عن بيان "النخبة" من فلسطين لفرعها الأسدي

أصدر من يسمون "إعلاميين ومثقفين" عربا بيانا للقيادة الروسية احتجاجا على برنامج حواري يتناول جوهر فساد نظام الأسد وعائلته ونظامه على قناة "روسيا اليوم"؛ التي حركت ضمائر أعضاء في اللجنة المركزية لحركة فتح، والحركة الأسيرة وأعضاء أحزاب بالداخل الفلسطيني، وأمين عام اتحاد كتاب فلسطين، بالإضافة "لنخب" في السياسة والثقافة الفلسطينية والعربية، التي تثار حميتها منذ تسعة أعوام، فقط إذا تعلق الأمر الاقتراب من حدود نظام الأسد، ومن سلوكه وسياسته.

تطل همم النخب من على منابر إعلام الممانعة، وأسماؤهم ترد في البيانات للتصدي لأي نقد، ومنع أي حقيقة تُظهر المسلك الفعلي للأسد نحو أبناء فلسطين في مخيمات سوريا.

ويبدو أن متابعة البرامج التي تحاول النيل من هيبة الأسد باتت وظيفة نخب فلسطينية وعربية، مع أن كثيرا من هذه النخب تفضل الوسيلة الإعلامية نفسها لتمجيد جرائم النظام، لكن تستوقفها فقط "شرذمة من بعض المغرضين" الإعلاميين في القناة التي ظهر كثير منهم فيها وهي تلعب دورا موازيا لقلب الحقائق وتزييفها.

عضو مركزية حركة فتح "عباس زكي" ومن خلفه أسماء وأعضاء في فصائل وأحزاب فلسطينية في الداخل والخارج، وقعوا على بيان رفضهم لبرنامج حواري تناول مسيرة الأسد الفاسدة والقاتلة، بثته القناة الروسية مطلع أيار/ مايو الحالي، لكن لم تستطع مئات الجثث في "فرع فلسطين" الأسدي أن تثير حفيظة هذه الأسماء وتدفعها لإصدار بيانات تنديد ضد الأسد وجرائمه، ولا استشهاد أكثر من أربعة آلاف فلسطيني على أيدي قوات الأسد كان له مقدرة على تحريك مشاعر أحزاب وفصائل وشخصيات كانت تبرعت في السابق وإلى اليوم لإنكار تام ومستمر للجثث التي تعود لأبناء فلسطين في فرع فلسطين الأسدي، كما ظهرت في أكثر من مناسبة أجساد فلسطينيين في مسالخ الأسد البشرية وقد وشمت بخريطة فلسطين.

الأسماء الواردة في البيان، والذي يعكس امتعاض نخب الأسد الفلسطينية من حليفه الروسي الذي ساعده في قتل عشرات آلاف السوريين وآزره في الصمت عن مقتل مئات من أبناء فلسطين.. لم يرق لها أن يغرد صحفي في نقل وجهة نظر تعكس أيضا حقيقة لطالما ساهم الإعلام الروسي بإخفائها، كما ساهمت معظم نخب الأسد في لوبياته بإنكار أي جريمة متعلقة بإعدام نساء وشباب من أبناء فلسطين، ما زالت جثث بعضهم حتى هذه اللحظة تحت ركام منازلهم في مخيم اليرموك؛ بينما ينشغل جيش الأسد في سرقة ما تبقى من حطام، بعد تدمير طيرانه ومدافعه كل ما يذكر أبناء فلسطين بها، حتى مقابر شهدائهم التي نزلت عليها براميل طائرات الأسد، لم تكن لها قدرة على تحريك جفن من نخب الأسد الفلسطينية لإدانة هذه الجرائم.

ولم تكن معظم البيانات الفلسطينية طيلة سنوات المذبحة، ولا الوفود الرسمية ولا النخب المتجابنة، تمتلك جرأة حاضرة لإدانة مقتل أبناء الشعب الفلسطيني، ولا المطالبة بإطلاق سراح آلاف منهم، ولا الحديث للحليف الروسي لمطالبة الأسد بالكشف عن مصير جثث من سلخت أجسادهم في "فرع فلسطين". ولم يكلف رئيس اتحاد كتاب فلسطين نفسه للمطالبة بالكشف عن مصير عشرات من كتاب فلسطين في الفرع الأسدي.

بكل الأحول، هذه النخب والطبقة السياسية غير مطالبة اليوم بإصدار بيانات تطالب الأسد بالكف عن جرائمه؛ لأنها اختارت منذ البداية الوقوف بجانبه والتغطية على جرائمه والتصدي لأي عمل يكشف حقائق الجرائم المستمرة بحق أبناء سوريا وفلسطين، لكن باستطاعة المرء مطالبتهم بعدم الحديث باسم فلسطين والأسرى والصحفيين والكتاب والحركات الأحزاب التي لا تعكس بالضرورة رأي عموم أبناء فلسطين، إلا لاستخدامها من قبل الأسد للتغطية عن الأفران البشرية التي ساهم الروسي ببنائها لحرق أجساد السوريين والفلسطينيين.

نخب الأسد في فرع فلسطين لم تسمع عن أفران بشرية، بلى سمعت وتعتبرها افتراءات، بينما برنامج تلفزيوني تعتبره إساءة لقيادة "تاريخية" بالإجرام تصدر من أجله بيانا. فلم تفد كل التقارير لثني نخب فلسطين الأسدية عن مواقفها.. ولا شهادات أبناء فلسطين، ولا الأسر المنكوبة والملتاعة في فلذات الأكباد في فرعهم في دمشق الذي تحول لمسلخ بشري، ولا مخيماتهم في سوريا، ولا أبناؤهم ونسلهم الذي تعرض لأبشع الجرائم على أيدي الروسي والأسدي.

كيف يمكن أن يكون المثقف أو النخبوي عضوا في لوبي حماية جرائم الأسد بحق أبناء فلسطين؟ وكيف يمكن أن يكون عضوا في لجنة تمجيد مسيرة الأسد الجرمية وتحويلها لـ"أعراس وطنية" يحب الموقعون الرقص على أنغامها في لوبي الدفاع عنه؟ هذا المثقف هو أقرب من أي شيء آخر لفرع فلسطين الأسدي كمسلخ بشري ونضالي، ولحالة البصم والفصم التي أصابت نخب حركة التحرر الوطني التي كانت تنادي أبناء المخيمات للنأي بالنفس عن مقتل أبنائها، بينما نخب فلسطين هائمة بحماية قاتل شعبهم!