قضايا وآراء

حزمة القوانين الغريبة

1300x600

في متابعة لمجريات الأحداث المتسارعة في منطقة الشرق الأوسط، تهل على المنظومة العربية وبشكل متتابع حزمة من القوانين الغربية في طابعها والغريبة في أساسها وأصلها عن أبنائها من الأمة العربية وهم أكثر ساكنيها، فمن قوانين وتشريعات الدعم والمساندة لحقوق المرأة، إلى مثلها في ما يتعلق بالأسرة والطفل والحياة العائلية والأسرية.. وكلها ضمن حجة واحدة هي التمكين والتقوية لهذه الفئات المسكينة المهمشة حسب قول أصحابها والساعين لتثبيتها وإقرارها واقعا في الحياة.

في هذه المنطقة نفسها هل ظلمت المرأة العربية؟ هل ظلمها الإسلام الطيب؟؟ هل ظلمتها والطفولة القوانين والتشريعات العربية؟ هل وقع عليها وعلى الطفولة الحيف والبأس والجور؟ هل قيدوا عنوة وجبرا بالسلاسل؟ الإجابة بصورة جلية واضحة هي "لا"، حيث اعتلت المرأة العربية اليوم أعلى المناصب الوظيفية والعملية، سواء كان ذلك في الوظيفة الحكومية أو في القطاع الخاص، شاركت في الندوات والمحاضرات منحت الثقة والفرص الكثيرة والوفيرة، علما وتعلما ثقافة ومعرفة ولأعلى الشهادات العلمية، فكانت إلى جانب الأمومة بعد الزواج صانعة الأجيال وسيدة التربية والتعليم، فكيف تظهر اليوم بصورة البائسة مكسورة الجناح والخاطر، لتأتي بعض المنظمات الغريبة مدافعة عنها وعن عالم الطفولة والبراءة، وبشراسة غير معهودة وبأسلوب مبطن ظاهره طلب الحق وباطنه أبعاد وأهداف سرية؟ لعل أهم هذه الأهداف:

تفكيك المجتمع العربي وبنيته، فالعائلة والأسرة العربية هي أساس كل مجتمع وعموده الصلب المتين الذي يمده بطاقة الاستمرار ومواصلة طريق الحياة بناء وتعميرا. لكن ذلك لم يعد يرضي بعض الفئات البشرية وأهمها "إسرائيل" التي لها اليد القوية في عالم اليوم، وتحديدا في منطقة الشرق الأوسط حيث التقاء مصالحها الوجودية مع مصالح بعض المنظمات العالمية تفرقة وتمزيقا لجسد الوطن العربي دون رحمة ولا سكون.

نعم هو الحال، كذلك تسير أمور النساء وعالم الطفولة العربي بصورة عامة إلا ما ندر بشكل جيد واقعا ملموسا، ومعه نموا متتابع مع الزمن، لكن إسرائيل اليوم وهي الطامحة إلى مشروعها التسلطي الجارف عنوة وجبرا لا تترك فرصة إلا وجيرتها لصالحها ومنفعتها.. وطن عربي ضعيف ممزق مليء بالجراح، تزيد جراحه تعمقا حتى لا ينفع معها خياطة ولا دواء يذكر.

في الغالب الأعم حال النساء والطفولة العربي ضمن الجودة معقول مقبول، لكن اليوم وبين الحين والآخر تظهر احتجاجات في وسائل الإعلام والتواصل وفي الشوارع العربية.. مطالبات بماذا؟ وما هو هدفها؟ ماذا يريد صانعوها ومحركوها؟ كله مبهم في حقيقته لأنه بعيد عن الحق والعدل والحقيقة، حيث الإمعان والتمعن يقدمان الصورة الصحيحة عن دعوات هدامة للمجتمع العربي؛ ليس غرضها الإصلاح بقدر ما هو الإعجاز والتعجيز للوصول إلى الفرقة والهدم.

باتت الحقيقة واضحة.. لإسرائيل وأذنابها اليوم المصلحة الكبرى لشرذمة المجتمع العربي وتقزيم إنجازاته وإضعافه وبنيته الأساسية وهي الأسرة والعائلة، تدخل في تشريعات الزواج طابعه وطبيعته، في كينونة البناء الأسري أساس البيت العربي، حتى الطفولة لها تشريعات جديدة، حيث الطفل عربي النشأة سيصير غربيا طابعا وتطبعا، وهو عربي فأين أصالة العروبة وثقافة الأمة العربية وأعرافها وتقاليدها التي تميزها عن غيرها من أمم هذا العالم الكبير؟

على الناس أينما كانوا في بلاد العروبة والعرب الحذر كل الحذر من مثل هذه الدعوات الهدامة المستمرة والمشتعلة نيرانها حاليا بضراوة لأجل الطابع الإسرائيلي ومعه الغربي تمكينا وإرساء للجذور، وهذا ما أكدته زيارة بايدن في الأسابيع الماضية ودعوته الصريحة إلى التمكين الإسرائيلي في البلاد العربية. على الكل العربي اليوم التوقف عند هذا المصلح ودلالاته ومعانيه فهو الدواء الفاسد الذي لا شفاء منه، وهو السقوط في بئر العولمة والغرابة عن حياة العروبة بجوهرها ومضمونها. فهل من سامع قارئ أم على قلوب أقفالها؟ لعل الزمن القادم كفيل بالإجابة والجواب.

وسؤال السطر الأخير: أهل مكة أدرى بحالها وأدرى بشعابها، فلماذا يتدخل الغرباء؟