يغيب عن المشهد السياسي الأمريكي، أو يكاد، أي ذكر لأحزاب أخرى باستثناء "الجمهوري" و"الديمقراطي"، ما يطرح تساؤلات عن سبب ذلك، وعن طبيعة الحياة الحزبية في البلاد.
ومنذ منتصف القرن التاسع عشر، عندما تأسس الحزب الجمهوري، تتركز المنافسة بين هذا الأخير والحزب الديمقراطي، الذي تأسس بشكله الحالي عام 1828، حتى بات النظام السياسي في البلاد يوصف بـ"حكم الحزبين".
و"حكم الحزبين" في الولايات المتحدة غير مؤسس له في الدستور، لكنه نتاج طبيعي للنظام الانتخابي، القائم على قاعدة "الفائز يحصد جميع مقاعد" الدائرة الانتخابية، كما هو الحال في الاقتراع البرلماني، أو رصيد الولاية في المجمع الانتخابي، كما في المنافسة على الرئاسة.
ومن شأن ذلك تركيز المنافسة بين طرفين قويين فقط، حيث تجتمع التيارات المعارضة خلف أكثرها قوة، لإسقاط الحزب الحاكم، فيما تلتف التيارات الأقرب للأخير خلفه للحفاظ على حكمه، ما يقضي على حظوظ الأحزاب والمرشحين الآخرين، كما يوضح تقرير لموقع "مينبوست".
ويعكس ذلك استقطابا حادا في المجتمع الأمريكي، لا سيما في بدايات نشأته، بين جنوب يطالب بنظام "كونفدرالي" تتمتع الولايات فيه بسلطات أكبر، يقابله شمال يسعى لتعزيز المركزية الفدرالية، وهو ما أعقبه، بعد الحرب الأهلية (1861- 1865) استقطاب بين ثنائية المحافظة والليبرالية، إلى اليوم.
اقرأ أيضا: ترامب يقلص الفجوة مع بايدن.. هذا ما يحتاجه للفوز (إنفوغراف)
ورغم ذلك، نشأت في الولايات المتحدة العديد من الأحزاب، خاصة قبل تبلور ثنائية " الديمقراطي والجمهوري"، ومن اللافت للانتباه أن حزب "حركة مكافحة الماسونية" هو من أقدم الأحزاب الأمريكية، إذ تأسس أول مرة عام 1828، ثم حل بعد 12 عاما، وأعيد تأسيسه عام 1871، لكنه لم يصمد سوى 16 عاما أخرى، وتم احتواؤه آنذاك في إطار اليمين المحافظ.
وعلى غرار "مناهضة الماسونية"، فقد نشأت أغلب الأحزاب الصغيرة في الولايات المتحدة من أجل قضية واحدة، وهو ما يعكس عدم قدرتها على منافسة التيارين الرئيسيين، واقتصار هدفها على دفع أحدهما نحو أجندة معينة، بل إن بعضها لا يتقدم بمترشحين للمنافسة على أي منصب، وتحصر نشاطها في الترويج وجمع المناصرين لأفكارها للتأثير على الحزبين الحاكمين، وتقع أغلبها على أقصى اليمين (النازية) واليسار (الشيوعية).
ومن وقت لآخر، تبرز على الساحة أحزاب صغيرة، إلى جانب الجمهوري والديمقراطي، تمثل أيديولوجيا أو مطالب أو أقليات معينة، حتى نشأ في العرف السياسي الأمريكي مصطلح "الأحزاب الثالثة"، كما تنشط في بعض الولايات أحزاب خاصة بها، وتنافس بقوة أحيانا في الانتخابات المحلية، وأبرزها حزب ولاية فيرمونت التقدمي (يساري)، الذي يمتلك سبعة مقاعدة من أصل 150 ببرلمان الولاية.
وتستعرض "عربي21" تاليا أبرز الأحزاب الأمريكية القائمة حاليا، بحسب عدد الأعضاء، وفق بيانات رسمية لانتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل:
1-الحزب الديمقراطي
أقدم وأكبر حزب في الولايات المتحدة، تأسس بشكله الحالي عام 1828، خلفا للحزب "الديمقراطي الجمهوري"، الذي أسسه الرئيس الثالث للبلاد، توماس جيفرسون، والرابع، جيمس ماديسون، عام 1792.
بدأ الحزب ممثلا للجنوب المنادي بالكونفدرالية، ثم تحول إلى تبني الخط الليبرالي داخليا بداية من عام 1912، ويتمتع حاليا بعضوية 45.7 مليون شخص.
ويتمتع الديمقراطيون بشعبية كبيرة في الولايات الأكبر سكانيا في الساحلين الشرقي والغربي، ويحظون بأغلبية في مجلس النواب، فيما ينافس مرشحهم "جو بايدن" الرئيس الجمهوري دونالد ترامب في الانتخابات المقبلة.
2-الحزب الجمهوري
تأسس بشكله الحالي عام 1854 كممثل للشمال المناهض للعبودية، وبرز على الساحة بفوز "أبراهام لينكولن" عام 1860 برئاسة البلاد.
يتبنى الحزب اليوم سياسات محافظة تميل إلى اليمين، ويركز على خدمة مصالح السوق والأعمال، ولديه نحو 33.3 مليون عضو، ما يعني أن عدد من سجلوا أنفهم كمستقلين (33.5 مليونا) تفوق على عدد أعضاء أحد الحزبين الرئيسيين لأول مرة في تاريخ البلاد.
ويحظى الحزب بتأييد عدد أكبر من الولايات في جنوب ووسط البلاد، لكنها أقل كثافة سكانيا، وتتركز فيها الأغلبية البيضاء المحافظة، ما يجعله مسيطرا تقليديا على مجلس الشيوخ الذي تتوزع مقاعده بالتساوي على الولايات (مقعدان لكل ولاية).
اقرأ أيضا: في عام الانتخابات.. تعرف على "أمريكا المنقسمة" (إنفوغراف)
3- الحزب الليبرتاري
تأسس عام 1971، يروج للحرية الفردية المطلقة اجتماعيا، ولمبدأ "عدم التدخل" اقتصاديا، ويرفع شعار "حد أدنى للحوكمة، حد أقصى للحرية".
ولدى الحزب حاليا أكثر من 609 آلاف عضو، وتمكن من دخول الكونغرس لأول مرة، عندما انتقل النائب المستقل "جاستن أماش" إلى صفوفه في نيسان/ أبريل الماضي.
ومنذ انتخابات 1972، يطرح الحزب متنافسا على الرئاسة، لكن أيا من مرشحيه لم يتمكن من حصد أي صوت بالمجمع الانتخابي، باستثناء الأول "جون هوسبرز"، الذي نال صوتا واحدا. ومرشح الحزب لانتخابات هذا العام هي الأكاديمية والناشطة "جو جورجنسن".
4- حزب الخضر
تأسس بشكله الحالي عام 2001، ويدعو إلى سياسات يسارية صديقة للبيئة، ويناهض الرأسمالية والعنصرية والحروب، ويتجاوز عدد أعضائه حاليا 246 ألفا.
ولا يحظى الحزب بأي تمثيل في أي مستوى فدرالي أو محلي رئيسي، ويحرص رغم ذلك على المنافسة في الانتخابات الرئاسية في كل دورة، ومرشحه لهذا العام هو النقابي والناشط "هاوي هوكينز".
5- حزب الدستور
حزب يميني (إلى أقصى اليمين)، محافظ، تأسس عام 1999 خلفا لحزب "دافعي الضرائب"، المنشق فعليا عن الحزب الجمهوري، عندما فشل الرئيس الأسبق، جورج بوش الأب (1988- 1992)، بالحفاظ على وعده الانتخابي بأن لا ترتفع الضرائب على المواطنين.
ورغم اتفاق كثير من أفكار الحزب مع توجهات الرئيس الحالي، إلا أنه زعم عام 2016 أنه لا ينبغي دعم "أقل الشرّين"، في إشارة إلى ترامب ومنافسته الديمقراطية آنذاك، هيلاري كلينتون، معتبرا أنه يعتمد على ذلك المبدأ كونه "مؤصلا في الإنجيل".
ولدى الحزب 118 ألف عضو، ويرشح للمنافسة بالانتخابات المقبلة رجل الأعمال "دون بلانكنشيب"، المدير التنفيذي السابق لـ"ماس إنيرجي"، إحدى أكبر شركات إنتاج الفحم بالبلاد.
ترامب يقلص الفجوة مع بايدن.. هذا ما يحتاجه للفوز (إنفوغراف)
المعارضة السورية تفضل ترامب على بايدن.. ماذا عن النظام؟
ترامب مهتم بولاية "الفضة والقمار".. هل يحرز اختراقا بالانتخابات؟