمي" و"التنسيق بين الدول على المستوى الأمني"، و"صفقة القرن"....
(4)
كلمة السر أو "كلمة المرور"، ليست شيئا في ذاتها (كما الفيروس بالضبط) لكنها المفتاح الذي يفتح باب القلعة الحصينة، وبالتالي فإنها لا تعمل إلا إذا تم التوفيق المسبق بين "الشيفرة" و"القفل"، لابد للفيروس "الشيء" من "مجال حي" لكي يحدث الفعل، فالفيروس بلا قيمة ولا أثر بدون المجال الحيوي الذي يتوافق معه ويؤثر فيه..
دع الكلام عن الفيروس قليلا وتأمل معي منظر القبعة الأوروبية على الجماجم الأفريقية السمراء، وطبيعة الملابس في معظم العالم، وحاول أن تفكر معي: هل أصيب هؤلاء الناس بفيروس ما، أجبرهم على ارتداء هذه القبعات وتلك الكلابس كما يرتدي العالم اليوم الأقنعة والقفازات تحت تأثير "كورونا"؟
وماذا كان اسم الفيروس الذي أعطى للعالم هذه الهيئة الأوروبية؟
يخبرنا التاريخ أن المسلمين الأوائل ظلوا يستخدمون نفس الدينار الرومي وعليه "علامة الصليب" حتى نشأت أول دار مسكوكات للعملة الإسلامية في العصر الأموي، وإن دق المسلمون على رأس الصليب لتحويله إلى ما يشبه حرف "تي" في عصر الفاروق عمر، لكن سيطرة الدرهم والدينار تكشف أن فيروس ما، كان يصيغ شكل التعاملات التجارية في الجزيرة العربية،
ماذا كان اسم الفيروس الذي محا عشرات اللغات الأم لما اسماهم بعد ذلك "السكان الأصليون"؟
ماذا كان اسم الفيروس الذي وضع الفرنسية والإنجليزية والبرتغالية والإسبانية على ألسنة المصابين به في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية؟
بل يمكنك ان تذهب لأبعد من ذلك وتسأل: ما الذي جعل هذه القارة "لاتينية"، بل ما الذي جعلها "أمريكا"، ومن اين جاء اسم أفريقيا، وهل كان "أفريكانوس" من أهلها أم جاء عبر البحار لكي يسميها باسمه ويعود من حيث جاء والسلام؟
(5)
يخبرنا الرجل العجوز ذو اللحية البيضاء الطويلة (الذي نسميه التاريخ) أن هذه هي "الحضارة" أو "البطولات" أو "الاستعمار"، مع ملاحظة أن لفظة الاستعمار ليست مشينة، بل جميلة وتوحي بتحويل الأرض من الخراب إلى العمران، وفي كل الأحوال كانت حياة الناس تتغير، وسلوكياتهم تتبدل، وطريقة حياتهم تتشكل حسب مقتضيات الفيروس، إذا قال ألبسوا.. يلبسون، وإذا قال اخلعوا.. يخلعون، فهل يعجز كورونا عن وضع الأقنعة على وجوه العالم؟ وقد نجح الفيروس الأقدم منه في وضع القبعات واللغات وإعادة تسمية الناس والأطعمة والقرى والأنهار؟
(6)
يخبرنا التاريخ أن المسلمين الأوائل ظلوا يستخدمون نفس الدينار الرومي وعليه "علامة الصليب" حتى نشأت أول دار مسكوكات للعملة الإسلامية في العصر الأموي، وإن دق المسلمون على رأس الصليب لتحويله إلى ما يشبه حرف "تي" في عصر الفاروق عمر، لكن سيطرة الدرهم والدينار تكشف أن فيروس ما، كان يصيغ شكل التعاملات التجارية في الجزيرة العربية، وذلك الفيروس القديم يشبه إلى حد كبير فيروس معاصر يسمونه "الدولار"، ويشبه "أعراض حركة التحديث" التي ظهرت على المصاب محمد بن سلمان، فصار يسعل ويتقيأ بطريقة عصرية خالص خالص، حتى أن إعلامه استفاق ومناعته بدأت في كشف المجرمين الفلسطينيين الذين احتلوا فلسطين، ويريدون استردادها بعد ان باعوها للأشراف الإسرائيليين الأبرياء، الذين هاجروا من ديارهم لنصرة العدل والحق وإقامة فسطاط الخير في منطقة الشرق الأوسط الكافرة!
(7)
قبل أن تدعو مخلصاً: "ربنا يشفي الأمير"، تذكر أن الفيروس لا يصيب شخصا، وإلا "كان فيروس خايب" (ما يجيبش ثمن التعب والمصاريف اللي اندفعت فيه)، فخطورة أي فيروس وقيمته ترتبط بقدرته على العدوى السريعة، وفرض "لايف استايل" على أكبر عدد من الناس والمجتمعات، مع ملاحظة أن صناعة الفيروسات تقدمت جداً، فلم تعد في حدود التأثيرات القديمة لثنائية الدرهم والدينار، ولا حتى تأثيرات المركزية الأوروبية وثنائية الإنجليز والفرنسيس، فقد شهدت البشرية هيمنة شاملة لفيروس "الأمركة"، وقد كتب فيه عشرات الكتاب والمفكرين من الغرب والشرق على السواء، وتجاوزت أعداد المصابين مليارات البشر، وبدت عليهم الأعراض واضحة في الملبس والطعام والغناء والتفكير، وقد حكم الفيروس معظم بلدان العالم، أو بدقة أكثر نجح الفيروس في تنصيب مجموعة من المصابين ليحكموا العالم باسمه وحسب إملاءات "شيفرته"، فقد تم "تهكير" الأفراد والمجتمعات ومعرفة كلمات المرور، وبالتالي امتلاك الحسابات والقدرة على التحكم في كل شيء، لأن الفيروس صار هو "السيستم".. صار هو من يحكمنا، ومن لا يصدق يسأل أفيخاي أدرعي وليفي كوهين وتسيبي ليفني وعفتاح
(8)
هل هناك فاكسن للعلاج من هذا الفيروس؟ أم نتعايش مع المرض وأعراضه وخلاص؟
هذا يعيدني إلى الكتابة المؤجلة عن المشروع الحضاري، وعن الأفكار التي تموج في الأدمغة الإنسانية النزيهة في عالمنا، بهدف البحث عن دواء للتشيؤ وفقدان الإنسانية، وزيادة احتمالات تنحية الإنسان لصالح الآلة، أو استعباده في كهوف الديجيتال المعزولة، لنمط إنتاج جديد يسعى إليه ذئاب الإنسانية بعد انتهاء مرحلة الفحم وأفول مرحلة النفط..
الوباء مستمر ومتواصل، والحياة كذلك، لذا لا نجاة إلا بتقوية المناعة الذاتية، والحرص على النظافة الإنسانية، والاجتهاد في البحث العقلي والعلمي عن حلول تكفينا شر الفيروسات بأنواعها.. وأتمنى لو تصل الرسالة، حتى لو كانت لغتي تشبه هلوسات المتضررين من الفيروسات..
كل عام وأنتم أصحاء رحماء ساعون للخير والأمان
tamahi@hotmail.com
كورونا، شريكنا الاستراتيجي الجديد!
كوفيد-19.. قراءة الأرقام وجدل المقارنات