أصدر الرئيس
التونسي قيس سعيّد أمرا تم بمقتضاه تحديد الإثنين 13 آذار/ مارس الجاري تاريخا لعقد الجلسة العامة الافتتاحية للبرلمان الجديد، الذي اُنتخب خلال كانون الثاني/ يناير الماضي، بنسبة مشاركة بلغت 11.4 بالمئة.
وستُعقد الجلسة الافتتاحية في مقر مجلس نواب الشعب في باردو بالعاصمة، وهو المقر التاريخي للبرلمان في تونس.
ويترأس الجلسة العامة الافتتاحية للمجلس أكبر الأعضاء سنا وذلك بمساعدة أصغرهم وأصغرهن سنا، إلى حين انتخاب رئيس مجلس نواب الشعب.
ثم يتلو رئيس الجلسة الافتتاحية أو أحد مساعديه القائمة النهائية للمنتخبين بمجلس نواب الشعب بناء على قراري الهيئة العليا المستقلة للانتخابات المتعلقين بالتصريح بالنتائج النهائية لانتخابات أعضاء مجلس نواب الشعب لسنة 2022 بدورتيها الأولى والثانية.
ولاحقا، يؤدي أعضاء
البرلمان الجدد اليمين التالية بصورة جماعية: "أقسم بالله العظيم أن أبذل كل ما في وسعي في إخلاص وتفان لأقوم بالواجب الوطني المقدس ولأضطلع على خير وجه بمسؤولياتي رائدي الأسمى في ذلك مصلحة الوطن العليا في كنف احترام دستور البلاد وقوانينها".
ويكوّن المجلس في جلسته العامة الافتتاحية لجنة قارة لإحصاء الأصوات ومراقبة عمليات التصويت، فيما يعلن رئيس الجلسة العامة الافتتاحية عن فتح باب الترشح لمنصب رئيس مجلس نواب الشعب ونائبيه ويتلقى الترشحات في نفس الجلسة ويسجلها ويعلن عنها ثم يأذن بالشروع في عملية التصويت.
ويقع انتخاب رئيس البرلمان ونائبه ونائبته، بالتصويت السري وبالأغلبية المطلقة لأعضائه. وفي صورة عدم حصول أي مترشح على هذه الأغلبية في الدورة الأولى، تنظم دورة ثانية يتقدم إليها المترشحون المتحصلون على أكثر عدد من الأصوات.
ويعتبر فائزا المترشح المتحصّل على أكثر الأصوات. وفي صورة التساوي يرجح المترشح الأكبر سنا، وفي حالة استمرار التساوي يتم اللجوء إلى القرعة لتحديد الفائز. ويعلن رئيس الجلسة عن اسم المترشح الفائز برئاسة المجلس وعن اسمي نائبيه، وإثر ذلك ترفع الجلسة الافتتاحية.
وتستأنف الجلسة العامة أشغالها برئاسة رئيس البرلمان المنتخب وبمساعدة نائبيه. ويعرض رئيس مجلس النواب على المجلس تكوين لجنة إعداد النظام الداخلي ثم يعلن عن فتح باب الترشح لعضوية اللجنة المذكورة ويتلقى الترشحات في نفس الجلسة ويعلن عنها ويعرض التركيبة على التصويت بالأغلبية المطلقة للأعضاء.
ثم يدعو رئيس المجلس لجنة إعداد النظام الداخلي للاجتماع مباشرة إثر الجلسة العامة الافتتاحية ثم يعلن عن رفع الجلسة.
ويثير ملف رئاسة البرلمان المقبل جدلا في البلاد باعتبار ضعف التجربة السياسية لجزء مهم من أعضاء البرلمان الجديد، الذين يبلغ عددهم 161، مقارنة بـ217 في البرلمان السابق.
ويعتبر نقيب المحامين السابق إبراهيم بودربالة أبرز المرشحين لمنصب رئيس البرلمان، حيث دعم الرئيس سعيّد في مواجهته مع القضاء وشارك في اللجنة المسؤولة عن صياغة مسودة الدستور، التي لم يتم الإبقاء عليها، حيث أعرب قبل بدء الحملة الانتخابية، عن طموحه في أن يصبح رئيسًا للبرلمان المقبل.
من جهة أخرى، فإنه من المنتظر أن يعرف البرلمان الجديد صعوبة بالغة في تشكيل الكتل النيابية على اعتبار أن الرئيس سعيّد أقرّ قانونا انتخابيا جديدا يعتمد على الترشحات الفردية، عكس نظام القائمات السابق، ما قد يمثّل عقبة أمام تشكيل غالبية برلمانية من شأنها أن تمرر القوانين والمشاريع.
وسيطرح تشكيل البرلمان المقبل أسئلة محرجة بشأن مصير الحكومة الحالية التي تترأسها نجلاء بودن منذ تعيينها على رأس مجلس الوزراء من قبل سعيّد في 29 أيلول/ سبتمبر 2021، عقب شغور استمر شهرين بسبب إعفاء رئيس الحكومة السابق هشام المشيشي في 25 تموز/ يوليو من العام ذاته في إطار الإجراءات الاستثنائية.
وطالبت الأحزاب الداعمة لقيس سعيّد قبل
الانتخابات بتغيير الحكومة بعد تشكيل برلمان جديد بسبب ضعف الأداء السياسي لنجلاء بودن وفشلها في حلحلة الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد منذ الإغلاق العام الذي عرفته تونس بسبب جائحة كورونا عام 2020.
وبحسب الفصل 71 من الدستور الذي أقرّه سعيّد عبر استفتاء شعبي، فإن مجلس نواب الشعب يعقد دورة عادية تبتدئ خلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر من كل سنة، على أن تكون بداية الدورة الأولى من المدة النيابية لمجلس نواب الشعب في أجل أقصاه خمسة عشر يوما من تاريخ الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات بدعوة من رئيس المجلس المنتهية مدته أو بدعوة من رئيس الجمهورية في حالة حل مجلس نواب الشعب.
وفي صورة تزامن بداية الدورة الأولى من المدة النيابية لمجلس نواب الشعب مع عطلته السنوية تفتتح دورة استثنائية لمدّة خمسة عشر يوما. كما يمكن أن يجتمع مجلس نواب الشعب أثناء عطلته في دورة استثنائية بطلب من رئيس الجمهورية أو من ثلث أعضائه للنظر في جدول أعمال محدد.
شغور في البرلمان الجديد
وانتخب البرلمان السابق، الذي حلّه سعيّد، بالأغلبية المطلقة مرشح حركة النهضة وزعيمها راشد الغنوشي، رئيسا له، ليشغل أول منصب رسمي له منذ عودته من منفاه في لندن في 2011 عقب الثورة التي أنهت حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي.
وحصل الغنوشي في ذلك الوقت على 123 صوتا من أصل 217، أي ما نسبته 56.68 بالمئة، متفوقا على غازي الشواشي (45 صوتا)، المسجون حاليا، وعبير موسى (21 صوتا) وهي من مؤيدي نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي.
وينطلق عمل البرلمان الجديد بنصاب منقوص من نواب 7 دوائر انتخابية بالخارج -ومنها دائرة الدول العربية- التي لم يتقدم لها أي مترشح، بسبب العزوف الذي عرفته الانتخابات التشريعية في ظل مقاطعة كبرى الأحزاب في البلاد.
ويعاين رئيس الجلسة الافتتاحية شغور 7 مقاعد، ليقوم إثر ذلك بمراسلة هيئة الانتخابات من أجل الدعوة لانتخابات جزئية، فيما يتطلب تنظيم انتخابات جزئية من هيئة الانتخابات وقتا لإعادة دعوة الناخبين وإجراء ترتيبات جديدة، وقد يستدعي ذلك إعادة تعديل قانون الانتخابات للحد من شروطه.
وكلما حصل شغور في مقعد بالبرلمان المقبل سيتعين على الهيئة تنظيم انتخابات جزئية، في حين كان يُعوّض سابقا بالمرشح الثاني في القائمة الفائزة بالانتخابات.
البرلمان السابق
وخلافا للبرلمان السابق -الذي وفّر حصانة أكثر قوة- فإن نواب البرلمان المقبل معرّضون لخطر سحب الثقة من عُشر الناخبين بدائرتهم الانتخابية إذا أخلّوا بوعودهم.
كما منع الدستور الجديد انتقال النواب بين الكتل البرلمانية، فلم يعد الدستور يسمح بتنقل نائب من كتلة إلى أخرى كما كان سابقا.
وستكون صلاحيات البرلمان الجديد محدودة مقارنة بصلاحيات مجلس النواب التي أقرها دستور 2014، حيث أصبح البرلمان "وظيفة تشريعية" بموجب الدستور الجديد.
وأصبح لرئيس الجمهورية حق عرض مشاريع القوانين مع أولوية النظر فيها، في حين أصبح للنواب حق عرض مقترحات القوانين بشرط أن تكون مقدمة من 10 نواب.
وحتى مقترحات القوانين أو مقترحات تنقيح القوانين التي يتقدم بها النواب في البرلمان المقبل لن تكون مقبولة إذا كان من شأنها الإخلال بالتوازنات المالية للدولة.
وينصّ الدستور الجديد على أن الرئيس هو من يعيّن الحكومة ويضبط السياسة العامة للدولة ويحدد توجهاتها ويُعلم البرلمان والمجلس الوطني للجهات والأقاليم بها فقط.
في المقابل، كان الدستور السابق لسنة 2014 الملغى ينص على أن الحزب الفائز بأغلبية المقاعد في البرلمان هو من يرشّح رئيسا للوزراء لتشكيل الحكومة.
وينص الدستور الجديد على أن للبرلمان والمجلس الوطني للجهات والأقاليم (مجلس جديد لم يتشكل بعد) مجتمعيْن معارضة الحكومة في مسؤولياتها بتوجيه لائحة لوم.
لكن الرئيس يختار إما أن يقبل استقالة الحكومة إذا تم توجيه لائحة لوم ثانية لها، أو أن يحلّ مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم أو أحدهما.
الدستور الجديد
وتنص المادة 61 من الدستور الجديد على أن التفويض الممنوح للنائب يمكن سحبه وفق الشروط التي يحددها قانون الانتخابات.
وتؤكد المادة 62 على تحجير (منع) تنقل نواب البرلمان بين الكتل النيابية "في صورة الانسحاب من الكتلة التي ينتمي إليها بداية المدة النيابية".
وتشير المادة 66 إلى أن "النائب لا يتمتع بالحصانة البرلمانية بالنسبة إلى جرائم القذف والثلب وتبادل العنف المرتكبة داخل المجلس، كما لا يتمتع بها أيضا في صورة تعطيله للسير العادي لأعمال المجلس (البرلمان)".
وتمنح المادة 68 الرئيس الحق في طرح مشروعات القوانين على البرلمان، وهو من يقدم مشروعات قوانين الموافقة على المعاهدات ومشروعات القوانين المالية.
وبجانب البرلمان، جاء الدستور بغرفة برلمانية ثانية هي "المجلس الوطني للجهات والأقاليم"، دون ذكر تفاصيل واضحة عن مهامه أو طريقة انتخابه والصلاحيات التي سيتمتع بها.
وبحسب المادة 109 "لرئيس الجمهورية الجديد أن يحل مجلس نواب الشعب (البرلمان) والمجلس الوطني للجهات والأقاليم أو أحدهما، ويدعو إلى تنظيم انتخابات تشريعية سابقة لأوانها".