أدانت منظمات حقوقية دولية إقدام الاتحاد الأوروبي على تقديم ملف مشترك مع مصر لرئاسة المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب المقرر عقده في آذار (مارس) المقبل، واصفة الخطوة بأنها استخفاف بقيم حقوق الإنسان ومؤشر خطير على قبول الاتحاد الأوروبي للانتهاكات المصرية المرتكبة ضد المعارضين.
وبحسب وثيقة مؤرخة في 11 كانون الثاني (يناير) 2022، فإن اللجنة السياسية والأمنية في الاتحاد الأوروبي وافقت على الاقتراح المقدم في اجتماعات تشرين الأول (أكتوبر) وتشرين الثاني (نوفمبر) 2021 لتقديم ترشيح مشترك بين مصر والاتحاد لقيادة المنتدى المنوط بتشكيل وصياغة السياسة والممارسات الدولية لمكافحة الإرهاب، مشيدين بدور مصر "العريق" في هذه الحملة وقدرتها على إحراز تقدم واضح في هذا الملف.
وقالت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا في بيان لها أرسلت نسخة منه إلى "عربي21": "إن هذه الخطوة جاءت على الرغم من الأدلة الموثقة لدى المنظمات الدولية المختلفة على انتهاكات حقوق الإنسان بحجة "مكافحة الإرهاب" منذ استيلاء عبد الفتاح السيسي على السلطة في عام 2013، وقد طالت تهمة الإرهاب تلك كافة النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين المصريين من مختلف التيارات السياسية بالإضافة إلى الصحفيين المحليين والدوليين".
وأوضحت المنظمة أن عشرات الآلاف من المعارضين تعرضوا للاعتقال بسبب قضايا تتعلق بالانتماء الفكري وحرية الرأي والتعبير، ولا يزال الآلاف منهم محتجزين دون محاكمة في ظروف احتجاز سيئة للغاية مع حرمانهم من حقوقهم الأساسية، فيما أدين الآلاف وحُكم عليهم في محاكمات جائرة بعقوبات وصلت إلى السجن المؤبد والإعدام الذي نفذه النظام المصري بالفعل بحق أكثر من 90 شخصا.
وأشارت إلى أن أبرز الشهود على عبثية استخدام النظام المصري لتهمة الإرهاب لقمع المعارضين رامي شعث، الذي أفرج عنه حديثا من السجون المصرية وشهد أمام البرلمان الأوروبي بأن الأمن المصري وجه له تهمة الانتماء لتنظيم إرهابي دون تسميته ومكث في السجن مع الآلاف مثله 900 يوم دون محاكمة.
ولفتت المنظمة الانتباه إلى أن ترشيح مصر لرئاسة مثل هذا المنتدى هو بمثابة تكريم لها على الجرائم التي ارتكبتها على مدار السنوات الماضية تحت مظلة مكافحة الإرهاب، والتي ارتقت بعض ممارسات النظام فيها إلى جرائم ضد الإنسانية، كالحملة الوحشية في مدن محافظة شمال سيناء (رفح والعريش وغيرهما).
وأكدت المنظمة أن حلفاء مصر الدوليين يلعبون دوراً حاسماً في إفلات قيادات النظام المصري من العقاب، بل وتقوية قبضته للفتك بالمعارضين، فإلى جانب التعامي الدولي عن انتهاكاته المنهجية بحق المعارضين، يحصل هذا النظام على كم هائل من المساعدات العسكرية، ويحظى بالاستقبال الدبلوماسي التقليدي في مختلف المحافل الدولية، بل ويُدعى لترؤس منتديات دولية ذات صلة وثيقة بما يمارسه من جرائم.
وشددت المنظمة على أن مثل هذا الإعلان يدل على وجود تناقض صارخ بين مبادئ الاتحاد الأوروبي التي يدعي إيمانه بها وبين ممارساته على أرض الواقع، خاصة أن هذا الاتحاد سبق وأصدر في أكثر من مناسبة بيانات تنديد وإدانة حول تردي أوضاع حقوق الإنسان في مصر.
ودعت المنظمة البرلمان الأوروبي إلى الاتساق مع مبادئه وقوانينه الحاكمة وممارسة الضغوط المطلوبة على الاتحاد من أجل إعادة النظر في قراره الترشح مع مصر لرئاسة المنتدى، وبدلا من ذلك السعي بشكل جاد لإنقاذ عشرات الآلاف من المعارضين والنشطاء المعتقلين الذين يواجهون القتل البطيء في السجون المصرية تحت ذريعة مكافحة الإرهاب.
وكانت "هيومن رايتس ووتش" قد دعت في وقت سابق "الاتحاد الأوروبي" إلى إعادة النظر في خطوة تقديم ملفّ مشترك مع مصر للمشاركة في قيادة "المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب"، نظرا إلى ما قالت إنه "سجل مصر الشائن في انتهاكات حقوق الإنسان باسم مكافحة الإرهاب.
وأكدت "هيومن رايتس ووتش"، في بيان لها أنه منذ وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى السلطة في 2013، أصبحت مصر جحيما لحقوق الإنسان، حيث قمعت قوات الأمن المجتمع المدني بشدة وارتكبت انتهاكات مروعة ضد عشرات المدافعين عن حقوق الإنسان، والصحفيين، والمحامين، والمتظاهرين، والسياسيين المعارضين، ورجال الأعمال، وعائلات النشطاء، وغالبا ما وصفتهم بلا أساس بأنهم "إرهابيون".
ولفتت الانتباه إلى أن الاتحاد الأوروبي أثار باستمرار، لكن بخجل، مخاوفه بشأن انتهاكات مصر الحقوقية في بياناته في "الأمم المتحدة". ومع ذلك، فإن معرفته بسجل البلاد الحقوقي السيئ لم تمنعه من تقديم دعم عسكري، وسياسي، واقتصادي غير مشروط للحكومة المصرية المنتهكة للحقوق.
واعتبرت "هيومن رايتس ووتش"، أن "الترشّح المشترك قيد النظر سيتجاوز حدود المعتاد من نفاق وصفقات مشبوهة سرية، فهو إهانة صريحة للمنتقدين المصريين السلميين الذين دفعوا ثمنا باهظا لجهودهم لتأمين حقوق الإنسان ومستقبل ديمقراطي لبلدهم، والذين وصفتهم الدولة بـ’الإرهابيين‘ لتجرؤهم على ذلك".
ودعت المنظمة الحقوقية الاتحاد الأوروبي إلى أن يبدأ باتخاذ إجراءات هادفة لمعالجة هذا السجل، مع اقتراب عقد جلسة جديدة لـ"مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة"، فإن تكثيف الجهود لإنشاء آلية لرصد حقوق الإنسان والإبلاغ عنها، والتي طال انتظارها في مصر، سيكون بداية جيدة.
يذكر أن المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب هو منصة متعددة الأطراف ذات تأثير واسع على السياسة العالمية لمكافحة الإرهاب، بحسب وثيقة سُرّبت مؤخرا.
وتتمثل مهمة المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب الذي انطلق منذ العام 2011، وفق مؤسسيه، في الحد من تجنيد الإرهابيين وزيادة القدرات المدنية للبلدان للتعامل مع التهديدات الإرهابية داخل حدودها ومناطقها. ويعمل المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب مع شركاء في جميع أنحاء العالم لتحديد احتياجات المدنيين الحرجة في مجال مكافحة الإرهاب، وتعبئة الخبرات والموارد اللازمة لدعم بناء القدرات، وتعزيز التعاون العالمي لمكافحة الإرهاب.
ومن الأمور المركزية لرسالة المنتدى الشاملة "تعزيز نهج استراتيجي طويل الأمد لمنع ومكافحة الإرهاب والأيديولوجيات المتطرفة العنيفة التي تقوم عليه".
"رايتس ووتش" تطالب القاهرة بالكشف عن مكان اعتقال "منوفي"
محكمة مصرية تحيل أوراق 10 معارضين للمفتي تمهيدا لإعدامهم
رامي شعث: أخطط لمواصلة نشاطي لدعم قضية معتقلي مصر