بدأ البحث عن حل للقضية السورية منذ أن اشتعلت في منتصف مارس عام 2011، واليوم وبعد مضي عشر سنوات من الفواجع والمآسي، لا يزال الحل عالقاً رغم ظهوره في بيان جنيف عام 2012 والقرارات الدولية التي أصدرها مجلس الأمن، لكن دون أية آلية للتنفيذ.
ومحنة السوريين تزداد اتساعاً مع تردي الأوضاع الاقتصادية في الداخل السوري، حيث هناك تهديد جدي بالمجاعة، وحالة من الضياع وفقدان الأمل بالوصول إلى مرحلة الانهيار المتسارع. ويبدو مثيراً أن يقول الجميع، إن الحل المنشود «سوري بامتياز»، بينما الغائبان عن كثير من اللقاءات السياسية حول الشأن السوري هما الحكومة والمعارضة، مما يجعل السوريين يفهمون أن الحل الممكن «دولي» وعلى السوريين تنفيذه، وهذا ما يجعل الجميع ينتظرون ما ستقوله الإدارة الأميركية الجديدة. والمؤسف أن الولايات المتحدة لا ترى حل القضية السورية من أولوياتها.
وحسب متابعتنا، نجد اهتمام الولايات المتحدة بالقضية السورية حتى الآن يحتاج إلى دفع، وهذا لا يعني أننا نريد أن نفوض الولايات المتحدة أو أية دولة كبرى باتخاذ قرارات الحل ونعفي أنفسنا من المسؤولية، فقد اجتهد السوريون ولم يكفوا عن محاولات إيجاد الحلول الممكنة والواقعية، وأقاموا المؤتمرات الوطنية من مؤتمر سمير أميس الذي سرعان ما تحول إلى اشتباك بالأيدي، وبعده مؤتمر صحارى الذي بدأه نائب الرئيس بشارة طيبة، لكن بريقه سرعان ما انطفأ، وتوالت الندوات والحوارات والمؤتمرات المتتالية في الرياض والقاهرة وآستانة وسوتشي والعديد من عواصم العالم.. لكنها لم تصل إلى شيء، بل إن مسار مفاوضات جنيف رغم ما رافقه من ضجيج إعلامي لم يحقق أية خطوة جادة في طريق الحل، وها هي ذي اللجنة الدستورية تراوح مكانها ولم تستطع بعد أن تتوصل إلى مادة واحدة متفق عليها في الدستور، وبات التعلق بهذه اللجنة مجرد تزجية للوقت.
ومع انسداد الأفق سيطرت على السوريين المعذبين في الأرض حالة من اليأس وشكوى حزينة من شعورهم المريع بالإهمال الدولي وتركهم في المستنقع الذي غرقوا فيه. ولم تعد التصريحات السياسية قادرة على تقديم الحلول والمخارج. لكن ذلك كله لم يثنِ السوريين عن العمل واقتراح البدائل، وهم ينتظرون دوراً عربياً قوياً على الرغم من تدويل القضية، ذلك أن الدول العربية هي الأكثر تأثراً بالحدث السوري، وتداعياته الإقليمية، وها هم السوريون يطالبون المجتمع الدولي بشكل حثيث بالعودة إلى تراتبية القرار الدولي رقم 2254 والبدء بتشكيل هيئة حكم انتقالية تؤول إليها كل الصلاحيات.
ولقد طرحت الأحزاب السياسية عقد مؤتمرات وطنية شعبية تخرج بمقررات قابلة للتنفيذ، وكان آخرها قبل أيام ما توجهت به «هيئة التنسيق» مع مجموعة أحزاب اختارت اسم «جود» وعزمت على إقامة مؤتمر في دمشق أملا بالوصول إلى رؤية لـ«حل سوري» دون تدخل خارجي وتحت سمع وبصر السلطة، وبحضور عدد من سفراء الدول الكبرى المعنية بالقضية.. لكن لم يسمح بعقد هذا المؤتمر.
وفي خضم هذا التيه، يتفاءل بعض السوريين بأن تقوم روسيا بمراجعة موقفها، قبل أن تصل الأطراف جميعاً إلى قاع المستنقع.
ولا ننكر أن جزءاً كبيراً من الحل هو بيد روسيا أولا، ولكنه لن يبلغ مداه دون موقف عربي حاسم ودون موافقة أميركية جادة، ودون دعم أوروبي وتركي، ودون منع إيران من تعطيل مسار الحلول، ويأمل السوريون بأن ينشط الضمير العالمي، وحسب السوريين ما فجعوا به على مدى عشر سنين، وهم يخشون أن تمتد الفجيعة إلى مدى أبعد، لا سمح الله.
(الاتحاد الإماراتية)