تحدثت
مجلة "
ريسبونسيبل ستايت كرافت" عن اتفاقيات إبراهيم التي أدت إلى
تطبيع
الإمارات والبحرين والمغرب والسودان العلاقات مع
إسرائيل، وما أثاره ذلك من جدل.
وقال
الكاتب ويليام هارتونغ في مقال ترجمته "عربي21"، إن اتفاقيات إبراهيم من
بنات أفكار جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وقد وُصفت
بأنها نهج جديد لإحلال السلام والتعاون الاقتصادي في المنطقة مع تحسين ظروف
الفلسطينيين الذين يعيشون في الأراضي المحتلة.
وأعرب
الكاتب عن خشيته من أن تكون هذه الاتفاقيات ذريعة لضخ المزيد من الأسلحة في
المنطقة مقابل الحد الأدنى من فوائد تعزيز السلام والاستقرار في الشرق الأوسط
وشمال أفريقيا، "إن وُجدت أصلاً".
وأشار
الكاتب إلى أن مستقبل هذه الاتفاقات اكتسب أهمية جديدة الآن مع تحركات في الكونغرس
لتكريسها في قانون الولايات المتحدة عبر قانون تطبيع العلاقات الإسرائيلية أو ما
يسمى بـ "إيرنا"، الذي قد يُطرح على التصويت في الأسابيع القليلة
المقبلة.
ولفت
إلى أنه تم حديثا تشكيل مؤتمرات حزبية حول اتفاقيات إبراهيم في مجلسي النواب
والشيوخ، لكن يجب على أعضائه التفكير مليًا قبل تقديم الدعم المطلق للاتفاقية، وإلا
ستصبح الولايات المتحدة مرتبطة مع شبكة من الأنظمة الاستبدادية في المستقبل
المنظور، هذا بالإضافة إلى عواقب سلبية خطيرة على مصالح الولايات المتحدة في
السلام والاستقرار في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ورأى
أن أحد المؤشرات على الطبيعة الحقيقية لاتفاقيات إبراهيم يظهر في تقرير جديد صادر
عن المعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي، وهو مركز أبحاث للمحافظين الجدد
المتشددين في واشنطن.
وبين
أن التقرير كان صريحا وصادقا بشأن تداعيات الاتفاقية، مشيرا إلى أن العامل الحاسم في نجاح إدارة ترامب هو جاهزيتها لمنح المشاركين العرب في
الاتفاقية إغراءات ملموسة فيما يتعلق بعلاقاتهم الثنائية مع الولايات المتحدة -
التي كانت مثيرة للجدل في بعض الحالات - ويشمل ذلك مبيعات الأسلحة إلى الإمارات.
ونبه
الكاتب إلى أن مبيعات الأسلحة الفعلية تمثلت في عرض قيمته 23 مليار دولار من
الأسلحة الأمريكية بما في ذلك طائرات مقاتلة من طراز إف-35، وطائرات مسيّرة مسلحة
وقنابل بقيمة 10 مليارات دولار، ومن الواضح أنها ليست أدوات لصنع السلام.
وقوبلت
هذه الصفقات بالرفض داخل مجلس الشيوخ بواقع 46 مقابل 47 صوتًا، وهو ما يعكس مدى
جدليّة هذه المسألة. وفي الوقت الحالي، تخشى الإمارات القيود المحتملة حول كيفية
نشر هذه الطائرات. ومن جهته، أكد وزير الخارجية أنتوني بلينكن أن واشنطن لا تزال
ملتزمة بإتمام الصفقة.
ويعتقد
الكاتب أن ارتباط مبيعات الأسلحة باتفاقيات التطبيع لا يقتصر على مزيد ترسيخ الوضع
الراهن فيما يتعلق بالاحتلال الإسرائيلي وقمع الفلسطينيين، بل يهدد أيضا بزيادة
ربط الولايات المتحدة بشبكة من الأنظمة الاستبدادية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
بطرق من شأنها تقويض قدرة إدارة بايدن أو الرئيس المستقبلي على تقليص الوجود
العسكري الأمريكي في المنطقة - وهي الخطوة التي طال انتظارها، أما الخطر الآخر
فيتمثل في أن هذه الاتفاقيات يمكن أن تقوي الكتلة المعادية لإيران وتعمّق
الانقسامات في المنطقة وتزيد من احتمالات اندلاع حرب.
ووفق
الكاتب فإن إدراج الإمارات في هذا النوع من الترتيبات مثير للقلق، لا سيما بالنظر
إلى سجلها القاتم في مجال حقوق الإنسان وسلوكها المتهور في المنطقة، حيث أصبحت
الإمارات شريكا كاملا للمملكة العربية السعودية في حربها المدمرة في اليمن، التي
أسفرت عن مقتل الآلاف من المدنيين في غارات جوية عشوائية، ومقتل ما يقارب ربع
مليون شخص آخرين نتيجة تدمير البنى التحتية الحيوية، بما في ذلك الطرق والمرافق الصحية
والمدارس.
وفي
حين أن الحوثيين يتحملون أيضا مسؤولية المذبحة في اليمن، فإن الضربات الجوية
السعودية والحصار الذي يمنع دخول الإمدادات الغذائية والوقود والإمدادات الطبية من
الأسباب الرئيسية لمأساة اليمن. حاولت الإمارات إخفاء دورها في الصراع من خلال
تقليص وجود قواتها على أرض الميدان، لكنها تواصل تسليح وتدريب وتمويل الميليشيات
المتطرفة التي تورطت في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان أثناء إدارتها لشبكة من
السجون السرية.
وكانت
الإمارات بدورها وكيلا عديم المسؤولية في تعاملها مع الأسلحة التي باعتها لها
الولايات المتحدة. فقد نقلت أسلحة صغيرة ومركبات مدرعة إلى ميليشيات يضم بعضها
أعضاء حاليين أو سابقين من تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.
كما
تدخلت الإمارات في الحرب الأهلية في ليبيا دعما للقوات المناهضة للحكومة بقيادة
أمير الحرب الجنرال خليفة حفتر، في انتهاك واضح لحظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم
المتحدة. وشنت أيضا غارات بطائرات مسيرة أسفرت عن مقتل أعداد كبيرة من المدنيين.
وزودت الإمارات حكومة إثيوبيا بطائرات مسيرة استخدمتها في الحرب الأهلية.
تشمل
العلاقات المشبوهة الأخرى التي عززتها اتفاقيات إبراهيم العلاقات مع السلطات
المعادية للديمقراطية في السودان، الذي أزيح من قائمة الإرهاب الأمريكية مقابل
توقيع الاتفاقية. وكذلك المغرب، الذي حظي بإقرار إدارة ترامب أحقيته بالصحراء
الغربية مقابل انضمامه إلى الاتفاقيات. وبالنظر إلى الأخطار التي تهدد السلام
والأمن وحقوق الإنسان بسبب اتفاقيات إبراهيم، فهذا ليس الوقت المناسب لمحاولة
إطالة أمدها ناهيك عن توسيع نطاقها.