طرحت الزيارة المفاجئة التي قام بها وزير الداخلية بحكومة الوفاق الليبية، فتحي باشاغا، إلى القاهرة، تساؤلات عديدة.
وأعلنت وزارة الداخلية الليبية أن الزيارة تأتي في إطار التعاون بين ليبيا ومصر، والتحديات المشتركة التي تواجه البلدين، وتعزيز التعاون المشترك على الصعيد الأمني، وتوحيد الجهود لمواجهة خطر الإرهاب والجريمة المنظمة، وبما يحفظ الأمن القومي المشترك بين ليبيا ومصر"، وفق منشور رسمي.
"غموض وتكتم"
ولم يرد أي توضيح من أي جهة رسمية، سواء في مصر أو ليبيا، عن طبيعة الزيارة وطبيعة المسؤولين المصريين الذين سيلتقي بهم باشاغا.
وتواصلت "عربي21" مع المتحدث باسم حكومة الوفاق الليبية، غالب الزقلعي، حول الزيارة، وأكد أنه "حتى الآن لم يتم إعلامهم ببنود ومحاور الزيارة، إلا ما نشرته وزارة الداخلية على صفحتها الرسمية، رافضا التعليق على الأمر حتى يتم توفر المعلومات".
وتعد الزيارة هي الأولى من نوعها لمسؤول ليبي رفيع المستوى من الغرب الليبي منذ اندلاع الاتهامات والاحتقان بين الحكومة المصرية ونظيرتها الليبية، إلا أنها لم تكن الأولى لباشاغا شخصيا؛ كونه زار القاهرة في عام 2017 ضمن وفد من مدينة مصراتة، ومن وقتها لم ينقطع الاتصال بين الطرفين.
كما ساهم الوزير الليبي بشكل شخصي في حل أزمة المصريين المختطفين في مدينة ترهونة، الذين تعرضوا للإهانة والضرب، واستطاع خلال ساعات تحريرهم وإرجاعهم إلى بلادهم، بالتنسيق مع المخابرات المصرية وقتها، والتي قدمت شكرا له، رغم العلاقة المتوترة مع الوفاق.
"توافقات تونس"
من جهته، أكد الضابط الليبي السابق وعضو مجلس الدولة، إبراهيم صهد، لـ"عربي21"، أنه "رغم أن المعلن عن الزيارة أنها بهدف بحث التعاون حول عدة قضايا أمنية بما فيها محاربة الإرهاب، إلا أن توقيت الزيارة يرتبط بقرب الحوار السياسي في تونس".
وأشار في تصريحاته إلى أن "الاجتماعات التي ستعقد في تونس سيكون من مهامها إعادة تشكيل المجلس الرئاسي، وتعيين رئيس جديد للحكومة، وتشكيل حكومة جديدة، وربما يكون للزيارة علاقة بهذا"، وفق رؤيته.
"طمأنة مصر"
وأشار نائب الحاكم العسكري في شرق ليبيا سابقا، عقيد سعيد الفارسي، إلى أن "التنسيق الأمني وطمأنة الجانب المصري حول المرحلة القادمة هما أهم عناوين ومحاور الزيارة، خاصة أن باشاغا يعتبر الرجل الأول في غرب ليبيا، ويملك قدرات تؤهله أن يفرض الأمن، وكون مصر شريكا استراتيجيا يجب التعاون معه".
وأكد خلال تصريحاته لـ"عربي21" أن "هذه الزيارة جاءت بعد زيارات عدة قام بها الوزير الليبي إلى تركيا وقطر، في إطار التنسيق والتعاون الأمني ومكافحة الإرهاب، وأتوقع أن يتبعها عدة زيارات للوفاق، وأن يتم توقيع اتفاقات أمنية بين الحكومتين"، وفق معلوماته وتوقعاته.
"باشاغا والإسلاميين"
في حين رأى عضو البرلمان الليبي، محمد راشد، أن "اختيار مصر لشخص وزير الداخلية بالدعوة لكونه يمثل الجانب الأمني، وهو من أهم الملفات، وربما تكون الزيارة لتدارس التنسيق الأمني بين البلدين، لكن ليس هذا هو السبب الرئيسي، فربما يرى باشاغا أن مصر قد تكون إحدى البوابات للوصول".
واستبعد خلال تصريحه لـ"عربي21" أن "تكون الزيارة هدفها التسويق لشخص باشاغا كرئيس حكومة أو دولة مستقبلا، كون مصر قد تصنفه ضمن حزب "العدالة والبناء" (إسلامي) أو قريب منهم، ودلالة لقائه بمدير المخابرات المصرية لا تتعدى كون الأخير هو الذي يتولى إدارة الملف الليبي"، وفق تصريحه.
"تسويق وتنسيق"
المتحدث السابق باس قوات حماية وتأمين مدينة سرت، طه حديد، قال لـ"عربي21" إن "الزيارة تأتي في وقت يحتدم فيه الصراع على تولي رئاسة الحكومة القادمة التي ستنتجها حوارات تونس و"باشاغا"، أحد المرشحين الساعين لهذا المنصب"، وفق تقديره.
وأضاف: "وفي ظل التكتم عن الزيارة وأجندتها، يظل الاحتمال الأقرب هو التسويق لنفسه رئيسا للحكومة، ومحاولة كسب ود الجانب المصري، وربما اللعب على الوتر الذي تحبذه مصر، وهو محاربة الإرهاب، وتفكيك ما تسميهم "المليشيات""، كما رأى.
اجتماع ليبي جديد في "بوزنيقة".. واتفاق على إنجاح حوار تونس
ما دلالات زيارة المبعوثة الأممية لليبيا إلى تركيا؟
ماذا وراء توجه "الوفاق" الليبية للإفراج عن معتقليْن روسييْن؟