مع تواصل العدوان الإسرائيلي على الشعب
الفلسطيني وترقب قدوم حكومة إسرائيلية يمينية متطرفة برئاسة بنيامين نتنياهو وغياب أي أفق سياسي، يجري الحديث في الساحة الفلسطينية على الحاجة الضرورية إلى اختيار بديل لرئيس
السلطة الفلسطينية
محمود عباس (87 عاما)، في ظل مخاوف متصاعدة من حالة فوضى كبيرة تضرب الأراضي الفلسطينية بسبب الصراع على خلافة عباس.
وذكرت صحيفة "
هآرتس" العبرية، في تقرير للكاتب جاكي خوري، أن الساحة الفلسطينية تشهد نقاشا حول، الأوضاع في اليوم التالي بعد غياب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وخاصة مع "تشكيل حكومة يمينية متطرفة في إسرائيل برئاسة بنيامين نتنياهو، وفي ظل أيضا التصعيد على الأرض وعدم وجود أفق سياسي".
من سيخلف عباس؟
وفي استطلاع للرأي أجراه المركز الفلسطيني لأبحاث السياسة، في الساحة الفلسطينية، أكد وجود ارتفاع واضح لتأييد الكفاح المسلح، ودعم شعبي كبير للفصائل المسلحة مثل "عرين الأسود" أو "كتيبة جنين"، في حين أن"الرأي العام لا يظهر أي إجابة واضحة حول ما يتوقع حدوثه بعد انتهاء ولاية عباس الذي يوجد في منصبه منذ 2005"، بحسب "هآرتس" التي نبهت أن معظم المستطلعين يريدون انتخابات رئاسية وبرلمانية في أسرع وقت، و64 في المئة لا يعتقدون أنها ستجرى في القريب.
وأشارت إلى أن "عددا غير قليل من الخبراء الفلسطينيين، يعتقدون أن عدم إجراء الانتخابات هو مصلحة إسرائيلية ودولية"، وأكد الباحث الفلسطيني المعروف، مدير مركز "مسارات" هاني المصري، أن "انتخاب قيادة لها شرعية شعبية يمكن أن يقوي الفلسطينيين ويضع إسرائيل والمجتمع الدولي أمام الحاجة إلى الدفع قدما بالعملية السياسية، لذلك، لا توجد أي رغبة لإسرائيل أو للمجتمع الدولي، لا سيما الولايات المتحدة، للضغط في هذا الاتجاه".
كما أكد رئيس حزب المبادرة الوطنية الفلسطينية، مصطفى البرغوثي لـ"هآرتس"، أن "مسألة من سيخلف عباس لا توجد على رأس سلم أولويات الفلسطينيين"، منوها أنه "يتغلغل في الوعي الفلسطيني، الإدراك بأن حل الدولتين لم يعد قابلا للتنفيذ وأنه لا يوجد ما يبنى على حكومات إسرائيل، لا سيما الحكومة الآخذة في التبلور والتي تناقش الضم وتعزيز المستوطنات وسحق حقوق الفلسطينيين".
وقال: "تتعزز الرؤية في أوساط الجيل الشاب، أن إسرائيل تفهم فقط لغة القوة والمقاومة، وهذا بحد تعبيره فيه دعم الجمهور لفصائل المقاومة المسلحة في جنين ونابلس"، مؤكدا أنه "نتيجة سلوك إسرائيل التي لا تسمح بأي حل سياسي على أساس حل الدولتين، السلطة ستتحول إلى غير ذات صلة عاجلا أم آجلا، حيث أن النموذج القائم للسلطة بكونها نوعت من المقاول من الباطن لإسرائيل؛ التي تطبق الأبرتهايد ضد الفلسطينيين، هي بدون أي صلة بمن يترأس السلطة ويديرها".
وفي نفس الوقت، "في الساحة الفلسطينية يدركون أن الواقع يمكن أن يملي سيناريو فيه يجب انتخاب بديل لعباس، وبحسب الدستور الفلسطيني، في حال توقف رئيس السلطة عن شغل منصبه لأي سبب، رئيس البرلمان هو الذي يدير شؤون السلطة بشكل مؤقت إلى حين إجراء الانتخابات، ورئيس البرلمان الذي انتخب في 2006 هو الدكتور عزيز الدويك، رجل "حماس"، وفي السلطة لن يوافقوا على قيادته حتى ولو بشكل مؤقت".
مناصب عباس
ولفتت الصحيفة، إلى أن "عباس يتولى الآن ثلاثة مناصب، المعروف في إسرائيل بأنه رئيس السلطة، وهو منصب تم اشتقاقه من اتفاقات أوسلو وقوته تكمن في كونه المسيطر فعليا على مؤسسات الأمن والمؤسسات المالية للفلسطينيين في الضفة الغربية، إضافة لرئاسة منظمة التحرير التي تقف على رأس الهرم فوق السلطة، والثالث؛ رئيس حركة "فتح" ورئيس اللجنة المركزية في هذه الحركة، التي تسيطر على المنظمة والسلطة، لذلك، من سيخلفه، حتى لفترة مؤقتة، سيأتي من صفوف حركته".
وسيناريو آخر في ظل غياب رئيس يتولى منصب عباس، هو "توجه القيادة في رام الله للمجلس الوطني الذي تمثل فيه جميع الفصائل (دون حماس والجهاد الإسلامي)، مع أغلبية واضحة لـ"فتح"، من أجل انتخاب زعيم".
ونبهت "هآرتس"، أن رئيس المجلس روحي فتوح، "هو رجل فتح، لا يوجد له أي نفوذ سياسي أو قدرة على السيطرة بالفعل"، مضيفة: "الذي يذكر وبحق كرئيس محتمل هو سكرتير اللجنة التنفيذية للمنظمة، حسين الشيخ، الذي يعتبر الرجل القوي في محيط عباس، الذي يرافقه هو ورئيس المخابرات ماجد فرج أثناء زياراته السياسية الهامة، علما أن عباس قام بتعيين الشيخ في منصب رئيس دائرة المفاوضات خلفا للراحل صائب عريقات، وهذا المنصب منحه علاقة مباشرة مع ممثلي الإدارة الأمريكية وأوروبا".
وذكرت أن "الشيخ هو المسؤول عن التنسيق المدني مع إسرائيل، ويجري اتصالات يومية مع جهات إسرائيلية، والمناصب التي يتولاها تضعه في المقدمة ليكون الرئيس القادم"، منوهة أن "نشطاء في فتح يتحدثون عن توتر داخل اللجنة المركزية وعن منافسة علنية بين الشيخ وجبريل الرجوب ورئيس الحكومة محمد اشتية".
كما أكدت "جهات رفيعة ومركزية" في "فتح" لصحيفة "هآرتس"، أنه "في الوضع القائم يمكن حدوث صراع داخلي ممأسس على هوية وريث عباس، ويخشون من أن يؤدي الصراع إلى فوضى، والجميع يتفقون على وجود حاجة لاستقرار المنظومة إزاء التحديات التي تضعها إسرائيل والحكومة الآخذة في التبلور".
وزعمت أنه "في الأشهر الأخيرة طرح داخل فتح، في محادثات مغلقة، اسم نائب رئيس الحركة محمود العالول، كمرشح حل وسط، وهو من جيل المؤسسين ويعتبر أحد القادة المخضرمين فيها (استشهد ابنه البكر جهاد)، وهو قائد في "كتائب شهداء الأقصى" في نابلس، في مواجهات مع قوة للجيش الإسرائيلي في اليوم الأول للانتفاضة الثانية في 2000، وفي فتح يذكرون اسمه كوريث، لكن هناك شك أن يحصل على كل المناصب التي يتولاها عباس".
وأفادت "هآرتس" أن أحد الخيارات المطروحة؛ تقسيم المناصب الثلاثة التي يتولاها عباس على ثلاثة أشخاص؛ رئاسة السلطة ورئاسة المنظمة وزعامة حركة "فتح"، وهذه "القضية يمكن أن تؤدي إلى صراع على الصلاحيات وعلى درجة تأثير كل شخص يتولى هذه المناصب على اتخاذ القرارات، بالأساس أمام الأجهزة الأمنية والسيطرة الاقتصادية".
وبينت أن "أحد الاحتمالات؛ أن منصب رئيس الحكومة سيكون الأهم؛ بحيث يكون رئيس الحكومة هو رئيس السلطة الفعلي، وفوقه يأتي رئيس المنظمة وإلى جانبه رئيس "فتح"، اللذان سيديران الساحة السياسية الفلسطينية".
اقرأ أيضا: غانتس: عباس ليس صديقي ولن يكون وحوارنا لأجل التنسيق الأمني
وتابعت: "في فتح يعترفون؛ أنه في الوضع الذي نشأ وإزاء عدم اليقين بعد التطورات في إسرائيل، وجود عباس هو الخيار الأفضل، على الأقل في الأشهر القريبة القادمة، وفي المنظمة يحاولون عقد مؤتمر عام في إطاره تنتخب قيادة جديدة، بما في ذلك لجنة مركزية، ولكن اختلاف الآراء يؤدي إلى تأجيله مرة تلو الأخرى، وفي نهاية المطاف عدم اليقين هو الذي يسيطر على المشهد السياسي الفلسطيني حتى الآن".