تثار تساؤلات حول الموقف التركي تجاه تعليق محكمة في طرابلس للاتفاق بشأن التنقيب عن الغاز والنفط في البحر الأبيض المتوسط، وتأثير ذلك على المضي قدما في الاتفاقية بين الطرفين.
وجاء في التبرير الذي أعلنته محكمة الاستئناف في طرابلس، بناء على طلب من خمسة محامين، أن حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة لا تملك سلطة التوقيع على اتفاقية دولية، وعليه فقد أوقفت تنفيذ الاتفاقية التي جرى التوصل إليها بين أنقرة وحكومة
الدبيبة في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
وتضمنت الاتفاقية إمكانية استكشاف النفط والغاز في مياه قالت أنقرة وطرابلس إنها تابعة لهما، بينما تقول مصر واليونان أيضا إن مساحات منها ضمن نطاق حدودهما البحرية.
وتزامن القرار مع تطورين هامين، وهما إصدار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قرارا رئاسيا يقضي بترسيم حدود مصر البحريّة من الجهة الغربية مع
ليبيا بشكل أحادي دون الرجوع إلى الجانب الليبي..
أما التطور الثاني، فهو الاتفاق الذي أبرمته "إكسون موبيل" الأمريكية بالشراكة مع "هلينيك إنيرجي" اليونانية لتسريع عملية التنقيب عن الغاز الطبيعي والنفط في جنوب وغرب جزيرة كريت.
والخميس الماضي، قال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، إن حكومة الوحدة الوطنية الليبية طلبت من
تركيا "ألا تأخذ على محمل الجد" قرار المحكمة.
وأضاف في تصريح متلفز، أن "حكم المحكمة ليس نهائيا، ولا تزال الحكومة تدعم الاتفاقية، وأبلغونا بأنهم يمضون في العمل اللازم وأن علينا ألا نأخذ حكم المحكمة هذا على محمل الجد".
الباحث التركي أوفق نجات تاشجي، أشار لـ"عربي21" إلى أن الحكومة الليبية أبلغت أنقرة بأنها ستبقى ملتزمة بالاتفاقية رغم قرار المحكمة، والذي تزامن أيضا مع الحراك الذي يقوم به رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي بشأن المصالحة السياسية في ليبيا بالتوافق مع الأمم المتحدة.
واستبعد نجات تاشجي، أن يكون قرار المحكمة غير النهائي قد صدر "رغما عن الدبيبة، الذي يحق لحكومته الاستئناف عليه".
ورأى أن الدبيبة "أراد أن يوجه رسالة ضد حوار تركيا مع العديد من أطراف الأزمة الليبية والمتعلق بجهود التسوية".
وتابع بأنه ليس من الصواب أن "يخسر الدبيبة دولة مثل تركيا التي دعمت منذ اليوم الأول السلطة الشرعية في البلاد"، مضيفا أن تركيا هي "الدولة الوحيدة الموجودة في ليبيا كقوة عسكرية أجنبية شرعية، وبموجب الاتفاق الذي أبرم فقد تمكنت الحكومة الشرعية من مواجهة التهديد الذي شكله اللواء المتقاعد خليفة حفتر".
وشدد تاتشجي على أن "الدول التي لم تدعم الحكومة الشرعية ميدانيا، وقدمت الدعم المسلح لحفتر من خلال كسر الحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة تريد تحويل الفوضى الجارية في البلاد إلى ميزة لصالحها".
وأوضح أنه "ليس من الحكمة أن يلتف الدبيبة على أقوى حليف دولي له من أجل حماية وضعه الراهن، ولحسابات بسيطة، وذلك في أعقاب حديث عن مشاورات تجري بين الدبيبة والمنفي وحفتر.
الكاتبة التركية دينيز كيلسيلي أوغلو، ذكرت في تقرير بصحيفة "
ملييت" أنه "لم يتم الكشف عن السبب الحقيقي خلف قرار المحكمة، ولكن الحكومة الليبية أعلنت أنها ستستأنف على القرار".
ولفتت إلى أنه "خلافا لمزاعم اليونان ومصر، فإن الحكومة الليبية تؤكد أن لديها سلطة التوقيع على اتفاقيات دولية وإنهائها، أو التفاوض وإبرام اتفاقيات مع دول أخرى".
ونوهت إلى أنه بعد إصدار المحكمة الليبية قرارها، فقد عقد الدبيبة اجتماعا مع سفير أنقرة في طرابلس كنان يلماز.
وتابعت بأن الوضع في ليبيا أصبح أكثر تعقيدا، وقد يعلن المنفي حالة الطوارئ مع حل البرلمانين الشرقي والغربي، إذا فشل مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة في التوصل إلى اتفاق على أساس دستوري، وسيشكل حكومة أزمة مكونة من 10 وزراء ستقود البلاد إلى الانتخابات في غضون 6 أشهر إلى سنة.
الأميرال التركي جهاد يايجي، ذكر في تصريحات لصحيفة "
AYDINLIK"، أنه عندما جرى توقيع اتفاقية تحديد مناطق الصلاحيات البحرية مع فائز السراج، فقد كان الأخير رئيسا للوزراء ورئيسا للمجلس الرئاسي في ذات الوقت.
وتابع بأن الاتفاقية في ذلك الوقت، جرى توقيعها مع شخص لديه منصبان، وعليه ووفقا للقانون الليبي فإنه لا مشكلة في صحتها، ولا يمكن لأحد الاعتراض عليها، مشيرا إلى أن الدبيبة حاليا ليس رئيس المجلس الرئاسي، ولذلك فقد برزت الإشكالية بالنسبة لاتفاقية التنقيب وفقا للقانون الداخلي الليبي.
وأضاف أن هناك لجنة مكونة من ثلاثة أشخاص في المجلس الرئاسي، اثنان منهما تربطهما علاقة جيدة مع تركيا، ولذلك فإن الاتفاقية ستستمر.
وأوضح أن هناك جهدا يقع على عاتق تركيا، وهو إكمال الاتفاقية الجديدة وفقا للقانون الداخلي الليبي، واعتمادها من المجلس الرئاسي.