نشر موقع "نيوز ري" الروسي تقريرا، تحدث فيه عن عودة الأجواء في ليبيا إلى التوتر من جديد؛ نتيجة الصراع بين حفتر وحكومة الوحدة الوطنية في طرابلس على الجهة التي يجب أن يدين إليها الجيش بالولاء.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن احتمال نشوب صراع بين غرب ليبيا وشرقها بات أكثر ترجيحا هذا الأسبوع، على خلفية إصدار المجلس الرئاسي -وهو أحد هياكل السلطة في طرابلس- أمرًا إلى جميع الوحدات العسكرية في البلاد، يقضي بضرورة "الالتزام بتعليماته فيما يتعلق بالترقيات وتشكيل القوات المسلحة والوحدات، وتعيين قادة المناطق العسكرية والتعديلات الأخرى".
وأكد المجلس ممارسته لجميع صلاحيات القائد الأعلى للقوات المسلحة، وفقا لاتفاقيات منتدى الحوار السياسي الليبي الذي شكل أعضاء السلطة. لكن مبادرة المجلس الرئاسي لم تلق استحسان القوات الموالية لحفتر، الذي أجرى دون سابق إنذار عددًا من التغييرات على مستوى قيادات الجيش، بما في ذلك استبدال قائد القوات البرية وقائد أركان القوات الجوية.
وذكر الموقع أن حفتر أعلن خلال العرض العسكري في بنغازي بمناسبة الذكرى 81 لتأسيس القوات المسلحة الليبية أن القوات الموالية له لن تخضع "للإرهابيين والغزاة". ونتيجة هذه الخطوة وُجّهت إلى حفتر - المدعوم من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر - تهمة محاولة تنفيذ انقلاب وتقويض التسوية.
قنبلة انتخابية
يعتقد حفتر، الذي تسيطر قواته على المناطق الشرقية من ليبيا، أن قضية توحيد القوات المسلحة ينبغي حلها بعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، المقرر عقدها في كانون الأول/ ديسمبر القادم.
من جانبه، أشار المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، يان كوبيش، إلى مخاطر الصراع، مشيرا إلى أن الأطراف المعنية لم تتخذ الإجراءات اللازمة، رغم الاتفاق على تنظيم الانتخابات الرئاسية، ويقع اللوم في هذا على القوى الخارجية.
وأشار الموقع إلى أنه رغم انتخاب عبد الحميد دبيبة بقرار من منتدى الحوار السياسي الليبي، الذي عقد برعاية الأمم المتحدة وجمع ممثلين عن الشرق والغرب الليبي، إلا أن قوات حفتر تحدته في العديد من المناسبات. وقبل شهر، قامت القوات الموالية لحفتر ببساطة بخرق مبادرة المجلس الرئاسي المعنية بحظر نشر أو تحرك الوحدات العسكرية في ليبيا، دون إخطار رسمي.
ونقل الموقع عن الخبير الروسي لشؤون الشرق الأوسط، غريغوري لوكيانوف، أن الصراع بين حفتر والسلطات الجديدة كان يختمر منذ فترة طويلة. ويرى الخبير أن حفتر يحتاج إلى الأموال والأدوات التي تخول له الحفاظ على الممتلكات والموارد الاقتصادية التي كانت تحت سيطرة عائلته في السنوات الأخيرة من الحرب الأهلية الثانية، علما أن أبناء حفتر يسيطرون على أصول مختلفة في شرق ليبيا، مثل مشاريع البنية التحتية، فضلا عن جملة من الأراضي.
وحسب الخبير، فإن الشروط التي طرحها الأمريكيون والأمم المتحدة والوسطاء الدوليون الآخرون، بما في ذلك ألمانيا، لا ترضي تمامًا رعاة حفتر، خاصة مصر والإمارات. وتنتهج هذه الدول العربية سياسة مقيدة إلى حد ما، فمن ناحية تعزز عملية التفاوض، لكن من ناحية أخرى لا ترى حاجة إلى تسريع عملية نزع سلاح القوات الموالية لحفتر وإزاحته من المشهد.
الحرب ليست حتمية
ذكر الموقع أن حفتر يستغل الوضع الحالي، ودخل في صدام مع مجلس وزراء دبيبة. ونجاح دبيبة يعتمد بشكل مباشر على القدرة على حل العديد من المشاكل الرئيسية للانتقال إلى مرحلة جديدة من التسوية السياسية، من بينها إنشاء تسلسل هرمي واحد لإدارة القوات المسلحة، وإعادة القوات الموالية لحفتر إلى صفوف القوات الحكومية.
اقرأ أيضا: أنصار للقذافي يقطعون الماء عن غرب ليبيا ويطالبون بـ"السنوسي"
ويرى المحلل الروسي أن تضارب المصالح أمر لا مفر منه في ظل هذه الظروف، لكنه لا يعتبر أن استئناف الأعمال العدائية سيناريو حتمي مع قدرة الأطراف على التفاوض.
ازدواجية التفكير لدى حفتر
أفاد الباحث في المعهد السويسري للمبادرة العالمية، جلال حرشاوي، بأن حفتر يؤيد إجراء الانتخابات. وتعتبر هذه السردية مركز استراتيجية حفتر التي تمكنه من إعادة قنوات الاتصال مع الولايات المتحدة، فضلا عن تقويض مصداقية دبيبة وشخصيات أخرى مؤيدة لتركيا في طرابلس.
ووفقا لحرشاوي، يدرك حفتر أن رئيس حكومة الوحدة الوطنية يريد البقاء في السلطة لأطول فترة ممكنة، لذلك يحاول الترويج لنفسه على أنه ديمقراطي ليبرالي ملتزم بفكرة الحرية وإجراء انتخابات نزيهة. وفي الحقيقة، يستخدم حفتر فكرة الانتخابات دون أن يكون مؤمنا بجدواها وأهميتها، ويتجلى ذلك في سعيه إلى تعزيز سلطته في المناطق الواقعة تحت سيطرته مثل برقة، وكذلك بعض أجزاء فزان.
تحت ضغط من الأمم المتحدة والولايات المتحدة والبنك المركزي المحلي، قُدمت بعض الامتيازات لحفتر. وهذا يعني أن الوضع المالي لحفتر قد تحسن بشكل كبير منذ الموافقة على دبيبة رئيسا للوزراء في آذار/ مارس من العام الجاري.
الحكومة الموازية
وسط غياب ميزانية رسمية، ينهار التماسك السياسي الهش داخل إقليم طرابلس بشكل تدريجي، ما يزيد من خطر وقوع صراع في شمال غرب ليبيا كل أسبوع، الأمر الذي يخدم مصالح حفتر. ومن الناحية العملية، من المرجح أن يستفيد حفتر من سياسة اللين التي تتبعها إدارة جو بايدن والمبعوث الخاص الجديد للأمم المتحدة، ليشكل حكومة موازية جديدة في برقة. ولعل ذلك ما حاول فعله في نيسان/ أبريل 2020، ولكن حالت جهود روسيا ومصر والولايات المتحدة دون تنفيذ مخططه. والآن يبدو الوضع ملائما لإعادة المحاولة، وهو ما قد يعطل إجراء الانتخابات في المناطق الواقعة تحت سيطرة القوات الموالية له.
صحيفة: آلاف السوريين يتعرضون لمعاملة مهينة في ليبيا
بلومبيرغ: روسيا تضغط على حفتر لدعم سيف القذافي