بصورةٍ متسارعة، تواصل الحكومة الصهيونية اليمينية
المتطرفة إجراءاتها التصعيدية والعقابية ضد الشعب
الفلسطيني في الضفة الغربية،
تحضيرا لفرض حصار شامل على كامل حدود الضفة الغربية، على غرار الحصار المفروض
على قطاع غزة.
ليس الأمر بجديد، فعمليا الحصار الصهيوني على الضفة
الغربية مستمر منذ أسابيع طويلة على عدد من المدن، والمخيمات الفلسطينية، لا سيما
في الخليل، ونابلس، وجنين، غير آبه بمعاناة الملايين من الفلسطينيين الذين تقطعت
بهم السبل، وأصبحت مدنهم عبارة عن كانتونات ممزقة، تخترقها الحواجز من جهة،
والجيوب الاستيطانية من جهةٍ أخرى.
الجديد في الأمر، هو ما كشفه الإعلام العبري مؤخرا،
من أن حكومة بنيامين نتنياهو تسعى للعودة لفترة
الاحتلال الأولى لفلسطين، وإنهاء
الدور الوظيفي للسلطة الفلسطينية، وإطلاق رصاصة الرحمة على اتفاقية "أوسلو"
المنتهية عمليا.
اللافت هذه المرة، أن الاحتلال بدأ بإجراءات فعلية وحقيقة على الأرض، تهدف لبسط سيطرته الميدانية، وفرض قبضته العسكرية والأمنية،
والبدء في الترتيبات النهائية لتعيين حكام بخلفية عسكرية لإدارة شؤون الحياة في
الضفة الغربية، كمتابعة شبكة المياه، والكهرباء، والصرف الصحي، وإصدار تصاريح
للحركة، والعمل، والدراسة للفلسطينيين.
الاتجاه الصهيوني اليوم منصبّ في التفكير لما بعد
محمود عباس، ومن تلك الإجراءات الجديدة حرمان الشخصيات المهمة في السلطة
الفلسطينية التي قدمت التنازلات، وقادت ماراثون المفاوضات على مدار ثلاثة عقود من
بطاقات الـ"VIP"
الممنوحة لهم، أضف إلى ذلك اقتطاع نحو 40 مليون دولار من أموال السلطة الفلسطينية
(المقاصة)، في وقت هي بأمسّ الحاجة لهذا المبلغ، لمواصلة جهدها المصيري في التنسيق
الأمني المقدس!
من الواضح أن الاحتلال يسعى لضربة استباقية (عقاب جماعي)، حيث يعلم تمام العلم أن المرجل يغلي في الضفة الغربية، ومن ثم فإن القرار
الإسرائيلي بفرض الحصار على الشق الآخر من الجسد الفلسطيني، يهدف للضغط على المواطنين لينبذوا أعمال
المقاومة التي ما هي إلا "دفاع عن النفس"، أمام تغوُّل الاحتلال وسطوته.
في المقابل، فإن على الجيش الإسرائيلي أن يبدأ معركة
مواجهة جديدة مع الشعب الفلسطيني، تتمثل في انتشار جغرافي واسع لوحداته
العسكرية بغية السيطرة على المنطقة الجغرافية الممتدة والمترامية الأطراف (الضفة
الغربية)، بما تحتضنه من تضاريس معقدة بالتأكيد، تختلف كليا عن الواقع الجغرافي في
قطاع غزة المحاصر.