يواجه الوجود الإيراني بشقيه العسكري والاقتصادي اختبارا جديدا، في ظل بدء سريان العقوبات الأمريكية بموجب قانون "قيصر" على حليفها النظام السوري، إذ من الواضح أن تداعيات العقوبات لن تقتصر على نظام بشار الأسد، بل ستطال إيران ومصالحها بدرجة كبيرة، إلى جانب روسيا.
وما يدعم ذلك، تنديد إيران بـ"قيصر" الذي دخل التنفيذ، قبل يومين، بما جاء على لسان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية عباس موسوي، قائلا إن "العقوبات الأمريكية الجديدة إرهاب اقتصادي، ولن تؤدي إلا إلى زيادة معاناة الشعب السوري".
وأضاف: "سنواصل تعاوننا الاقتصادي مع الأمة السورية الصامدة والحكومة السورية، وعلى الرغم من هذه العقوبات سنعزز علاقاتنا الاقتصادية مع سوريا".
واختلف محللون تحدثت معهم "عربي21" بين من يرى مكاسب لإيران بعد دخول قانون قيصر حيز التنفيذ، ومن يرى أن تأثيره سيكون سلبيا على طهران.
اقرأ أيضا: إيران تهاجم "قانون قيصر" وتصفه بـ"الإرهابي" وتتحدى أمريكا
تقطيع أوصال إيران
واعتبر الباحث في شؤون الشرق الأوسط، والمراقب للشأن الإيراني، يوسف صداقي، في حديثه لـ"عربي21"، قانون "قيصر"، بأنه خطوة من بين خطوات أمريكية سابقة وأخرى لاحقة، لتقطيع أوصال النفوذ الإيراني المالي والعسكري في الشرق الأوسط.
وأكد أن تداعيات "قيصر" ستظهر على القوات الإيرانية المنتشرة في سوريا، في القريب العاجل، حيث ستعجز طهران عن إمداد مليشياتها ماليا، بعد تعطل خطوط حزب الله والمصارف اللبنانية التي كانت تمثل لها قنوات الإمداد الأساسية.
وبحسب صداقي، فإن ذلك قد يصب في مصلحة روسيا، موضحا أنه "إن كان الاتفاق الروسي الأمريكي الإسرائيلي بفتح الأجواء السورية للمقاتلات الإسرائيلية، هو إحدى الأدوات التي تستخدمها روسيا في تحييد العسكرة الإيرانية وتحجيمها في سوريا، فإن روسيا سيكون لها دور مباشر على الأرض في إبعاد المليشيات الإيرانية المنهكة واستبعادها".
طهران المتضررة الأكبر بعد الأسد
بدوره، يرى الكاتب والباحث السياسي، سامر خليوي، أن طهران ستكون المتضررة الأكبر من قانون "قيصر" بعد نظام الأسد، نظرا لحجم تدخلها الكبير في الملف السوري، بكل مجالاته، العسكرية والاقتصادية والسياسية.
وأضاف لـ"عربي21"، أن إيران التي أنققت قرابة 30 مليار دولار أمريكي في سوريا، منذ مساندتها نظام الأسد، لن تستطيع تعويض ذلك، من خلال الاستثمارات المباشرة في سوريا، والمشاركة في عملية إعادة الإعمار، وعلّق بقوله: "العقوبات تقطع على طهران استثمار "الانتصار" الذي تدعيه في سوريا".
ولفت خليوي، إلى أن من أهم مطالب الإدارة الأمريكية لوقف "قيصر" خروج إيران من سوريا، ما يعني أن طهران اليوم باتت أمام معضلة حقيقية، فمن جهة هي ليست بوارد الخروج من سوريا، ومن جهة أخرى لا تستطيع تثبيت الأسد ولا حتى دعمه، وهو الضامن الأكبر لمصالحها في سوريا، وفق قوله.
اقرأ أيضا: قيصر يعرقل تطبيع علاقات العرب مع الأسد.. هذا تأثيره سياسيا
وفي السياق ذاته، أشار إلى مساهمة القانون والتداعيات الاقتصادية المحتملة في تأليب الشعب السوري على النظام السوري وإيران، لافتا إلى الشعارات التي شهدتها مظاهرات السويداء الأخيرة، التي طالبت بخروج إيران.
وقال خليوي، إن "إيران تعاني اقتصاديا، بسبب العقوبات الأمريكية عليها، وبدلا من أن تكون سوريا متنفسا اقتصاديا لها للتملص من العقوبات، تحولت اليوم إلى عبء مضاف".
مصلحة إيرانية
وعلى مدار السنوات الماضية، أعلنت إيران تباعا عن تعاقدها مع النظام السوري على مشاريع في مجالات مختلفة، منها الطاقة والزراعة والمرافق السياحية.
وحول مستقبل هذه المشاريع، أشار المستشار الاقتصادي في "مركز جسور للدراسات"، خالد التركاوي، إلى خبرة إيران الطويلة في التعامل مع العقوبات الأمريكية والغربية، وكذلك إلى حجم وجودها القوي على الأرض السورية.
واستنادا إلى ما سبق، رجح التركاوي في حديثه لـ"عربي21"، أن تزيد إيران من تغلغلها في الاقتصاد السوري، بعد دخول "قيصر" حيز التطبيق، مرجعا ذلك إلى "حاجة نظام الأسد للاستفادة من خبرات إيران وتجاربها مع العقوبات الأمريكية، وتحديدا في المؤسسات المدنية والاقتصادية".
واعتبر أن ذلك "يعطي لإيران فرصة أكبر للتغلغل في كل مفاصل الدولة، وليس العسكرية فحسب".
وأشار إلى منح النظام السوري في الفترة التي سبقت "قيصر"، عقودا في مجال النفط لإيران، في ريف دير الزور.
وقال التركاوي: "الواضح أن إيران ستكون الداعمة الأكبر للنظام السوري بعد سريان "قيصر"، وهذا الدعم سيكون مقابل المزيد من الاستثمارات، ولن تخشى طهران العقوبات الأمريكية، طالما هي مفروضة عليها مسبقا".
في المقابل، تساءل: "هل ستقبل الولايات المتحدة بذلك؟ (....) نحتاج إلى مزيد من الوقت للإجابة".
قيصر يعرقل تطبيع علاقات العرب مع الأسد.. هذا تأثيره سياسيا
مظاهرات السويداء.. هل تواجه بالعقلية الأمنية لنظام الأسد؟
ما دلالة تعيين بوتين ممثلا خاصا له بسوريا.. "انتداب روسي"؟