من أسمى المفاهيم مفهوم الروابط التي ينتج عنها علاقات..
مثلاً رابطة الأرحام وما يتولد عنها من علاقات ووشائج الأمومة والأبوة والأخوة.
رابطة العقيدة والتي لها قيمة خاصة في القرآن الكريم، وترتب حقوقاً وواجبات من المحبة والتضامن والولاء.
رابطة النسيج مع الوطن، حيث تترعرع الحياة بجذور وفروع وطعام وشراب وجيران وأصدقاء وتعليم وعمل وانتماء.
وكلما كان الانتماء للوطن نتاجاً لهذا النسيج كان الوطن جامعاً لكل الأطياف، بينما لو كان الانتماء للوطن عملية مصالح وأموال ونفوذ كلما نابذ أصحاب المصالح وطنهم وبنيه العداء عند أول خلاف سياسي.
يشهد العمل العام في فضاء المعمورة نماذج تفرزها النظم السياسية والفلسفات الفكرية الحاكمة، حيث يحتضن الوطن الذي يقوم على التعددية والتنوع وتداول الأفكار جميع الأطروحات المتباينة وأصحابها، حيث يستهدف الجميع المصلحة الوطنية المجردة عن الغرض الخاص وتستوعبهم قواعد لإدارة الخلاف، وترجيح أي الأطروحات هي الواجب الأخذ بها.
أما الدول التي تحكمها منظومة
الاستبداد والرأي الواحد والتي تتمتع بخاصية امتلاك السجن السياسي وجهاز الأمن السياسي، فهي دول تسقط فيها حاضنة التنوع السياسي وتعتبر فيها
الجنسية أداة عقاب سياسي أو ربما أداة عطاء.
العطاء يقدمه المستبدون لكل موالٍ لهم، بينما العقاب سيف مشهر في وجه كل ذي رأي في الشأن العام يعارض ما يذهبون إليه.
كان يمكن استثمار 25 يناير لفتح قنوات تستوعب طاقات الشباب لصالح الوطن، وتمكن لعملية تداول سياسي وتنوع يستفيد فيه الوطن من خبرات واجتهادات متباينة، ولكن تغلبت المصالح والأغراض في النفوذ والأموال على إعلاء مصلحة الوطن، وأصبح كل من يغرد خارج سيمفونية اللحن والموسيقى العسكرية عدواً يلاحقه التعذيب حتى الموت، أو التهم الملفقة والسجون.
لقد أفرزت لنا الطغمة المستبدة ابتكارات دكتاتورية إبداعية؛ وصلت للحرمان من تجديد جوازات السفر أو استخراج أوراق ثبوتية، حتى بلغ الأمر للعقاب السياسي عبر إسقاط الجنسية.
إن علاقتنا بمصر لم تخرج من رحم قانون يسمى قانون الجنسية، ولم ينشئها قرار وزير داخلية أو ورقة شهادة رسمية، إن علاقتنا بمصر نسيج جذورنا وأجددانا في باطن هذه الأرض الطيبة مهما لوثها علو نظام حكم مستبد.
* محامٍ بالنقض وبرلماني
مصري سابق