صحافة إسرائيلية

مخاوف إسرائيلية من تنامي قدرات حماس العسكرية

أكد الخبير أن حماس تواصل العمل على تطوير قدراتها العسكرية- جيتي

بالتزامن مع اندلاع سلسلة من الهجمات الفدائية في الآونة الأخيرة في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، والاتهامات التي يوجهها الاحتلال لحركة حماس بتمويل هذه العمليات والتخطيط لها من خارج الضفة الغربية، تتجه الأنظار الإسرائيلية إلى تنامي قدرات الحركة في قطاع غزة، تحضيرا لما يمكن أن يكون مواجهة عسكرية قادمة لا محالة.


تتركز الأنظار الإسرائيلية بالذات على محاولات حماس إشعال النار في الضفة الغربية، وفي الوقت ذاته فإنها تستغل حالة الهدوء النسبي القائم في غزة من أجل إعادة بناء وتحسين قدراتها العسكرية القتالية، ومنذ انتهاء العدوان الأخير على القطاع في أيار/ مايو الماضي، فإن من الواضح أن الجانبين، حماس والاحتلال، يستخلصان دروسا مستفيضة، ويحاولان محاكاة سلسلة من السيناريوهات المتوقعة في المستقبل المنظور.


أليئور ليفي الخبير العسكري كتب في صحيفة "يديعوت أحرونوت" مقالا ترجمته "عربي21" ذكر فيه أن "حماس تحاول إشعال الأوضاع الأمنية في الضفة الغربية خلال الأسابيع الأخيرة، نتاج تنسيق عالي المستوى بين أذرع الحركة المنتشرة في غزة والضفة والخارج، في مسعى واضح يتمثل في تنفيذ سلسلة من الهجمات المسلحة ضد الجيش والمستوطنين في مختلف مناطق الضفة الغربية، دون أن يعني ذلك إغفال الحركة لأنشطتها العسكرية التي يقوم بها جناحها العسكري في قطاع غزة والضفة الغربية ولبنان".


وأضاف أن "حماس مستمرة في تكريس الموارد القتالية طوال الوقت، بزيادة تكثيف بنيتها التحتية العسكرية، في محاولة منها لمواصلة تأسيس وتشغيل فرق مسلحة أخرى خارج غزة، إلى جانب محاولتها تشكيل مجموعات قتالية أخرى، مع العلم أن حماس تستغل الهدوء القائم في غزة لإعادة بناء وتعزيز قوتها العسكرية في الفترة التي تسبق الحملة القادمة، علما بأنه في الأشهر السبعة التي انقضت منذ عملية "حارس الأسوار"، أعدت حماس دروسا شاملة، ووضعت خطة ستسمح لها بمواجهة إسرائيل بشكل أفضل".


وتتحدث المحافل العسكرية الإسرائيلية خلال الآونة الأخيرة عما تسميه جهود حماس لبناء منظومة تبنيها على أقصى قدر من اللامركزية، بحيث يمكن أن تواصل العمل حتى عندما يتم إحباط بعضها في الحملة القادمة، لأنه في الحرب الأخيرة تمكنت الحركة من توليد قوة نيران بوابل من أكثر من مائة صاروخ تم إطلاقها في غضون دقائق، من عدة أماكن، وعلى هدف واحد، لوضع مزيد من الصعوبات على القبة الحديدية للتعامل معها. 


في الوقت ذاته، فإن من المتوقع أن تؤدي القفزة التي حددتها حماس لنفسها كهدف في منظومة الصواريخ إلى قدرتها على إطلاق أكثر من 200 صاروخ في وابل واحد في الحملة القادمة من أجل تحدي نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي، لأن الهدف الأكثر أهمية الذي تم استهدافه خلال العملية، وفق المزاعم الإسرائيلية، هو مركز البحث والتطوير التابع لحماس، وفي هذا المجال تحاول حماس إعادة تأهيل قدراتها.


تتركز المخاوف الإسرائيلية على تحسين حماس لقدراتها في مجال دقة الصواريخ، وتطوير وتصنيع الطائرات بدون طيار، والحرب الإلكترونية التي ستحاول تعطيل عمليات الجيش الإسرائيلي، ومنظومة القبة الحديدية، وفي الوقت ذاته تبذل حماس محاولات لا تخفى على أجهزة أمن الاحتلال لتعزيز قدراتها القتالية في عرض البحر، سواء من خلال الغوص لمسافات طويلة، أو استخدام الزوارق السريعة التي يمكنها الاقتراب من منصات الغاز، أو الشواطئ الإسرائيلية، تمهيدا لإطلاق صواريخ باتجاهها.


في غمرة مراقبة القدرات العسكرية المتنامية لحماس، لا يغيب عن الدوائر الأمنية الإسرائيلية أن أهم ما يميز محاولاتها تلك المتمثلة في تنفيذ عمليات اختطاف لجنود أو مستوطنين، سواء في الضفة الغربية أو على حدود قطاع غزة. 

 

اقرأ أيضا: جنرال إسرائيلي: لسنا مستعدين للحرب.. عدد الضحايا سيكون كبيرا

حماس والجبهة الشعبية

 

وخلص المقال إلى أنه "يمكن لحماس أن تحقق هذا السيناريو كمفاجأة كاملة لإسرائيل، في أعقاب مناورات عسكرية كبيرة قامت بها الحركة خلال الأيام القليلة الماضية بغزة، وحينها سنكون أمام كابوس إسرائيلي جديد".

 

المستشرق إيهود يعاري كتب في موقع "القناة 12"، مقالا ترجمته "عربي21" جاء فيه أن "الأجهزة الأمنية الإسرائيلية رصدت في الآونة الأخيرة نقطة تحول سياسية مهمة في الساحة الفلسطينية، تم تجاهلها حتى الآن سواء بسبب الجهل، أو عدم الاهتمام، من خلال تحالف وثيق يتم تشكيله لأول مرة بين حماس والجبهة الشعبية، وهو تطور يشكل صداعًا كبيرًا لأبو مازن ومساعديه في فتح، خاصة وأن هذا التقارب يحصل عشية نية عباس عقد اجتماع للمجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية".


وأضاف أن "تقارب حماس مع الجبهة يأتي على خلفية ترحيبهما المشترك بالعملية الهجومية الأخيرة في مستوطنة حومش الذي قتل مستوطنا وأصاب آخرين، ونظم نشطاء الجبهة مظاهرات عسكرية في جامعة بير زيت، ولم يكتفوا بعرض أحزمة مفجرين انتحاريين ونماذج صواريخ، بل لوحوا بصورة لمؤسس حماس الشيخ أحمد ياسين، وخرجت التظاهرة إحياءً للذكرى الـ54 لتأسيس الجبهة، وبدلاً من مشاركة النشطاء السياسيين في هذا الحفل، فقد أقيم بكامله من مسلحي كتائب أبو علي مصطفى الجناح العسكري للجبهة".


أحد أسباب المخاوف الإسرائيلية من تقارب حماس مع الجبهة الشعبية، فضلا عن تسببه بتراجع إضافي لمكانة عباس في الأراضي الفلسطينية، فإن ذلك قد يتم ترجمته على هيئة تعاون الحركتين في تنظيم مظاهرات واحتجاجات ضد السلطة الفلسطينية من جهة، والتنسيق بينهما في مجال تنفيذ الهجمات المسلحة ضد جيش الاحتلال والمستوطنين على خلفية زيادة انتهاكاتهما ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية.


لا تخفي المحافل الإسرائيلية حقيقة أن تقارب حماس مع الجبهة الشعبية إنما يأتي منسجما مع حالة الانسجام السائدة بينهما في قطاع غزة، حيث تسيطر حماس هناك، وتتمتع الجبهة في غزة وأنصارها بحرية عمل لا تجد مثلها في الضفة الغربية، حيث تتعرض لملاحقة مزدوجة من السلطة الفلسطينية وقوات الاحتلال الإسرائيلي في آن واحد معاً.


لن يكون غريبا إن سعت قوات الاحتلال عبر أجهزتها الأمنية الحيلولة دون إنجاح هذا التقارب بين حماس والجبهة الشعبية، ومن غير الواضح كيف سيحاول أبو مازن إفشال التحالف بينهما، صحيح أنه سيحاول ويحاول، لكن دون أن تتوفر بين يديه مؤشرات نجاح جدية، مع العلم أنه في الانتخابات البلدية الأخيرة في عشرات القرى والبلدات في الضفة الغربية، اختارت بعض القوائم العائلية التنسيق بين مرشحي حماس والجبهة الشعبية، مما سجل لهما إنجازا من الدرجة الأولى على حساب فتح.