تفاوتت
التفسيرات بخصوص ما يبدو تعثرا في مسار التقارب بين
تركيا والنظام السوري، وسط
حديث عن دور
إيراني وراء ذلك، حيث يعتقد عدد من المراقبين أن إيران غير راضية عن
هذا المسار نتيجة عدم المشاركة في رعايته.
وبعد تحديد موعد أولي للقاء وزير الخارجية التركي
مولود تشاووش أوغلو مع فيصل المقداد وزير خارجية النظام السوري، أعلنت تركيا عن تأجيل اللقاء دون تحديد أي موعد
جديد.
وتزامن
ذلك مع إعلان رئيس النظام السوري بشار
الأسد أثناء استقباله وزير الخارجية
الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في دمشق، عن شروط نظامه قبل تقدم مسار التطبيع إلى
الأمام، وهي وقف دعم ما وصفها بـ"التنظيمات الإرهابية" وإنهاء
"الاحتلال".
ورغم
إعلان النظام عن شروطه، وفشل تحديد موعد اجتماع وزراء الخارجية، وهو اللقاء
المتوقع أن يُمهد للقاء الرئيس التركي رجب طيب
أردوغان، مع بشار الأسد، فإن المتحدث باسم "المصالحة السورية" عمر رحمون، يستبعد أن يتوقف مسار التقارب بين
أنقرة ودمشق، بعد انطلاقه.
وقال
لـ"عربي21" إن "روسيا وإيران تدعمان هذا المسار، والحديث عن عرقلة
إيرانية يفتقد للدقة".
وبحسب
رحمون، فإن "التقارب يصب في مصلحة البلدين، والعمل يتركز حالياً على مناقشة
الكثير من التجاذبات والملفات الخلافية"، مشدداً على دعم وترحيب إيران بهذا
المسار.
وكان
عبد اللهيان، قد أعلن من دمشق دعم بلاده لاحترام سيادة الدول ووحدة أراضيها، وقال: "نحن سنستمر بجهودنا الدبلوماسية للتقارب وحل المشكلات العالقة بين
سوريا وتركيا"، وأضاف أن طهران "سعيدة بالحوار بين سوريا وتركيا، ونعتقد
أنه يمكن أن ينعكس إيجاباً لمصلحة البلدين".
من
جانبه، قلل الكاتب والباحث المختص بالشأن التركي، فراس رضوان أوغلو، من احتمالية
وقوف إيران وراء المواقف "القوية" الصادرة عن نظام دمشق، في إشارة إلى
طلب الأسد إنهاء "الاحتلال" لتحقيق تقدم في مسار التقارب.
وفي
حديثه لـ"عربي21"، رأى الكاتب أن "كل الظروف الآن هي في صالح دمشق،
ولذلك فهي تحاول فرض شروطها قدر المستطاع، ما يعني أن هناك عوامل أخرى إضافة إلى إيران
في حال كانت منزعجة من هذا التقارب، تؤثر على هذا المسار".
وحول
"الظروف التي هي في صالح دمشق"، يقول رضوان أوغلو، إن هناك استعجالا تركيا نحو المصالحة بسبب الانتخابات البرلمانية والرئاسية التركية التي ستعقد في منتصف
هذا العام، فضلاً عن وجود رفض أمريكي وأوروبي لهذا التقارب.
واعتبر
أن "هذه الأمور تجعل الضغط على تركيا عكس سوريا، وإن كانت سوريا بحاجة
للمصالحة مع تركيا".
عودة
إيرانية للملف السوري
ومن
المنُتظر أن يجري الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي زيارة إلى دمشق، وتضع مصادر هذه
التحركات في إطار تأكيد طهران على قوة حضورها بالملف السوري.
وفي
هذا الإطار، رأى الباحث السوري خليل المقداد، في حديث لـ"عربي21" أن
إيران تحاول العودة مجدداً للمشهد السوري، بعد انشغالها بالاحتجاجات والملفات الداخلية.
ولفت
إلى أن زيارة عبد اللهيان لدمشق، وزيارة رئيسي المرتقبة، جاءت بعد اجتماع رئيس
النظام بشار الأسد بالمبعوث الخاص للرئيس الروسي ألكسندر لافرنتييف، في دمشق قبل
أيام، ويقول: "تحاول إيران فرض وجودها ومصالحها".
وبحسب
المقداد، فإن إيران لا تريد الخروج من سوريا بلا مكاسب، خاصة أن طهران التي استثمرت
كثيراً في الملف السوري، تدرك حجم الضغط الروسي على نظام الأسد.
ويقول
المقداد، إن إيران تستطيع عرقلة مسار التقارب أو أي تسوية، مستدركا بالقول: "لكن
يبدو أن الملف السوري أمام تسوية تبدو "نهائية"، وبالتالي تريد طهران أن
تكون حاضرة فيها، أو مشاركة فيها".
ويسود
اعتقاد واسع بأن عدم مشاركة إيران في رعاية مسار التقارب بين تركيا والنظام السوري
حتى الآن، يزيد من مخاوفها من أن يؤدي هذا المسار إلى تقليص نفوذها في سوريا،
لصالح روسيا وتركيا.