أعلنت تنسيقية "القوى الديمقراطية" في
تونس، التي تضم أربعة أحزاب يسارية، عن انطلاق المشاورات لتشكيل هيئة ولجنة وطنية للدفاع عن الحقوق والحريات، فيما نظم أنصار حركة
النهضة وقفة احتجاجية للتضامن مع الموقوفين.
وفي مؤتمر صحفي، واكبته "
عربي21"، أعربت التنسيقية التي تضم أحزاب "التيار الديمقراطي" و"القطب الديمقراطي الحداثي" و"التكتل من أجل الحريات" و"حزب العمال" عن تضامنها مع جميع الموقوفين في ما يعرف بملف "التآمر على أمن الدولة".
وقال الناطق الرسمي باسم "حزب العمال" حمة الهمامي إنه "بات من الضروري تشكيل هيئة تدافع عن كل الموقوفين وإفشال الهجوم الذي يستهدف الجميع".
وأكد الهمامي في تصريح للصحفيين، أنه في حال لم يتم التصدي لحملة الإيقافات فإنها ستشمل الجميع وستأتي على الأخضر واليابس، وفق تعبيره.
وقال الهمامي: "سندافع عن الجميع دون اعتبارات أيديولوجية أو سياسية، مع قيس سعيّد هناك كلمة حق أراد بها باطل والملفات ملفقة ومفبركة بطريقة رثة".
واعتبر الهمامي أن سعيّد يريد نشر الرعب والخوف في صفوف المواطنين من خلال الإيقافات في الليل، قائلا إنه "ليس رئيسا وإنما سلطان أو مرشد أعلى يقود ذروة الثورة المضادة"، وفق تعبيره.
وتابع حمة الهمامي: "ليس
قيس سعيد من يعطينا دروسا في الوطنية ولكن عليه أن يعطيها لنفسه قبل كل شيء وهو الذي يقبل أكتاف الرئيس الفرنسي"، محذرا من مخطط للتطبيع في تونس، قائلا: "أتحدى سعيد أن يكرر قول: التطبيع خيانة عظمى".
بدوره، أفاد الأمين العام لحزب "التيار الديمقراطي" نبيل حجي بأن "سعيّد فشل في كل المجالات وحتى في ضرب خصومه وتلفيق الملفات"، معتبرا، في تصريح للصحفيين، أن "حكم سعيد لن يدوم طويلا وسيحاسب وسيحال على القضاء".
وتشهد تونس منذ أكثر من أسبوعين حملة إيقافات شملت العديد من السياسيين والصحفيين ورجال الأعمال، ويواجه أغلبهم تهم التآمر على أمن الدولة والتي تصل عقوبتها إلى الإعدام.
وكشفت المحامية عن هيئة الدفاع عن الموقوفين دليلة مصدق، أنهم سيتقدمون بمطالب سراح لجميع الموقوفين، متوقعة في تصريح للصحفيين، عدم الاستجابة لمطالب السراح.
وفي سياق متصل، تجمع عدد من قيادات وأنصار حركة النهضة في وقفة تضامنية أمام قصر العدالة بالعاصمة، للمطالبة بإطلاق سراح الموقوفين.
ورفع المحتجون صورا لجميع الموقوفين وشعارات داعمة لهم وداعية لإطلاق سراحهم، فيما شدد المستشار السياسي لرئيس الحركة رياض الشعيبي، على أنه "لن نتوقف عن النضال حتى إطلاق سراح الموقوفين وإسقاط الانقلاب".
وأضاف في تصريح لـ"
عربي21"، أنه لا يمكن لأحد إسكاتهم عن النضال لأجل الحرية والديمقراطية وعودة الشرعية.
رفض ترخيص مظاهرة
أعلنت جبهة الخلاص في بيان لها أن السلطات رفضت منح ترخيص لمظاهرة يوم الأحد القادم، بذريعة تورط عدد من قيادييها بـ"جريمة التآمر على أمن الدولة".
وفي تعليق له، قال رئيس جبهة الخلاص الوطني أحمد نجيب الشابي إن قرار والي تونس برفض منح ترخيص لمسيرة الأحد " شيء مبهت وإنه لا يوجد عقاب من أصله وحتى إن وجد فهو فردي وليس جماعي".
وتابع الشابي في تصريح خاص لـ"عربي٢١"، معلقا على قرار الرفض" هناك قرينة البراءة، ووالي تونس ليس له الحق في الإطلاع على ملفات المتهمين، وأن ينصب نفسه كسلطة قضائية والحال أنها الوحيدة المخول لها إصدار القرارات".
واعتبر رئيس الجبهة أن ما صدر عن الوالي "مجرد خور، وهو سلطة غير مختصة، ومن يتولى الإشراف على الاجتماعات العامة هو الأمن الوطني، والوالي لا دخل له".
وأضاف الشابي، "نرفض قطعيا منعنا لأن حق التظاهر السلمي مكتسب وبالتالي نحن كجبهة متمسكون بحقنا وأصلا لم يتم إعلامنا بالقرار بشكل رسمي".
وفي رده عن التمسك بالتظاهر الأحد رغم قرار الوالي بالمنع أجاب الشابي: "سنمارس حقنا كلفنا ذلك ما كلفنا".
وفي توضيح له، قال أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية شاكر الحوكي، إنه "ليس هناك قانون ينظم حق التظاهر، إنما هو حق مكفول بالدستور على الأقل دستور 2014".
وأضاف لـ"عربي٢١" أنه حق مكفول "طالما أنه لا يمس بالآداب العامة والصحة والدفاع الوطني والأمن العام" .
وتشن السلطات الأمنية التونسية منذ أسابيع حملة
اعتقالات طالت سياسيين معارضين ورجل أعمال وإعلاميًا بتهم "التآمر على أمن الدولة"، ما ينذر بتزايد القمع في بلد يواجه أزمة اقتصادية وسياسية منذ قرار الرئيس قيس سعيّد احتكار السلطات في العام 2021.
سبقت عمليات الاعتقال تلميحات واضحة من الرئيس خلال لقاء بوزيرة العدل ليلى جفال الأسبوع الفائت، جاء فيها "من غير المعقول أن يبقى خارج دائرة المحاسبة من له ملف ينطق بإدانته قبل نطق المحاكم، فالأدلة ثابتة وليست مجرّد قرائن".
بدأت حملة الاعتقالات بتوقيف رجل الأعمال كمال اللطيف، صاحب النفوذ الكبير في الأوساط السياسية والذي بقي لفترة طويلة مقربا جدا من الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، إضافة إلى القيادي السابق في حركة النهضة عبد الحميد الجلاصي، والناشط السياسي خيام التركي وقاضيين معزولين.
وتواصلت الاعتقالات لتطال المدير العام في المحطة الإذاعية الخاصة "موزييك أف أم" نور الدين بوطار، ووزير العدل السابق نور الدين البحيري، والمحامي لزهر العكرمي.
واعتقلت السلطات التونسية أعضاء "جبهة الخلاص الوطني" جوهر بن مبارك وشيماء بن عيسى والمحامي غازي الشواشي وأمين عام الحزب الجمهوري عصام الشابي.
وتتزامن حملة الاعتقالات وسعي الرئيس قيس سعيّد إلى وضع حجر الأساس لنظامه الرئاسي الذي تميز بمقاطعة كبيرة من قبل الناخبين، لا سيما إثر مقاطعة نحو تسعين في المئة من الناخبين دورتي الانتخابات النيابية الفائتة.