الكتاب: العرب والهند: تحولات العلاقة مع قوة ناشئة ومستقبلها،
المحرر: مروان قبلان
الناشر: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الدوحة 2018.
الهند واحدة من أقدم الحضارات، وإحدى أكبر الديمقراطيات، وهي دولة فتية استثمرت تنمويا مرحلة الانتقال الديموغرافي، لتصبح واحدة من أسرع الاقتصادات نموا حول العالم، ففي خلال الفترة من 1984-2014 تضاعف الناتج القومي للهند أكثر من عشر مرات، أما النمو الاقتصادي، فقد ارتفع من 3 في المئة إلى 8.1 في المئة، في الفترة نفسها.
تمثل تلك الصورة التي ترسم مستقبل الهند بوصفها قوة كبرى عالمية، فضلا عن قربها الجغرافي وعلاقتها التاريخية، أحد أهم أسباب اهتمام العرب بهذا العملاق الآسيوي، وفي هذا الإطار، أصدر المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب "العرب والهند: تحولات العلاقة مع قوة ناشئة ومستقبلها"، الذي يعالج جوانب مختلفة من العلاقات بين العرب والقوة الهندية الصاعدة، ويشتمل على ثلاث عشرة ورقة بحثية منتقاة. من الأوراق التي قدمت في مؤتمر "العرب والهند: تحولات العلاقة مع قوة ناشئة ومستقبلها"، وتم توزيع الأوراق البحثية على ثلاثة أقسام: العرب والهند بين الماضي والحاضر، والحضور الهندي في غرب آسيا، والبعد الاقتصادي للعلاقات العربية ـ الهندية.
العرب والهند بين الماضي والحاضر
في الفصل الأول "المُتخيّل العربي عن الهند برها وبحرها"، حاول شمس الدين الكيلاني، الباحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، إعطاء صورة عامة عما عرفه العرب، وفكروا فيه، عن الهند وعوالمها، وعما تضمنته ثقافتهم من أحكام، ومعايير نابعة من مرجعيتهم الثقافية وقيمهم.
اشتمل الفصل على محورين، تعلق أولهما بمُتخيّل العرب عن الهند، درس فيه الكيلاني، سبل الاتصال المعرفي والثقافي بالهند، الذي بدأ قبل الإسلام وتعزز بعد ظهوره، مع تعاظم التبادل التجاري بين العرب والهند. كما ألقى، الكيلاني، الضوء على طريقة التعرف العربي إلى الهند في التأليف، والتخيل، والمشاهدة، باستخدام مصادر المعرفة العربية وكتابتها في شتى فروعها.
في المحور الثاني، اهتم، الكيلاني، بالتعرف على بحر الهند وشواطئه، في كتابات الجغرافيين العرب، في العصر الوسيط، الذين نظروا إلى البحار الممتدة من السواحل الشرقية إلى البحار المحاذية لسواحل الصين الجنوبية، مرورا بالمحيط الهندي، والفارسي، والعربي على أنه بحر واحد، أطلقوا عليه البحر الهندي/ الصيني/ الحبشي.
درس، صاحب عالم الأعظمي، الباحث في مركز حسن بن محمد للدراسات التاريخية، "العلاقات بين الهند والجزيرة العربية في عصر الدولة المغولية"، ولا سيما في عهد الأباطرة المغول. كما بحث في موقف الإدارة المغولية من العدوان البرتغالي، والصفوي ضد حركة المرور التجارية، والدينية من الهند إلى الجزيرة العربية.
وجد الأعظمي، أن العلاقات الدينية، والثقافية، والتجارية، بين الهند والحرمين الشريفين، قد ازدهرت خلال العصور الإسلامية كلها، وأدى وصول المغول إلى الهند، في النصف الأول من القرن العاشر الهجري، إلى ترسيخ تلك العلاقات. أما العلاقات بين الإدارة المغولية، ولا سيما في عهد السلطان أكبر، والإدارة العثمانية في الحجاز، فلم تكن على ما يرام.
ركز الأعظمي في المبحث الثاني على علاقة السلاطين المغول بالإدارة العثمانية في الحجاز، التي وجد أنها كانت متباينة من سلطان لآخر، حتى وصلت إلى مرحلة العداء في عهد السلطان أكبر. فيما يخص موقف الدولة المغولية من البرتغاليين، ألقى، الأعظمي، باللوم على سلاطين المغول؛ لأنهم فضلوا الاستسلام لمطالب الأوروبيين غير الشرعية، على تحسين العلاقات بالعثمانيين، حيث غاب عنهم فرصة التنسيق مع العثمانيين للعمل المشترك ضد البرتغاليين.
رأى الأعظمي، أن مصالح المغول السياسية دفعتهم إلى الحفاظ على بلاد الدولة الصفوية القوية، لاحتواء مشكلة القوة المتزايدة للأوزبك في آسيا الوسطى، الأمر الذي أسهم في عرقلة رحلات الحج، حيث لم تبادر الإدارة المغولية إلى فتح أي محادثات مع الإدارة الصفوية في هذا الصدد.
احتوى الفصل على عدد من الخرائط، ربما كان من الأجدى نقلها إلى متن الفصل، حتى يتسنى إلحاق كل خريطة بمدلولها.
تناولت بهية بنت سعيد العذوبية، طالبة الدكتوراة في جامعة السلطان قابوس، "العلاقات العسكرية العُمانية ـ الهندية في الفترة 1913 ـ 1970"، وذلك من خلال تتبع ما ترتب على هجوم قوات الإمام سالم بن راشد الخروصي، على مسقط، عام 1915، من وجود القوات الهندية في عُمان، وما نتج منه بعد ذلك من اهتمام بتشكيل الجيش العُماني، ووجود ضباط هنود في قيادته.
انطلقت العذوبية في دراستها، من تساؤلين أوليين عن الظروف التي دفعت بعُمان إلى الاستعانة بالقوات الهندية في الفترة من 1913 ـ 1970، وعن أبرز التأثيرات اللغوية ونوعية الأزياء العسكرية التي ترتبت على العلاقات العسكرية العُمانية ـ الهندية.
قدمت العذوبية في بداية الفصل، لمحة جغرافية وتاريخية عن عُمان والهند، ثم درست تطور الوجود العسكري الهندي في عُمان، الذي كان للوكلاء السياسيين والقناصل البريطانيين، في مسقط، الدور الأكبر في بلورته.
وأخيرا، ألقت الضوء على التأثيرات العسكرية المتبادلة بين الهند وعُمان، التي امتدت إلى المصطلحات والأزياء العسكرية، وكشفت العذوبية عن أن تأثير الأزياء العسكرية لم يقتصرعلى فئة المجندين فحسب، بل توسع ليشمل الرجال العُمانيين في المجتمع، كما هو الحال في لبس الوزراء.
حمل الفصل الرابع عنوان "البحوث المعاصرة في العلاقات العربية – الهندية بالجامعات الهندية: دراسة تقييمية"، وكتبه جافيد أحمد خان، وديبا كروبان، من الجامعة المليّة الإسلامية.
درس الفصل موضوعات ومضامين البحوث عن العلاقات بين الهند وغرب آسيا، التي أجرتها الجامعات الهندية في أقسام الدراسات العربية، في العقود الخمسة الأخيرة، خصوصا عقب تدفق عائدات النفط في منطقة الخليج، منذ النصف الثاني من القرن العشرين. كما ألقى الفصل الضوء على دور هذه المؤسسات الأكاديمية في فهم تلك العلاقات وتعزيزها في عصرنا الحاضر.
وجد الكاتبان أن معظم البحوث تطرقت إلى العلاقات الثنائية بين الهند والبلدان الغنية بالنفط، بينما هناك بلدان عدة لم يولها الباحثون اهتماما يذكر، كما وجد الكاتبان نقصا في الاستطلاعات الميدانية والدراسات التجريبية بشأن القضايا المتعلقة بالعمال الهنود المقيمين في الخليج، ولم يجدا أي بحوث عن التصورات العربية المعاصرة لشتى الجوانب الجيو-استراتيجية والاقتصادية والاجتماعية في الهند باعتبارها دولة مجاورة.
في نهاية الفصل، ناقش الباحثان المعوقات التي تواجه المراكز وبرامج الدراسات، والمتمثلة في البيروقراطة، وعدم كفاية التمويل، وانعدام التنسيق بين مراكز الدراسات.
أما الفصل الخامس "دور الترجمة في تعزيز العلاقات العربية ـ الهندية"، فقد ناقش فيه محمد أفتاب أحمد، الأستاذ المساعد في الجامعة الملية الإسلامية بنيودلهي، تاريخ الترجمة بين الهند والوطن العربي، والترجمات الأولى لمعارف كل منهما وأفكاره، وأهم الشخصيات والمنظمات المشاركة في الترجمة، وذلك بهدف بحث إمكانية توسيع العلاقات الثقافية بينهما، عن طريق أعمال الترجمة في القرن الحادي والعشرين.
تناول أحمد مسألة الترجمة باعتبارها منبعا أساسيا ومركزيا لتجسير العلاقات الثقافية والفكرية بين شعوب العالم، على اختلاف ألسنتهم وألوانهم، وحاول أن يثبت أن الترجمة هي التي وضعت أسس العلاقات التجارية والسياسية القوية بين الهند والوطن العربي.
انتقل أفتاب بعد ذلك لمناقشة أهمية الترجمة، مع ظهور الزعماء الهنود والعرب الذين أسهموا في تقوية أواصر العلاقات الهندية ـ العربية، ولا سيما فترة تأسيس حركة عدم الانحياز. وانتهى الفصل بمناقشة حركة الترجمة وتطورها في عصر تكنولوجيا المعلومات؛ إذ تشارك المنطقتان بكثافة في مجالات العلاقات الاقتصادية والسياسية، فضلا عن التبادل الأدبي والثقافي.
الحضور الهندي في غرب آسيا.. الواقع والدلالات
يحظى الخليج العربي بأهمية كبيرة بالنسبة للهند، إذ يقع وفق التوصيفات الجيوبوليتيكية على أطراف منطقة أوراسيا، وضمن مناطق حزام المحيط، ولذا خصص، عماد قدورة، مدير قسم التحرير في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الفصل السادس، لمناقشة "الأهمية الجيوبوليتيكية للخليج في استراتيجية الهند".
قسم قدورة دراسته إلى ثلاثة محاور، عرض في أولها الأهمية الجيوبوليتيكية للخليج، من النواحي: الجغرافية الثابتة، والمكانة الاقتصادية المتزايدة في العالم، وفي انتقال مركز الثقل الاقتصادي العالمي إلى الشرق.
خصص قدورة المحور الثاني لدراسة وضع الخليج العربي في استراتيجية الهند، حيث تعد دول الخليج العربية أهم شريك تجاري للهند على المستوى العالمي. وأشار قدورة إلى أن الهند قامت بأداء سياسة نشطة إزاء دول الخيلج في السنوات الأخيرة، حيث تتطلع الهند إلى زيادة الاستثمارات الخليجية فيها، لتطوير البنية التحتية، والمساهمة في الصناعات الاستراتيجية.
في المحور الثالث، ناقش قدورة التحديات الإقليمية لاستراتيجية الهند تجاه الخليج، التي حددها في ثلاث نقاط؛ أولها تنامي وجود الصين في المحيط الهندي، وتأسيسها قواعد وتحالفات، وثانيها العلاقات الخليجية التقليدية القوية بباكستان، التي كانت تعد أحد عوائق تطوير الهند علاقتها بدول الخليج منذ عقود، أما ثالثها، فهو العلاقات القوية التي تربط الهند بإيران، وخشية دول الخليج من تأثيرها في مواقف الهند من القضايا المتعلقة بالعلاقات الخليجية ـ الإيرانية.
في الفصل السابع "نهاية سياسة الهند المترددة تجاه غرب آسيا"، أبرز أنس عمير، الباحث في مجلس الهند للشؤون العالمية، أن الخطاب السياسي الذي اعتمدته الهند تجاه غرب آسيا استند إلى تأمين احتياجتها من الطاقة، وتأمين سبعة ملايين هندي يعيشون في المنطقة، وضمان التحويلات المالية من المنطقة، والحفاظ على التبادل التجاري، بيد أن مسألة مكافحة الإرهاب باتت عنصرا رئيسا آخر في تحديد مصالح الطرفين، أدت إلى ترسيخ التعاون في القضايا الأمنية.
أشار عمير إلى أنه بالرغم من اتساع مجالات التعاون بين الهند وغرب آسيا، إلا أن سياسة الهند في غرب آسيا تواجه العديد من الانتقادات الداخلية، التي تتعلق بثلاثة محاور هي: مدى تحقيقها الموازنة بين السعودية وإيران، وبين إسرائيل وفلسطين، وموقفها من دور القوى الدولية في المنطقة، ومكانتها في التنافس على النفوذ في غرب آسيا، خاصة بعد الثورات العربية.
سعى عمير إلى تحليل السياسات الخارجية الهندية في الوطن العربي ومنظورها لغرب آسيا في سياق تردد الهند الطويل الأمد ومحدداته، وخلُص إلى أن الهند لا ينبغي لها الاستمرار في التردد إزاء الانخراط في العلاقات بدول غرب آسيا، إذ تحتاج الهند إلى صوغ سياسة جديدة تتسم بالمبادرة والحزم وتتمحور حول المصالح. ويرى عمير أن الضغوط السياسية الداخلية، والدعم القومي الكبير لحكومة ناريندرا مودي، وفرت البيئة الملائمة لوضع مثل هذه السياسة. فهذه الحكومة تنطلق من خلفية أتاحت لها الإجابة بجدية عن سؤال: كيف ينبغي للهند أن ترى نفسها على الخريطة العالمية؟
خصص أيمن يوسف، ومحمود الفطاطة، أستاذا العلاقات الدولية، الفصل الثامن "إسرائيل وفلسطين –السياسة الخارجية الهندية: إشكالية المبادئ وبراغمتية المصالح" للبحث في تحولات السياسة الخارجية الهندية تجاه الصراع العربي ـ الإسرائيلي.
درس الفصل أسباب تحول السياسة الهندية نحو تغليب المصالح، والاعتبارات الاقتصادية والاستراتيجية على حساب العامل الأيديولوجي. وأوضح أن هذه الأسباب تتمثل في: حاجة الهند الماسة للسلاح، وسعيها لتعزيز علاقتها بواشنطن، والخروج من أزمتها الاقتصادية، ومواجهة التحديات في جنوب آسيا، فضلا عن محاولتها الحصول على موقع متقدم في النظام العالمي الجديد.
قسم الباحثان الفصل إلى خمسة مباحث، قدم الأول قراءة لمكانة فلسطين في السياسة الخارجية الهندية في فترة الحرب الباردة، وبحث الثاني في أسباب التحولات الجذرية في السياسة الخارجية الهندية بعد الحرب الباردة، أما الثالث، فقد رصد لسرديات الشراكة الهندية ـ الإسرائيلية الاستراتيجية في سياق البراجمتية الجديدة، فيما تتبع الرابع تطور العلاقات الاقتصادية الهندية ـ الإسرائيلية، ودرس الخامس تأثير هذه الشراكة في القضية الفلسطينية على المستويات السياسية والعسكرية والاقتصادية.
القسم الثالث: البعد الاقتصادي للعلاقات العربية ـ الهندية
العلاقات العربية ـ الهندية ليست وليدة اليوم، وليست نابعة من مصالح متبادلة قائمة على عنصر الطاقة فحسب، بل هي قديمة قدم شعوب المنطقتين، لذا خصص، أستاذا التاريخ، يوسف بن عبدالله، وسعاد بنت عبد الله بيت فاضل، الفصل التاسع "العلاقات الاقتصادية بين عُمان والهند منذ منتصف القرن الثامن عشر حتى مطلع القرن العشرين"، للبحث في طبيعة العلاقات الاقتصادية بين الهند وعُمان، والتغيرات التي طرأت عليها، كما سعيا إلى الكشف عن الدور الذي أداه التجار الهنود لتحسين الاقتصاد العُماني، ومساهمتهم في توسع تجارتي الرقيق والسلاح، خلال حكم دولة البوسعيد، من عام 1744، وهو العام الذي تولى فيه الإمام أحمد بن سعيد حكم عُمان، إلى عام 1913، وهو العام الذي انتهى فيه حكم السلطان فيصل بن تركي بن سعيد بوفاته.
حاول الباحثان باستخدام المنهج التاريخي التحليلي، الإجابة على التساؤلات الآتية: ما أثر السياسة التي اتبعها حكام عُمان في تنشيط التجارة العُمانية؟ وما أهم البضائع التي نُقلت من خلال عملية التبادل التجاري بين الهند وعُمان؟ وماذا ترتب على التوسع التجاري للتجار الهنود في مسقط وزنجبار؟
قسم الباحثان الفصل إلى أربعة محاور، تتبع الأول منها تطور هذه العلاقات التجارية، وتطرق الثاني إلى النشاط التجاري بين عُمان والهند، مبينا أهمية بناء السفن لهذه الغاية، أما الثالث، فركز على التوسع التدريجي لتجارة الهنود في عُمان، وتوليهم الأمور الإدارية والتجارية والجمركية، في حين بحث الرابع في مساهمة التجار الهنود في تنشيط تجارتي الرقيق والسلاح في مسقط.
سعى ناصر بن سيف السعدي، طالب الدكتوراة في جامعة السلطان قابوس، للبحث عن جذور تكون الجالية الهندية في بلدان الخليج، ودورها في علاقات الخليج بالهند، فقدم الفصل العاشر"الجالية الهندية في منطقة الخليج العربي قبل الطفرة النفطية: دراسة في جذور علاقة الهند بالخليج".
قدم السعدي توطئة تاريخية تشمل العلاقات بين الهند والخليج قبل القرن التاسع عشر، ثم درس الجالية الهندية من حيث توزّعها الجغرافي ودورها الاقتصادي، وأخيرا ناقش علاقة الجالية الهندية بالقوى المحلية والدولية.
أظهر البحث أن الهند كانت، من القدم، سوقا ومصدرا لسلع أهل الخليج وبضائعهم. وأشار إلى أن الجالية الهندية في بلدان الخليج ليست أمرا طارئا، ظهر مع اكتشاف النفط، إنما له امتداد بعيد في التاريخ. وأوضح السعدي أن حجم الجالية في بلدان الخليج غير ثابت، إنما متغير وفق التطورات الاقتصادية والسياسية، فبعد اكتشاف النفط وإنتاجه، في العقد الثالث من القرن الماضي، ارتفع عدد الجالية الهندية في بلدان الخليج كلها، بسبب حاجة هذه البلدان إلى الأيدي العاملة.
تناول محمد أزهر، أستاذ الاقتصاد، "العلاقات العربية ـ الهندية: الطاقة وجوانب أخرى"، بما في ذلك تجارة التصدير والاستيراد، وميزان المدفوعات، ومسألة القوى العاملة، والتحويلات المالية، كما ناقش حجم التعاون في قطاع الطاقة وعدد من القطاعات الأخرى.
العلاقات العربية ـ الهندية، لم تعد مقتصرة على الجوانب الاقتصادية والثقافية فحسب، حيث فتحت السياسة التي أطلقها رئيس الوزراء الهندي، مودي، في عام 2014، والمتعلقة بالتواصل مع غرب آسيا، التي يحتل العرب الجزء الأكبر منها، الباب أمام إنشاء شراكة استراتيجية عربية ـ هندية، تحقق للطرفين مصالحهما المشتركة وتقلل من اعتماد العرب التقليدي على الغرب في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية.
قدم الفصل تحليلا تفصيليا للعلاقات الاقتصادية بين الهند والوطن العربي، في قطاع الطاقة وغيره من القطاعات غير المتصلة بالطاقة، في الفترة من 2006 إلى 2017، مستخدما الجداول والبيانات ذات الصلة، بهدف التوصل إلى استنتاجات منطقية، كما استخدم التصنيف الرقمي (HS2-8) من أجل الحصول على دراسة شاملة للتكوين السلعي.
أشار أزهر إلى أن ملف العلاقات الاقتصادية العربية ـ الهندية آخذ في التوسع، فالجزائر والهند مهتمتان بتطوير تعاونهما في مجالات الصناعات الصيدلانية، وأبحاث الفضاء وتكنولوجيا المعلومات، كما أن هناك علاقات ثنائية قوية بين مصر والهند، فهناك أكثر من 50 شركة هندية تعمل في مصر في التصنيع، بالإضافة إلى أن المغرب والهند قررا تطوير العلاقات بينهما إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية.
أما الفصل الثاني عشر "العلاقات العربية ـ الهندية نحو صيغة جديد في مجال الطاقة المتجددة"، فقد رصد فيه غير يجيش بانت، الأستاذ في العلاقات الدولية، التطور التاريخي لطبيعة العلاقات العربية ـ الهندية، وركز على اعتماد الهند على قطاع الطاقة، كما بحث في إمكان تطوير واقع جديد لا يستند إلى القرب الجغرافي فحسب، بل إلى الاستثمار في التكنولوجيا المتجددة أيضا، وأوضح أهمية انتقال العلاقات العربية الهندية من التبادل القائم على الطاقة، إلى التبادل على أساس المعرفة.
قسم بانت الفصل إلى ستة مباحث: قدم في الأول قراءة في الإطار الجيوسياسي الأوسع للعلاقات العربية ـ الهندية، وحلل في الثاني دينامية العلاقات في عصر تحول مجال الطاقة، كما بحث في الثالث عن آفاق العلاقات في مجال الطاقة غير الهيدروكربونية، أما الرابع، فدرس فيه آليات بناء تحالف هندي ـ عربي في مجال البحث والتطوير، فيما رصد في الخامس الشركات الناشئة في مجال الطاقة الشمسية، وأخيرا ناقش في السادس كيفية إعادة رسم العلاقات العربية – الهندية على أساس الشراكة في المعرفة.
في الفصل الأخير "العمالة الهندية في دول الخليج العربية: محدداتها الداخلية ودوافعها الخارجية"، تناولت سهام معطى الله، أستاذة الاقتصاد، هجرة العمالة الهندية إلى دول الخليج، التي بدأت في الاتساع منذ عام 1973، نتيجة ارتفاع أسعار النفط، وزيادة الطلب على العمالة الأجنبية. كما رصدت، معطى الله، أهم العوامل الدافعة لهذه الهجرة، وهي: الفقر المدقع، انعدام الأمن الغذائي، عدم المساواة في توزيع الدخل، البطالة، الفساد. ناقشت سهام، التحويلات المالية للعمالة الهندية في دول الخليج العربية، وحللت أزمة أسعار النفط في منطقة الخليج سلبا على هجرة العمال، وعلى التحويلات المالية من الخليج للهند. واختتمت الفصل بدراسة قياسية مثلت الجانب التطبيقي والقياسي لهذه الدراسة، فقدمت المعطيات التي استخدمتها، وشرحت المنهجية والطريقة القياسية التي اعتمدتها.
وبعد، فإن هذا الكتاب يأتي كمساهمة وإضافة بحثية جديدة، سوف يجد فيه الباحثون، ودارسو العلاقات الدولية، مادة دسمة تغطي العلاقات العربية الهندية، من شتى الجوانب الاقتصادية والسياسية والتاريخية والثقافية.
أخيرا، يمكن القول إن العلاقات العربية ـ الهندية، لم تعد مقتصرة على الجوانب الاقتصادية والثقافية فحسب، حيث فتحت السياسة التي أطلقها رئيس الوزراء الهندي، مودي، في عام 2014، والمتعلقة بالتواصل مع غرب آسيا، التي يحتل العرب الجزء الأكبر منها، الباب أمام إنشاء شراكة استراتيجية عربية ـ هندية، تحقق للطرفين مصالحهما المشتركة، وتقلل من اعتماد العرب التقليدي على الغرب في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية.
لماذا لم توجد عصور وسطى إسلامية؟ بحث في المفاهيم والدلالات
ما بعد الحداثة.. "البنيوية" منهج لمواجهة الإسلام السياسي
كيف قدم صحفي أمريكي مقاومة الخطابي للرأي العام الدولي؟