الكتاب: جامعة الدول العربية وحركات التحرر في المغرب العربي (1952-1962) الجزائر أنموذجا.
الكاتب: رشيد ولد بوسيافة.
الناشر: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الدوحة، الطبعة الأولى، سبتمبر 2020.
عرف النصف الأول من القرن العشرين ميلاد أول تكتل يضم الدول العربية؛ إذ تعززت الحاجة إلى قيام هذا التكتل بعد ظهور عدد من الحركات التحررية في العالم العربي، وكان لهذا التكتل الناشئ دور كبير في دعم حركات التحرر في المغرب العربي، وإعادة ربط بلدانه بالمحيط العربي.
صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات "سلسلة أطروحات الدكتوراة"، كتاب جامعة الدول العربية وحركات التحرر في المغرب العربي: 1952 ـ 1962 (الجزائر أنموذجا). للكاتب رشيد ولد بوسيافة، وهو أستاذ جامعي جزائري حاصل على شهادة الدكتوراة في التاريخ الحديث والمعاصر، ويعمل محاضرا بجامعة يحيى فارس بالمدية ـ الجزائر.
يقع الكتاب، في 288 صفحة من القطع المتوسط، وتكمن أهميته في أنه يحتوي أول دراسة أكاديمية تستنطق وثائق، وعلى رأسها تقارير الأمين العام للجامعة العربية، فضلا عن باقي وثائق الجامعة من مذكرات، وتقارير خاصة، ومضابط للجلسات الرسمية، التي لا تزال تصنف في خانة السرية، وبذلك تقدم للباحث عملا أرشيفيا، موثقا، أصليا، يُغنيه عن البحث في رفوف مكتبة الأمانة العامة، خصوصا أن هذه الوثائق غير مطبوعة، وغير مبوبة، كما أن المادة التي تتناول دعم الجامعة العربية لحركات التحرر في المغرب العربي، مبعثرة بين المجلدات والكتيبات، وبعضها غير متاح للباحثين.
الجامعة العربية ـ المغرب العربي.. تاريخ النشأة
انطلق، الكاتب، من سؤال رئيسي عن الدور الذي أدته الجامعة العربية في مساعدة بلدان المغرب العربي على التحرر من ربقة الاستعمار. وللإجابة عن هذا السؤال، قسّم الباحث كتابه إلى أربعة فصول، تناول في الفصل الأول "العمل العربي والمغربي المشترك: النشأة والتطور" من خلال محورين، درس في الأول ظروف نشأة جامعة الدول العربية، فيما خصص الثاني لدراسة مكتب المغرب العربي.
في المحور الأول، ألقى الكاتب الضوء على ملابسات نشأة الجامعة العربية، التي أشار إلى ربط أغلب الدارسين إنشاءها بالخطاب التاريخي الذي ألقاه وزير الخارجية البريطاني أنتوني إيدن في 29 أيار / مايو 1941، وأرجع الكاتب اهتمام بريطانيا بدفع العرب ومساعدتهم في إنشاء كيان يجمعهم، إلى رغبة بريطانيا في تخفيف حدة العداء الذي يحمله العرب لسياستها الاستعمارية، من خلال القبول بتعاون وتنسيق لا يضران بمصالحها.
عرض الكاتب بعد ذلك تفاصيل المباحثات والاجتماعات التي عقدت لإعداد صيغة لتحقيق الوحدة، فيما عرف ببروتوكول الإسكندرية، ثم عرض ميثاق الجامعة وناقش معاهدة الدفاع المشترك، التي وقّعت في 13 نيسان/أبريل 1950، ثم استعرض هياكل الجامعة، وأخيرا ناقش موقف الجامعة من الاستعمار، وأكد أن الجامعة العربية كرست نفسها لنصرة الشعوب الواقعة تحت نير الاستعمار، ما جعلها محل سخط الدول الاستعمارية في السنوات التي تلت تأسيسها.
بدأ الكاتب المحور الثاني بدراسة البعد الوحدوي في المغرب العربي، منذ بدايتها في أوائل القرن العشرين، حين أُسست "لجنة استقلال الجزائر وتونس" في برلين، عام 1916، وبعدها بعشر سنوات تأسس أول تنظيم سياسي يجمع النخب الوطنية في تونس، والجزائر، والمغرب، سُمي "نجم شمال أفريقيا". وأشار المؤلف إلى أن قادة الحركة الوطنية المغاربية قد نقلوا نشاطهم من برلين إلى دمشق ثم القاهرة، عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية.
عرض المؤلف ملابسات تأسيس مكتب المغرب العربي، التي تعود فكرة تأسيسه إلى عام 1946، حين استقبل يوسف الرويسي، عددا من قادة الحركة الوطنية في المغرب العربي، لمناقشة القضايا المغاربية، وإمكانية النظر إليها من منظور قومي. وبعد انعقاد مؤتمر المغرب العربي في عام 1947، قام ممثلو الأحزاب المغاربية بفتح دار لتوحيد مكاتبهم في القاهرة، وأطلقوا عليها "مكتب المغرب العربي". وأشار المؤلف إلى أن مجلة فرانس اعتبرت مكتب المغرب العربي امتدادا للجامعة العربية، أو قسما مكملا لها.
اختتم الكاتب الفصل بقوله؛ "إن فكرة العمل العربي والمغاربي المشترك بدأت ملهمة ووهاجة، وأن الآباء الأولين الذين أسسوا الجامعة، كانوا يحلمون بكيان واحد للأمة العربية، وذلك واضح من خلال الوثائق التأسيسية للجامعة العربية، وميثاق تأسيسها، خصوصا معاهدة الدفاع العربي المشترك؛ فالعمل الميداني لم يكن في مستوى الشعارات، والنتائج المُحققة كانت أقل كثيرا من الأهداف التي رسمت في البداية". (ص 57)
قضايا التحرر في دول المغرب
أما الفصل الثاني "جامعة الدول العربية وقضايا التحرر في ليبيا وتونس والمغرب"، فقد أشار الكاتب في بدايته إلى أنه اختار اسم الفصل طبقا للتدرج الزمني في طرح القضايا في أروقة الأمم المتحدة، لذا بدأه بدراسة موقف جامعة الدول العربية من القضية الليبية، التي كانت الجامعة العربية تضعها خلال السنوات الأولى لتأسيسها ضمن أولويات عملها، وأرجع ذلك إلى شخصية عبد الرحمن عزام باشا الذي له تاريخ نضالي، وعلاقات متشابكة داخل ليبيا، وهو الذي قاتل الإيطاليين في صفوف الليبيين تحت راية الخلافة العثمانية.
استعرض الكاتب جهود الجامعة العربية في استقلال ليبيا، والدور الحاسم الذي قامت به لضمان استقلالها ووحدتها، بعد أن أصبحت ليبيا محل أطماع الدول الاستعمارية، التي سعت للاستيلاء على مستعمرات دول المحور، بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية؛ حيث رأت فرنسا تعديل الحدود بين ليبيا وتونس، لتضم فزان إلى مستعمراتها، فيما لم تُخف بريطانيا رغبتها في أن يكون لها مركز قوة في برقة، واقترحت الولايات المتحدة لجنة مراقبة دولية للمستعمرات الإيطالية، وطلبت روسيا الوصاية على طرابلس.
في ختام هذا المبحث، أشار المؤلف إلى خيبة الأمل التي أُصيبت بها الجامعة العربية، بسبب المصير الذي آلت إليه القضية الليبية جراء تداخل المصالح الخارجية، والاستقلال المنقوص الذي قبل به الليبيون، في ظل نظام الحكم الفيدرالي، الذي لا يتماشى مع الأفكار القومية الوحدوية التي تدعو إليها الجامعة العربية.
استهل الكاتب دراسته للمبحث الخاص بجامعة الدول العربية والقضية التونسية برصد بدايات المقاومة التونسية ضد نظام الحماية الفرنسية، التي تعود جذورها إلى القرن التاسع عشر، وأوضح أنه بسبب تأخر الحماية الفرنسية على تونس نحو نصف قرن بعد احتلال الجزائر، أتيحت الفرصة لتجارب سياسية تونسية في الإصلاح والتجديد.
أوضح الكاتب أنه جاء اهتمام الجامعة العربية بالقضية التونسية متأخرا، إذ لم يجر التركيز عليها إلا في الدورة السادسة عشر، في أيلول/سبتمبر 1952، بعد أن أثيرت القضية التونسية في أروقة الأمم المتحدة، وإن أصبح دور الجامعة بعد ذلك جليّا في تدويل القضية التونسية، ومحاولة بلورة رأي دولي داعم للتونس.
لم يقع المغرب الأقصى تحت السيطرة الاستعمارية إلا في بدايات القرن العشرين، وكانت البداية بتوقيع فرنسا اتفاقية مع إيطاليا تنص على إطلاق يد فرنسا في المغرب، في مقابل إطلاق يد إيطاليا في طرابلس، ثم عقدت اتفاقا مشابها مع بريطانيا مقابل إطلاق يد بريطانيا في مصر. وفي 30 آذار/مارس 1913، وُقعت معاهدة الحماية بين المغرب وفرنسا، وبذلك انضم المغرب إلى شقيقاته في المغرب العربي، لتبدأ هذه الأقطار فصولا من المقاومة والنضال ضد العدو المشترك.
اهتمام الجامعة العربية بقضايا التحرر كان متفاوتا، فلكل قضية مرحلتها؛ انشغلت الأعوام الأولى بالقضية الليبية إلى عام 1952، وهو العام الذي بدأت فيه القضيتان التونسية والمغربية تنالان اهتماما متزايدا في الجامعة، مع تجاهل شبه كلي للقضية الجزائرية التي ما عادت متداولة في اجتماعات الجامعة، إلا في إطار الاستعمار في شمال أفريقيا، إلى أن اندلعت الثورة الجزائرية.
تناول هذا المبحث علاقة الجامعة العربية بالقضية المغربية، وألقى الكاتب الضوء على الدور الذي قام به الطلبة المغاربة في مصر، حيث كانت رابطة الطلبة المغاربة من بين الهيئات التي تقدمت بمذكرة تطلب من واضعي ميثاق الجامعة العربية اعتبار المغرب عضوا فيها، على أساس أنه لم يفقد سيادته تماما. ومن ثم كانت القضية المغربية في جدول أعمال الجامعة، حيث لم تخلُ أي دورة من دوراتها في السنوات العشر الأولى من دراسة استقلال المغرب وإدانة الاستعمار الفرنسي.
رأى المؤلف أن نضال المغاربة ضد الاحتلال كان أعنف وأعمق مقارنة بنضال التونسيين (ص 112)، كما رصد كيف كانت القضية المغربية أكثر حضورا في اجتماعات الجامعة، حيث كانت تقارير الأمين العام للجامعة لا تكاد تخلو من "قضية المغرب"، لكنه لم يشرح لنا أسباب هذا التفاوت في الاهتمام.
في ختام الفصل، تحدث الكاتب عن أن الجامعة العربية كانت تعتبر موريتانيا جزءا لا يتجزأ من المملكة المغربية، حيث لا يوجد في أدبيات الجامعة ما يمكن أن نطلق عليه القضية الموريتانية في هذه المرحلة من تاريخ الجامعة، بل إن في الدورة الاستثنائية لمجلسها آب/أغسطس 1960، أُقر قرار للجنة السياسية، يعتبر موريتانيا جزءا لا يتجزأ من المغرب، بل واعتبر أن الاستعمار سعى إلى اقتطاع جزء من الأراضي المغربية، بقصد إنشاء كيان مصطنع لما يسميه "الجمهورية الإسلامية الموريتانية". (ص 131)
أشار الكاتب إلى أن اهتمام الجامعة العربية بقضايا التحرر كان متفاوتا، فلكل قضية مرحلتها؛ انشغلت الأعوام الأولى بالقضية الليبية إلى عام 1952، وهو العام الذي بدأت فيه القضيتان التونسية والمغربية تنالان اهتماما متزايدا في الجامعة، مع تجاهل شبه كلي للقضية الجزائرية التي ما عادت متداولة في اجتماعات الجامعة، إلا في إطار الاستعمار في شمال أفريقيا، إلى أن اندلعت الثورة الجزائرية.
قسّم الكاتب الفصل الثالث إلى ثلاثة محاور، بحسب الترتيب الزمني، بدأها باندلاع الثورة الجزائرية في غرة تشرين الثاني/نوفمبر 1954، وكيف أصبحت القضية الجزائرية، منذ ذلك الحين، القضية المركزية للجامعة العربية، وكيف بادرت الأمانة العامة للجامعة إلى إذاعة بيان عن موقف الجامعة من الثورة الجزائرية في 13 نشرين الثاني/نوفمبر 1957، حاولت فيه تبرير نزوع الجزائريين إلى الكفاح المسلح، كنتيجة لقمع ووحشية فرنسا في التنكيل بالمناضلين في سبيل حرية بلادهم.
ناقش المؤلف بعد ذلك جهود الجامعة العربية إزاء القضية الجزائرية على صعيد الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، كما ألقى الكاتب الضوء على الوساطة تونس والمغرب لحل القضية الجزائرية، من خلال المعلومات التي تضمنتها وثائق الجامعة العربية، وناقش بالتفصيل قضية اختطاف طائرة الزعماء الجزائريين الخمسة، وموقف الجامعة منها،
تحدد المحور الثاني بين عامي 1957 ـ 1959، حين احتلت الجزائر الأولوية في المحافل الدولية، بفعل الزخم الذي كسبته الثورة الجزائرية، وأوضح كيف باتت الجامعة العربية تفتتح جلساتها بالقضية الجزائرية، بل وتقدمها على القضية الفلسطينية. وأكد الكاتب أن دعم الجامعة في تلك الفترة، لم يكن مجرد خطب رنانة في الاجتماعات؛ حيث قرر مجلس الجامعة العربية الموافقة على تخصيص ميزانية سنوية للجزائر، تقررها حكومات الدول الأعضاء.
أما المحور الثالث، فقد حدده الكاتب بين عامي 1960 ـ 1962، حين فجرت فرنسا أول قنبلة نووية لها في الصحراء الجزائرية، في 12 شباط/فبراير 1960، وناقش جهود الجامعة العربية في المحافل الدولية للحيلولة دون هذا التفجير، والتفجيرات التي تلتها، وبحسب تقرير الأمين العام للجامعة، فإن إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي رحبت بتفجير القنبلة النووية، بل واعتبرته نجاحا سياسيا يدعم موقف فرنسا في الميدان الدولي.
رصد الكاتب جهود الجامعة في دعم القضية الجزائرية، حيث تطورت هذه الجهود وتنوعت في هذه المرحلة، فمن دعوات المقاطعة الاقتصادية لفرنسا، لتبني فكرة انضمام المتطوعين العرب والأفارقة لجيش التحرير الجزائري، ناهيك عن جهود الدبلوماسية في كل المحافل الدولية. ولم تنته جهود الجامعة بعد الاتفاق التاريخي الذي تم في 18 آذار/مارس 1962، بين الطرفين الجزائري والفرنسي لوقف إطلاق النار تمهيدا للاستفتاء على تقرير المصير، بل امتد لمساهمة في خلق رأي دولي عام ضد منظمة الجيش السري الفرنسية، التي حاولت السيطرة على منطقة شاسعة من الغرب الجزائري لفصلها عن القطر الجزائري، وقامت بالعديد من عمليات القتل والحرق والتدمير.
اختار الكاتب في الفصل الرابع "جامعة الدول العربية والملفات العربية الكبرى في القضية الجزائرية"، أن يدرس ثلاثة ملفات كبري، أولها الملف الإنساني، حيث رصد موقف الجامعة تجاه أعمال القمع، والتعذيب، والمجازر واضرابات السجناء، وتابع جهود مكتب الأمانة العامة في توثيق الانتهاكات الفرنسية، واطلاع الرأي العام العالمي على فظاعتها.
أولت الجامعة اهتماما كبيرا بقضية اللاجئين الجزائريين الذين نزحوا إلى تونس والمغرب، الذين قدر مسؤولو جبهة التحرير الوطني عددهم بـ 300 ألف لاجئ، وهو ما يمثل رُبع سكان الجزائر آنذاك، حيث عملت الجامعة على إثارة القضية إعلاميا وجماهيريا، ولم تكنف الجامعة العربية بالجهود الدبلوماسية والسياسية فحسب، بل اتخذت أيضا بعض الإجراءات للمساهمة في مد يد المساعدة إلى الشعب الجزائري، حيث عاونت الهلال الأحمر الجزائري في جمع التبرعات والإعانات المالية والعينية.
كان الملف الثاني الذي طرحه الكاتب، جهود الجامعة العربية في تدويل القضية الجزائرية في المحافل الدولية، لا سيما في الأمم المتحدة، ناقش ذلك من خلال جلسات الأمم المتحدة وقرارتها فضلا عن تقارير الأمانة العامة للجامعة. وأشار الكاتب إلى أن الجامعة العربية كانت أكثر فاعلية في هذا الملف، وكانت جهودها أشد وضوحا؛ إذ قادت معركة دبلوماسية في أروقة الأمم المتحدة، مستغلة في ذلك العلاقات المتشابكة للدول العربية مع جميع دول العالم، وخصوصا المجموعة الأفريقية ـ الآسيوية.
رصد الكاتب جهود الجامعة في دعم القضية الجزائرية، حيث تطورت هذه الجهود وتنوعت في هذه المرحلة، فمن دعوات المقاطعة الاقتصادية لفرنسا، لتبني فكرة انضمام المتطوعين العرب والأفارقة لجيش التحرير الجزائري، ناهيك عن جهود الدبلوماسية في كل المحافل الدولية.
ماذا عن الملف الثالث: جامعة الدول العربية والمفاوضات الجزائرية ـ الفرنسية؟ أشار الكاتب إلى أنه من خلال تصفحه لوثائق الاجتماعات الرسمية للجامعة العربية، وجد أن تقارير الأمين العام للجامعة كانت تتجاهل الاتصالات غير الرسمية التي كانت تحدث بين قيادات جزائرية والجانب الفرنسي، وذلك حتى غاية حزيران/يونيو 1960، حين بدأت التصريحات باتجاه محادثات أولية رسمية بين قيادة الثورة والدولة الفرنسية.
أما عن موقف الجامعة من محادثات مولان، فقد وصفها الأمين العام في تقريره في الدورة الرابعة والثلاثين لمجلس الجامعة بأنها "مقابلة شاذة لمبعوثي الحكومة المؤقتة" (ص250)، في حين كان موقفُها من اتفاق إيفان إيجابيّا. وعموما، لم تكن جامعة الدول العربية طرفا مشاركا في المفاوضات التي كانت مباشرة بين الجزائريين والفرنسيين، لكنها كانت تتابعها خطوة إثر خطوة. كما كانت تشكل قاعدة خلفية للمفاوضين الجزائريين.
في ختام دراسته، أشار المؤلف إلى أنه قد خرج بعد دراسته لوثائق الجامعة العربية بانطباع واسع، مؤداه أنها كانت تعبر بحق عن آمال الشعوب العربية في الانعتاق والتحرر، كما أنها أعادت ربط جناحي العالم العربي؛ فقضايا التحرر في المغرب العربي كانت مجهولة في المشرق العربي، إلى أن جرى تأسيس الجامعة. كما ذكر عدد من النتائج من أهمها أن الجامعة قد أدت دورا بارزا في تدويل قضايا التحرر في المغرب العربي، في حين أنها فشلت في فرض توجهاتها في كل من ليبيا وتونس؛ إذا سلكت الاتفاقيات المبرمة مع كل من إيطاليا وفرنسا توجهات مناقضة للتوجه الوحدوي العربي الاستقلالي. كما أكد أن القضية الجزائرية كانت القضية المركزية للجامعة العربية؛ إذ إن ما خصصته وثائق الجامعة للقضية الجزائرية، يفوق ما خصصته لباقي قضايا التحرر في المغرب العربي مجتمعة.
وبعد، فإننا أمام عمل يستحق كاتبه كل التحية، فقد عمل على تزويد الجامعة العربية بعمل أكاديمي مبني على المصادر الأساسية، من تقارير ومحاضر جلسات، لتكون في متناول الدارسين والمهتمين بالتاريخ الوطني بشكل عام، كما أعطى القارئ فرصة للاطلاع على صفحات ناصعة من التاريخ المشترك للمغرب العربي.
كيف يبدو الدّاعية الإرهابي مقنعا ومؤثرا؟ كتاب يجيب
كيف حول الفساد تونس إلى دولة فاشلة؟ مفاهيم ومعطيات (2من2)
العرب في استراتيجيات الهيمنة الأمريكية.. المقدمات والمآلات