يسود التوتر بين تركيا والاتحاد الأوروبي، في الآونة الأخيرة، بسبب شرق البحر الأبيض المتوسط، والخلاف مع اليونان وقبرص اليونانية، ليزداد حدته بعد تقرير للمفوضية الأوروبية، تتهم فيه السياسة الخارجية التركية بأنها تتعارض مع مبادئ الاتحاد الأوروبي.
وانتقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قمة الاتحاد الأوروبي الأخيرة، مشيرا إلى أنها خلت من عناصر تزيل المشاكل في العلاقات، مشيرا إلى أن الاتحاد خضع لضغوط وابتزازات اليونان وإدارة جنوب قبرص الرومية، رغم حسن النية الذي أظهرته تركيا، مشددا على ضرورة عدم تضحية أوروبا بمصالح كبيرة من أجل مصالح صغيرة لبعض الأعضاء.
ووصلت حدة التوتر بين تركيا واليونان في شرق المتوسط، بعد قيام سفينة تركية بأعمال البحث السيزمي في قبالة جزيرة يونانية، فيما قالت أنقرة إن أنشطتها ضمن الجرف القاري لها، فيما زعمت اليونان أن ذلك مخالف للقانون الدولي.
ووسط النزاع بين البلدين، هدد الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات على تركيا، فيما شددت أنقرة أن فرنسا قامت بتحريض أوروبا ضدها في شرق المتوسط.
وتمكنت وفود عسكرية تركية ويونانية مؤخرا، برعاية حلف شمال الأطلسي "الناتو"، للتوصل لتفاهم بينهما على آلية عسكرية لحل النزاع في شرق المتوسط.
وأمام ذلك كله، زعمت المفوضية الأوروبية أن السياسة الخارجية التركية تتعارض مع مبادئ الاتحاد الأوروبي.
جاء ذلك في تقرير المفوضية الأوروبية، بخصوص حزمة التوسع لعام 2020، حيث وجهت انتقادات لأنقرة بخصوص "المبادئ السياسية وسيادة القانون"، زاعما أن آثار حالة الطوارئ التي تم إلغاؤها في 2018، ما زالت مستمرة على الديمقراطية والحقوق الأساسية.
اقرأ أيضا: هل تتراجع تركيا بالمتوسط بعد التهديد الأوروبي بالعقوبات؟
وادعى التقرير أن تركيا لم تنفذ توصيات المجلس الأوروبي وباقي مؤسساته، وأن كافة الصلاحيات ظلت مجتمعة في منصب الرئاسة.
وزعم التقرير أن تركيا "شهدت تراجعا في مجال احترام المعايير الديمقراطية، وسيادة القانون، والحريات الأساسية، وأن الاستقطاب السياسي في البرلمان شكل عائقا أمام تأسيس حوار بناء بين الأحزاب".
وزعم التقرير أن مستوى القضاء في تركيا ما زال في مراحل مبكرة، معبرا عن قلقه إزاء استمرار حالة عدم استقلاله.
كما ادعى أن مكافحة الفساد في تركيا ما زالت في مراحل مبكرة، وأنها لم تسجل أي تقدم في هذا الشأن.
وأفاد التقرير بأن تركيا سجلت تقدما محدودا، وأنها باتت تتمتع بمستوى معين من الاستعداد في مجال "مكافحة الجرائم المنظمة"، مطالبا إياها بتطوير قانون حماية البيانات بشكل يتوافق مع معايير الاتحاد الأوروبي.
اقرأ أيضا: أنقرة: سنحل خلافاتنا مع أثينا ثنائيا وليس عبر الاتحاد الأوروبي
وأوضح أن تركيا حققت تقدما في سياسات الهجرة واللجوء، حيث استمرت طوال العام 2019 في عزمها على تطبيق اتفاق المهاجرين الذي توصل إليه الاتحاد الأوروبي في 2016.
وحول السياسة الخارجية التركية، زعم التقرير أنها تتعارض مع مبادئ الاتحاد الأوروبي، لافتا إلى أن التوترات في شرق المتوسط ازدادت خلال إعداد التقرير.
وأشار إلى أن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بحاجة لاحترام حقوقها السيادية، لافتا إلى أن المجلس الأوروبي وافق في 1 تشرين الأول/ نوفمبر على تفعيل جدول أعمال سياسي إيجابي مع تركيا، شريطة تخفيض حدة التوتر في شرق المتوسط.
وشدد التقرير على أن التدخل العسكري التركي في النزاع في ليبيا ساهم في تغير موازين القوى بالبلاد بشكل كبير، مضيفا أن تركيا تواصل وجودها العسكري في سوريا أيضا.
وأضاف أن الاقتصاد التركي متقدم جدا من حيث المعايير الاقتصادية، لكنه لم يسجل أي تقدم خلال فترة تحضير التقرير، لافتا إلى "استمرار مخاوفه بشأن أداء الاقتصاد".
وأكد التقرير أن تركيا تعتبر في حالة متقدمة في مجالات قانون الشركات، والقضايا العلمية والبحثية.
وأشار إلى أنها تتمتع بمستويات جيدة في مجالات عدة، مثل حرية حركة السلع، وقانون الملكية الفكرية، والخدمات المالية، والسياسات الصناعية والتشغيلية.
أنقرة ترد: تقرير غير بناء و"منحاز"
وردت أنقرة على التقرير الأوروبي الذي جاء في ظل التوتر والتباينات في السياسة الخارجية بين أنقرة والاتحاد الأوروبي، واحتدام التوتر مع فرنسا واليونان وقبرص اليونانية.
وشددت وزارة الخارجية التركية على أن تقرير المفوضية الأوروبية حول تركيا لعام 2020 غير بناء، ويعكس انحياز الاتحاد الأوروبي ونهجه معايير مزدوجة.
وأفادت الوزارة في بيان، بأن المفوضية الأوروبية نشرت تقريرا بخصوص حزمة التوسع لعام 2020، والذي تضمن تقييم الوضع في الدول المرشحة للانضمام للاتحاد الأوروبي، ومنها تركيا.
وأوضحت الوزارة: "تقرير المفوضية 2020 حول تركيا هذا العام غير بناء، عكس الانحياز من جانب الاتحاد الأوروبي وانتهاجه معايير مزدوجة".
اقرأ أيضا: أردوغان: الاتحاد الأوروبي لا يحل الأزمات.. ويرد على اتهامات أرمينيا
وأضاف البيان: "في الوقت الذي لم تنتقد فيه المفوضية عدم وفاء الاتحاد الأوربي بالمسؤوليات والالتزامات التي وعد بها، تنتقد تركيا عبر حجج لا أساس لها من الصحة".
وتابعت: "لقد بينت انتقادات المفوضية الأوربية لنظامنا الإداري والانتخابات والحقوق الأساسية والقرارات الإدارية والقضائية والقرارات المتخذة في إطار مكافحة الإرهاب، إلى جانب الأحكام المسبقة عن سياسة تركيا الخارجية والأمنية، مدى بُعد التقرير عن الموضوعية".
وذكر البيان أن القسم الخاص بقضايا شرق البحر المتوسط وبحر إيجة في التقرير يستند "بالكامل" على الأطروحات اليونانية.
وشدد بيان الوزارة: "هذا الوضع يشوه حياد المفوضية، نرفض هذا المنظور المنحاز وغير القانوني الذي لا يساهم في حل مشكلة قبرص، ولا في استقرار بحر إيجة وشرق البحر المتوسط".
وبخصوص انتقاد التقرير مكافحة تركيا للمنظمات الإرهابية، قالت الخارجية إن "تركيا تتحرك في إطار القيم العالمية والحقوق الأساسية والأمن والديمقراطية".
وختمت الوزارة بالقول: "رغبتنا الصادقة أن ينظر الاتحاد الأوربي إلى تركيا المرشحة لعضويته، ليس من حيث المصالح الأنانية والضيقة لدوائر معينة، وإنما من حيث المصالح المشتركة، والنظر في الرؤية الشاملة؛ من أجل تطوير علاقات تركيا بالاتحاد".
هل تفرض أوروبا في قمتها عقوبات على تركيا بسبب "المتوسط"؟
أنقرة تنتقد العقوبات الأوروبية على شركة تركية
لماذا ترفض تركيا فكرة التفاوض على اتحاد فيدرالي في قبرص؟