خلص تحقيق لمنظمة حظر الأسلحة
الكيميائية استمر قرابة عامين، إلى أن طائرة هليكوبتر عسكرية سورية واحدة على
الأقل أسقطت أسطوانات غاز الكلور على مبان سكنية في مدينة دوما بريف دمشق، التي
كانت خاضعة لسيطرة مقاتلي المعارضة في 2018، مما أسفر عن مقتل 43 شخصا.
وكان هجوم السابع من نيسان/ أبريل 2018
على مشارف دمشق، جزءا من هجوم عسكري كبير ،أعاد المنطقة إلى سيطرة قوات حكومة رئيس النظام
السوري بشار
الأسد، بعد حصار طويل مدعوم من روسيا على معقل المعارضة.
وفي آذار/ مارس 2019، خلص تحقيق سابق
أجرته المنظمة إلى وقوع هجوم كيماوي في دوما، لكن هذا التحقيق لم يكن مفوضا بتوجيه
اتهامات.
وشكلت الدول الأعضاء في منظمة حظر
الأسلحة الكيميائية، ومقرها لاهاي، فريق التحقيق وتحديد المسؤولية في تشرين
الثاني/ نوفمبر 2018 لتحديد مرتكبي الهجمات الكيماوية في
سوريا، وذلك بعد أن استخدمت روسيا
حق النقض (الفيتو) ضد تشكيل بعثة مشتركة للأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة
الكيميائية.
وينفي النظام السوري استخدام أسلحة
كيماوية، لكن تحقيقا مشتركا سابقا للأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة، وجد أن النظام استخدم
غاز الأعصاب (السارين) في هجوم وقع في نيسان/ أبريل 2017، كما استخدم غاز الكلور
مرارا كسلاح، واتهم تنظيم الدولة الإسلامية باستخدام غاز الخردل.
وقالت الولايات المتحدة وبريطانيا
وفرنسا وألمانيا في بيان مشترك؛ إن "حكوماتنا تدين بأشد العبارات استخدام
النظام السوري المتكرر لهذه الأسلحة المروعة، وتظل متمسكة بمطالبنا بأن يمتثل نظام
الأسد على الفور لالتزاماته بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية وقرارات مجلس الأمن
ذات الصلة".
وأشار أحدث تحقيق إلى أن أربعة أشخاص في
وحدة تابعة للقوات الجوية السورية، هم المسؤولون لكن لم يُعلن عن أسمائهم. وقالت
المنظمة؛ إن النتائج تستند إلى تحليل فني لنحو 70 عينة بيولوجية وبيئية ولصور من
الأقمار الصناعية و66 مقابلة مع شهود واختبارات للصواريخ الباليستية والذخيرة.
وجاء في ملخص للتقرير، أن "طائرة
هليكوبتر واحدة على الأقل تابعة لوحدة القوات السورية الخاصة المعروفة باسم النمر، أسقطت اسطوانتين تحتويان على غاز الكلور السام على مبنيين سكنيين في منطقة مدنية
مأهولة بالسكان في دوما، مما أسفر عن مقتل 43 شخصا وإلحاق أضرار بعشرات
آخرين".
وقال المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة
الكيميائية السفير فرناندو أرياس: "العالم يعرف الحقائق الآن. الأمر متروك
للمجتمع الدولي كي يتخذ إجراءات، في إطار منظمة حظر الأسلحة الكيميائية
وخارجها".
وتأتي النتائج في أعقاب تحقيق أجري بين كانون الثاني/ يناير2021 وكانون الأول/ديسمبر 2022. وقالت المنظمة؛ إن النتائج
"تم التوصل إليها على أساس أسباب معقولة، وهي معيار الأدلة الذي تتبعه
باستمرار هيئات تقصي الحقائق الدولية ولجان التحقيق".
ويعارض النظام وحليفه العسكري روسيا
بشدة عمل فريق التحقيق وتحديد المسؤولية، ويقولان إنه غير قانوني. ولم تتعاون دمشق
وموسكو مع المسؤولين عن التحقيق الأخير. ونفى البلدان استخدام الذخائر السامة
المحظورة، وقالا إن الهجوم في دوما كان مدبرا.
وحقق الفريق في عدة نظريات مدعومة من
روسيا بشأن الهجوم لكن لم يستطع إثباتها. ومن بين هذه النظريات أن اسطوانات غاز
الكلور والجثث زرعتها قوات المعارضة في مكان الواقعة، وأن الغاز السام جاء من
مستودع قريب تستخدمه قوات المعارضة.
وجاء في ملخص للتقرير، أنه في أحد
المواقع التي تم تسجيل أكبر عدد من الضحايا فيها، "اصطدمت الاسطوانة بسطح مبنى
سكني مكون من ثلاثة طوابق دون أن تخترقه بالكامل، فتحطمت وسرعان ما أطلقت غاز
الكلور السام بتركيزات عالية للغاية، لينتشر بسرعة داخل المبنى ويخلف 43 قتيلا تم
تحديد هويتهم".
ودفع هجوم بالأسلحة الكيميائية في دوما
الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا إلى شن ضربات صاروخية على أهداف لحكومة النظام
بعد ذلك بأسبوع، في أكبر عمل عسكري غربي ضد دمشق خلال الحرب الأهلية التي بدأت في
2011.