تتزايد تقديرات
الاحتلال عن تصاعد أعداد اليهود الذين سيغادرون الدولة لأسباب كثيرة، فيما تتحدث آخر المعطيات عن أن أكثر من ربعهم يفكرون في ذلك، وبدأ بعضهم بالتحرك بهذا الاتجاه، لما يواجهونه من دولة منقسمة، ومخاوف من
حرب أهلية.
تتزامن هذه المعطيات الإسرائيلية حول
الهجرة العكسية مع النقاش الذي تشهده العديد من المنظمات والحركات الإسرائيلية حول "اليوم التالي"، حيث تسعى العديد منها لتحويل
الأزمة إلى فرصة، في ظل ما يواجهه الإسرائيليون من ارتباك وخوف وتردد، وقد باتوا يتداولون أفكارا حول الحكم الذاتي، وفك الارتباط الجزئي، ومعارضة المعسكرات، وإنشاء كانتونات داخل الدولة لكل جزء من اليهود على حدة.
شموئيل روزنر الكاتب في صحيفة "
معاريف"، أكد أن "تنامي أفكار الهجرة العكسية بين اليهود مردّها إلى التظاهرات الضخمة، والتحركات لشلّ اقتصاد الدولة، وبدأت كل عائلة يهودية تفكر بنفسها، مع احتمالات الانتقال والهجرة، معًا أو بشكل منفصل، والأرقام محبطة، لأن كثيرا منهم غير مقتنعين بأن مستقبلهم هنا، وقد يكون ذكرى تأسيس الدولة المقبل في مايو حفل وداع لهم، مع تزايد أحاديثهم عن حزم الأمتعة، والمغادرة، طالما أن الوضع سيصبح أكثر خطورة مما هو عليه الآن".
وأضاف في مقال نشرته صحيفة معاريف، وترجمته "عربي21" أن "معظم الإسرائيليين الذين يتحدثون يفكرون بالمغادرة لأنهم لا يعرفون مخرجًا آخر، والوضع يضطهدهم، ولاحظوا عمليات ديموغرافية وأيديولوجية تخيفهم، ما يجعل من البيانات التي سنقدمها هنا مثيرة، لأن أكثر من ربع اليهود في إسرائيل يجيبون بالإيجاب حين سئلوا عن ما إذا فكروا بمغادرة الدولة، أو حثوا أطفالهم عليها، أو ما إذا بدأوا بخطوات نحوها، ومن الواضح أن الحكومة لا تستطيع اتباع سياسة قائمة على الخوف من مغادرة الإسرائيليين الساخطين".
وأشار إلى أن "الأغنياء اليهود يتركون الدولة أكثر من سواهم، وفقا لاستطلاع أشرف عليه البروفيسور كاميل فوكس لعينة تمثيلية من ألفي شخص، يرى أكثر من ربعهم أن المغادرة خيار معقول، وتقول نسبة أصغر بكثير، لكنها كبيرة بـ6 بالمئة، إنهم بدأوا بالتحرك بهذا الاتجاه، وبلغة الأرقام فإن مليوني إسرائيلي يفكرون بالهجرة، وكلما زاد دخلهم زاد احتمال تفكيرهم بالمغادرة، لأن من لديهم المال يمكنهم تحمل نفقات الهجرة، ونضيف هنا رقمًا مخيفا آخر، وهو أن نفس نسبة الإسرائيليين الذين يفكرون بالهجرة، يفكرون بسحب الأموال من إسرائيل".
وأوضح أن "7 بالمئة أنهم أنفقوا أموالاً بالفعل لشؤون الهجرة، مع أن الميل للتفكير بالهجرة يظهر في صفوف أحزاب يسار الوسط ملحوظ للغاية، مقارنة بالوضع في الأحزاب اليمينية والدينية، حتى إن 53 بالمئة من مؤيدي حزب يوجد مستقبل برئاسة رئيس الحكومة السابق يائير لابيد، ثاني أكبر حزب، فكروا بالهجرة، أو اتخذوا خطوات نحوها، أما حزب المعسكر الوطني، فإن نسبة المفكّرين بالهجرة يزيد قليلاً على الربع".
في الوقت الذي تنشط فيه دولة الاحتلال لاستقدام الآلاف من اليهود حول العالم، واستغلال الحرب الأوكرانية الجارية لإفساح المجال أمام هجرة اليهود الروس والأوكرانيين، فإن بيانات الهجرة من داخل إسرائيل إلى خارجها تشهد قفزة حادة في أعدادهم، في ما يمكن تسميتها "الهجرة المعاكسة"، لأسباب مختلفة، وبلغ عددهم 756 ألفا نهاية 2020، ويقيمون حالياً في الخارج.
الظاهرة الإسرائيلية الجديدة في 2022 تعيد لأذهان الإسرائيليين ظاهرة مشابهة في 1990 حين غادر الدولة 14,200 يهودي بسبب تدهور الوضع الأمني الناجم عن انتفاضة الحجارة، ثم ارتفعت مرة أخرى إلى معدل حاد بلغ 18,200 مهاجر عكسي في 1993، وفي عام 1995 حصلت قفزة أخرى في الهجرة إلى الخارج بلغت 18,700 مهاجر. وهذه أرقام مثيرة للقلق الإسرائيلي.