أثار قرار السلطات التركية نقل ملف قضية الصحفي جمال خاشقجي إلى السعودية، جدلا داخليا وخارجيا، في ظل الحديث عن تقارب بين الرياض وأنقرة.
وفي تصريحات لصحيفة "AYDINLIK" أكد وزير العدل التركي بكير بوزداغ، أن نقل القضية لا يعني إسقاطها، وفي نهاية المطاف ستكون الكلمة الأخيرة للمحاكم التركية.
زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو انتقد قرار نقل ملف خاشقجي إلى السعودية، معتبرا بأن ما جرى يعد انتهاكا لسمعة تركيا، فيما قال زعيم حزب السعادة تمل كارامولا أوغلو إن القرار يقوض مصداقية بلاده.
وردا على تصريحات المعارضة التركية، أكد وزير العدل التركي، أن "قرار المحكمة في قضية خاشقجي يتوافق مع الإجراءات والقانون، ما جرى ليس نقلا للولاية القضائية، ولم يتم إسقاطها، والقرار هو تجميد المحاكمة ونقل الإجراءات، وتعد الآن معلقة في تركيا".
وتابع: "التقييمات التي أجراها بعض السياسيين أو بعض الأوساط حول هذا الحدث تستند بالكامل إلى حسابات سياسية في مسعى لإلحاق الضرر بالحكومة وتحالف الجمهور.. هم يدركون بأنه لا يوجد شيء مخالف للقانون في هذه المسألة.. وهم لا يركزون على ما يقوله القانون الدولي، وما تقوله قوانين تركيا".
وأضاف: "تركيا هي التي جمعت الأدلة بشأن الجريمة، وهي التي شاركتها مع الرأي العام العالمي، تركيا هي الدولة التي اتخذت خطوات حاسمة للحفاظ على المحاكمة وحصول الجناة على العقوبة التي يستحقونها".
اقرأ أيضا: أنقرة ترد على انتقادات نقل قضية خاشقجي إلى السعودية
وتساءل الوزير التركي: "أي دولة في العالم أظهرت الموقف الحازم الذي أظهرته تركيا تجاه القضية؟.. هل هي أمريكا أم دول أوروبا؟ لم يتخذ أي منهم خطوة كما لو أنهم تجاهلوا الحادث،.. لكن ماذا فعلت تركيا؟.. اتخذت الخطوات اللازمة في إطار مقتضيات سيادة القانون، ولذلك تدهورت العلاقات مع السعودية بشكل كبير".
وذكر أن المتهمين في القضية ليسوا مواطنين أتراكا، "ومن أجل استمرار المحاكمة، يجب أن يمثل المتهمون أمام المحكمة وتسليمهم إلى تركيا.. لم يحضروا حتى الآن إلى المحكمة، ولا يمكن تنفيذ أوامر اعتقال بحقهم ولا يمكن إصدار نشرة حمراء بحقهم، لأنهم جميعا من مواطني السعودية".
وأضاف: "على هذا النحو، حتى لو استمرت المحاكمة رسميا في الوقت الحالي، لا يمكن إحراز تقدم فعلي، وعليه إما أن يبقى الملف مفتوحا أو انتظار قانون التقادم".
وقال: "الأهم من ذلك أن يتواصل سير المحاكمة، وبالقرار التركي ستواصل السلطات القضائية بالسعودية إجراءاتها، وسنرقب ما سينتج عن ذلك، ولكن في النهاية إذا كان هناك إدانة فستجري المحكمة التركية تقييمها وتسقط القضية، ولكن إذا تم اتخاذ قرار آخر، فإن القرار النهائي سيكون للمحكمة التركية".
الكاتبة التركية كوبرا بار في تقرير على صحيفة "خبر ترك"، رأت أن القرار التركي صحيح، ربما ذلك يتوافق مع القانون، لكنه لا يتوافق مع الأخلاق والضمير ولا يناسب الحكومة وخصوصا صورة أردوغان.
وأوضحت أن أنقرة اتخذت قرارا متسرعا لا داعي له بنقل قضية خاشقجي من وجهة نظر استراتيجية.
وأضافت أن أنقرة دخلت في مرحلة تغيير جدي في السياسة الخارجية، من خلال صنع السلام وبشكل حاسم مع "إسرائيل" ومصر والإمارات والسعوديين، وبعبارة أخرى فإن الكتلة التي تضغط على تركيا في شرق المتوسط تنهار.
وتابعت بأن هذا التوجه التركي جاء مع تغير المصالح في المنطقة لا سيما بعد المصالحة التي قامت بها السعودية والإمارات مع قطر، وهناك أسباب أخرى، ولكن الملخص: "لقد ذهب ترامب، وانتهى التوتر".
وأوضحت أنه بفضل الدعم الكبير من ترامب كان لديهم مزاج "نحن القوة العظمى للعالم العربي والإسلامي"، لكنهم لم يتمكنوا من إخضاع قطر بالعقوبات التي فرضوها عليها.
اقرأ أيضا: مسؤول تركي ينفي أن يكون قرار نقل محاكمة خاشقجي سياسيا
ودفعت مساعي بايدن لإعادة العلاقات مع إيران وإعلانه أنه سينأى بنفسه عن الديكتاتوريات، السعودية والإمارات إلى التصرف بشكل أكثر برغماتية في العصر الجديد، وأسهمت مصالحتهم مع قطر في فتح صفحة جديدة مع تركيا التي تواجه عزلة في شرق المتوسط وتعاني من أزمة مالية.
وتساءلت الكاتبة التركية: "بينما كانت الخطوات المتخذة ليس من طرف تركيا فقط، هل نحن بحاجة إلى دفع ثمن كبير لإصلاح العلاقات؟".
وتابعت متسائلة: "بينما لا يوجد ضغط مثل الاضطرار لشراء منظومة أس400 بعد إسقاط الطائرة الروسية (عام 2015)، أو التعرض لهجمة اقتصادية كما في حالة القس برونسون، لماذا قدمنا قضية خاشقجي على طبق من ذهب لإحلال السلام مع السعودية؟".
وأضافت متسائلة: "هل يتوافق هذا القرار مع الصورة الدولية لأردوغان، الذي يقول "العالم أكبر من خمسة" ويتحدث عن الظلم في العالم عند كل منعطف؟".
وتابعت: "كما قالت لنا حليفتنا (الولايات المتحدة) إن محاكمنا مستقلة، ولا يمكن التدخل في قضية "خلق بنك"، كان ينبغي علينا أن نقول للسعودية "نحن آسفون" حول هذه الجريمة التي هزت العالم كله".
وأوضحت أنه من المؤكد أن السعودية اعتبرت هذه القضية على أنها ثأر مع تركيا، لكن كان من الممكن تنفيذ دبلوماسية استراتيجية بهذا الشأن، ولذلك فإن البرغماتية المتسرعة أضرت بصورة الحكومة التركية داخليا وخارجيا.
أنقرة ترد على انتقادات نقل قضية خاشقجي إلى السعودية
لماذا أحالت تركيا ملف قضية خاشقجي إلى السعودية؟
العدل التركية: سنبدي رأيا إيجابيا بنقل قضية خاشقجي للسعودية