مع مرور الوقت، تتضح المزيد من معالم السياسة اليمينية الإسرائيلية في الضفة الغربية، التي تهدف أخيرا لإعلان ضمّها لدولة
الاحتلال، استنادا إلى ما ورد في وثيقة صادرة في 2017 لـ"بتسلئيل
سموتريتش"، وزير المالية والوزير بوزارة الحرب، وزعيم حزب الصهيونية الدينية، ويضع فيها تصوره لحل النزاع مع
الفلسطينيين، ومن الواضح أن مناصبه الوزارية في الحكومة الحالية تعطيه مزيدا من الأدوات اللازمة لبدء تنفيذ خطته هذه، وسيكون عنوانها النهائي "الأبارتهايد".
رون بن يشاي، الخبير العسكري في صحيفة
يديعوت أحرونوت، كشف أن "الجمهور الإسرائيلي مطالب بأن يعرف مآلات التوجهات الحكومية الجديدة، بصرف النظر عن أهدافها المعلنة، لأنها في الحقيقة تهدف سرًا لوضع أساس قانوني يخدم عمليتين سياسيتين قد تغيران وجه إسرائيل بشكل لا رجعة فيه، تهدف إحداهما إلى ضم كامل للمنطقة الواقعة بين نهر الأردن والبحر المتوسط، دون إعطاء الجنسية للفلسطينيين في الضفة الغربية".
وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أنه "يمكن العثور على المخطط التفصيلي لهذه العملية في
خطة الحسم، وهي وثيقة تمت صياغتها قبل خمس سنوات، بوضوح ومنطق مخيفين، من قبل عضو الكنيست آنذاك والوزير الحالي سموتريتش، ومع الوقت تحويل إسرائيل إلى دولة فصل عنصري، رغم محاولة أعضاء اليمين إخفاء نواياهم الحقيقية، لكن تبقى خطة سموتريتش أكثر أهمية وخطورة، فقد نشرها في أيلول/ سبتمبر 2017 في مجلة هشيلوح، التي تنشر مقالات فكرية وبحثية متعمقة في قضايا تشغل الحقل الأكاديمي والسياسي، وعنوانها: "خطة الحسم: مفتاح السلام بين النهر والبحر".
وأشار إلى أن "خطة الحسم تنطلق من فرضية تزعم فشل كل الخطوط العريضة للحل مع الفلسطينيين القائم على التنازلات الجغرافية حتى الآن، وبدلاً من دولتين لشعبين، تقترح الوثيقة تنفيذ خطوتين أو ثلاث لحل النزاع، دون أن يصبح اليهود أقلية ديمغرافية، والثمن تقييد الحريات المدنية للفلسطينيين، وضربة خفيفة لصورة إسرائيل في العالم، وهذا هو جوهر الخطة، بحيث بعد أن تثبت إسرائيل الوقائع على الأرض، وتقوم بضمّ أراضي الفلسطينيين، سيتاح أمامهم فرصة اختيار واحد من البدائل الثلاثة".
وشرح قائلا إن "أول البدائل المتاحة أمام الفلسطينيين، وفق خطة اليمين الإسرائيلي، هو البقاء في الضفة الغربية، والعيش تحت سيطرة الاحتلال في عدة جيوب، مثل مناطق الخليل وبيت لحم ورام الله ونابلس وجنين، وحينها لن يكون الفلسطينيون فيها مواطنين في إسرائيل، وإنما لهم مكانة سكان المقدسيين، بشرط ألا يظهروا معارضة، بل يتعاونوا مع الخطة، والبديل الثاني أن الفلسطينيين الذين لا يريدون العيش تحت الاحتلال سيهاجرون طواعية، وستشجع إسرائيل ذلك من خلال المنح المالية. أما البديل الثالث، فهو مصمم للتعامل مع الفلسطينيين الذين لن يوافقوا على أي من الخيارين السابقين".
وتكشف هذه المعطيات عن تفاصيل خطة اليمين الإسرائيلي أن سموتريتش يسعى لتنفيذها اليوم من خلال مواقعه الوزارية المرموقة بمعايير الوحشية والقسوة، وهو لا يولي أهمية كبيرة لاعتبارات كيف سيكون رد فعل العالم، ولكن لفهم خطواته العملية في سبيل تحقيق تطلعاته، فإنه ينوي في هذه المرحلة حرفياً إغراق الضفة الغربية بالمستوطنات والمستوطنين، وفي هذه الحالة سيفهم الفلسطينيون أنه ليس لديهم فرصة للحصول على دولتهم الخاصة، وسيتعين عليهم اختيار أحد البدائل الثلاثة: حياة القهر في ظل الاحتلال، أو الهجرة، أو المقاومة.
مع العلم أن توجهات سموتريتش لزرع المزيد من البؤر الاستيطانية غير الشرعية، والمطالبة بإجلاء الفلسطينيين في الخان الأحمر، ليست مجرد مسألة غرور سياسي من طرفه، بل هو تصميم على تنفيذها، وفي هذه الحالة لن يكون أمام الفلسطينيين سوى مقاومتها، وبكل الأثمان.