تشهد العلاقة بين الحكومة الأردنية والاحتلال الإسرائيلي توترا حادا خلال الأيام الماضية، عقب اقتحام وزير الأمن القومي للاحتلال إيتمار بن غفير، المسجد الأقصى المبارك، الذي يقع تحت الوصاية الأردنية.
"حكومة داعشية"، هكذا وصف الوزير الأردني السابق محمد أبو رمان، حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليمينية الجديدة.
وهذا الوصف لا يقتصر على المسؤولين السابقين، إذ حذر وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في بيان صحفي من خطورة "الفكر الإقصائي المتطرف" الذي يحمله الوزير بن غفير.
تخشى المملكة في ظل وجود الحكومة الإسرائيلية الدينية المتطرفة من سيناريو "الترانسفير" للفلسطينيين من الداخل
الفلسطيني المحتل إلى الضفة الغربية، ومن الضفة إلى الأردن الذي يستضيف أكبر عدد من اللاجئين الفلسطينيين.
ورأى أبو رمان أنه "على الأردنيين والفلسطينيين الاستعداد لمرحلة صعبة للغاية، بخاصة إذا جاءت الانتخابات الرئاسية المقبلة في الولايات المتحدة بصديق يميني مؤيد لإسرائيل بتطرف".
اقرأ أيضا:
مسؤولون سابقون بالأردن يدعون لـ"التجنيد الإلزامي" لمواجهة حكومة نتنياهو
فيما قال الكاتب نضال أبو رمان، إن المخاوف القديمة المتجددة من فكرة "الترانسفير" للفلسطينيين نحو الأردن تتزايد، لأن القيادة المتطرفة تسعى وتضغط على عمّان لاستيعاب السكان الفلسطينيين في الجغرافيا الأردنية، ومشاريع الفيدرالية، والكونفدرالية التي تُناقش في الغرف المظلمة".
ما هي خيارات الأردن؟
خاض الأردن حراكا دبلوماسيا مكثفا قبيل انعقاد جلسة خاصة لمجلس الأمن لبحث التصعيد الإسرائيلي، لحشد الرأي الدولي لإدانة اقتحامات الأقصى، والتأكيد على الوصاية الهاشمية على المقدسات، سبقها تسليم السفير الإسرائيلي لدى الأردن مذكرة احتجاج.
وقال وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال سابقا سميح المعايطة لـ"عربي21"، "ليست المرة الأولى التي يخوض الأردن فيها معركة المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، فقد كان هناك سنوات صعبة في حكومات نتنياهو وغيره".
وتابع: "ومنذ انتهاء انتخابات الكنيست الأخيرة كان الأردن يدرك أن القادم صعب، ورسالة الملك في مقابلته مع قناة cnn قبل أسبوع كانت واضحة، بأنه يتوقع عدوانية واستفزازا إسرائيليا، وأنه أيضا مستعد للعودة إلى المواجهة مع حكومة نتنياهو".
وحول خيارات الأردن، يرى الوزير الأسبق "أنها سياسية دبلوماسية، سواء في العلاقات مع إسرائيل ابتداء من استدعاء السفير، إلى الخيارات الأكبر، هناك التواصل وحشد موقف أمريكي ضاغط على إسرائيل، خاصة أن إدارة بايدن تتبنى مواقف إيجابية في هذا المجال".
وحسب المعايطة، "يسعى الأردن إلى استثمار علاقات بعض الدول العربية مع إسرائيل من أجل وقف أي عمليات عدوانية في المقدسات، لكن الأردن لديه الاستعداد بالذهاب بالعلاقات مع إسرائيل إلى النقطة الأصعب فيما لو استمرت هذه السياسات العدوانية".
ونبه المعايطة إلى أن "سياسة نتنياهو لن تكون فقط باتجاه المقدسات، بل باتجاه كل عناصر القضية الفلسطينية التي هي قضية الشعب والسلطة الفلسطينية وحتى سلطة غزة".
الوصاية الهاشمية على المحك
يعتقد الأردن أن هناك استهدافا واضحا للوصاية الهاشمية على المقدسات من خلال السماح للمتطرفين بانتهاكها من خلال الاقتحامات، العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني قال في رسالة واضحة خلال لقائه مع قناة cnn الأسبوع الماضي: "إذا أراد جانب أن يفتعل مواجهة معنا، فنحن مستعدون جيدا".
وتعود الأصول التاريخية لسيادة الأردن على المقدسات في القدس لعام 1924، عندما بويع الشريف حسين، مطلق الثورة العربية الكبرى، وصيا على القدس، مرورا بسيادة الأردن على القدس الشرقية عام 1948 و1967.. وحتى بعد فك الارتباط بين الضفتين عام 1988، فإنه لم يتخل الأردن عن السيادة على المقدسات.
وثبتت المملكة الأردنية وصايتها على المقدسات قانونيا؛ من خلال الاتفاقية الموقعة بين الملك عبد الله الثاني ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، في عام 2013، بالإضافة لإعلان واشنطن، الذي أكد على هذا الحق.
منسق الحملة الدولية للدفاع عن القدس، جودت مناع، يعتقد في حديث لـ"عربي21"، أن الأردن لديه أوراق مهمة في ملف المقدسات للضغط على الاحتلال "الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس منصوص عليها باتفاق السلام مع الاحتلال، إلى جانب تثبيتها بالاتفاق الأردني الفلسطيني، وتحظى هذه الوصاية بإجماع فلسطيني كوننا نرى فيها عقبة أمام إسرائيل لتغيير أي وضع قائم للمسجد الأقصى".
وتابع مناع: "الأردن يملك علاقات قوية مع دولتي البحرين والإمارات اللتين طبعتان مع الاحتلال، وخلال اليومين الماضيين كان هناك زيارة للملك عبد الله الثاني للإمارات، وعقبها تم إلغاء زيارة نتنياهو لأبوظبي، كما زار رئيس الوزراء بشر الخصاونة البحرين، وسلم رسالة لملك البحرين من العاهل الأردني".
ويرى أن هنالك أوراقا أردنية أخرى "الأردن يمكنه التهديد باتفاقية السلام، من خلال سحب السفير الأردني، واستدعاء سفير الاحتلال".
وكان أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عن قلقهم الخميس، وشددوا على ضرورة الحفاظ على الوضع القائم في حرم المسجد الأقصى في القدس، في وقت دعت فيه فعاليات أردنية "الملتقى الوطني لدعم المقاومة وحماية الوطن" لملتقى يوم الثلاثاء المقبل في مقر حزب بجهة العمل الإسلامي؛ "انتصارا ً للمسجد الأقصى المبارك، وحماية للوصاية الأردنية، ورفضاً للعدوان الصارخ الذي يمارسه الاحتلال ".