عند أية معضلة أو خلل يعمله ويقوم به الكيان الصهيوني
السارق للأوطان وفي أقوى ردة فعل أردنية وعربية، يتم استدعاء السفير
الإسرائيلي في
الأردن أو حتى في أي بلد عربي وقع سلام مع هذا الكيان المحتل، لكن هذا الاستدعاء وتلك
الرسالة وتلك الكلمات لن تغير في واقع الأمر شيئا.
لن يتحول بن غفير وسيموريتش وقادة حاخاماتهم إلى حملان
وديعة بقلب صافي فيه طيبة وتصرف سلمي حقيقي؟ لماذا؟ ببساطة وأشير إلى ذلك عدة مرات
في مقالات سابقة لأن هدفهم ككيان إسرائيلي ليس أبدا هدفا ماديا بحد ذاته وطبيعته، هو
هدف وجودي فكري وليس ماديا أبدا. الهدف بيّن واضح بأعمالهم وبكلامهم عن الهيكل
الوهمي وهو أكسير حياتهم ورمز بقائهم وهو الهدف الأساسي من كل شرورهم وإجرامهم،
هيكل يقام بدلا عن المسجد الأقصى الشريف، وهْم يحل بدلا عن الحقيقة.
سياسة استدعاء السفير أو توجيه الكلمات لم تجد ولم
تنفع بالسابق والأوضاع كانت مغايرة، فكيف اليوم والكيان الإسرائيلي قد زاد قوة
ووقاحة وصلفا وإجراما؟ بل والأصح زاد تعلقه مع تقدم الزمن بتفكير زمرتهم من
حاخامات ومفكرين بالنهاية للحياة برمتها. هي النقطة التي تزيد ساديتهم وقلة عقولهم،
واقتراب النهاية الكونية تعني عندهم زيادة وتيرة العمل لبناء ذلك الهيكل الوهمي.
حسب عقولهم الهيكل الوهمي سيوفر الحماية الكاملة لهم.
إذن لا كلام ولا رسائل ولا مؤتمرات ولا حوارات تنفع
معهم أبدا، الأجدى والأنفع اليوم للأردن ولفلسطين في الأساس هو قوة البناء داخليا وتعزيز
البيت من داخله بطلاء واسمنت مسلح جديد لضمان المطالبة والمقارعة مستقبلا. الأمور
اليوم لا تتعلق بالسلام، في الأردن وفلسطين عملوا ما عليهم ومليون زيادة في موضوع
السلام، لكن إسرائيل وهي الكيان الغاصب دمرت بنية السلام كله عمدا وقصدا للوصول
إلى مرحلة تلد وتنجب فيها فكرة فعلية لبناء ذلك الهيكل. وهي اليوم تسعى إلى ذلك
علانية لا يعنيها أبدا ولا يهمها أحد، لديها الموساد والشاباك والنووي وغيرهم الكثير
من وسائل الفتك والتدمير، لا يعنيها كإسرائيل ولا يهمها إلا نفسها وذاتها فقط هي
وشعبها فقط. قتلت القاضي زعيتر ومواطنين أردنيين آخرين بلا ضمير ولا إحساس، هي لا
تخاف الحساب ولا المحاسبة ومن سيحاسب في ظل وضع عربي وإسلامي ضعيف وجسد عربي ممزق.
إذن لا مؤتمرات ولا اتفاقات نافعة، هي كإسرائيل أصلا
ناقضة للعهد وللميثاق لا تعرفه العهد والميثاق، عندها نقاط ضعف، علمها ومعرفتها والقوة
فقط، هذه طبيعتها ولا تريد تغييرها توارثا بأجيالها منذ أجيال الزمن القديم الماضي.
إذن لماذا يضيع الوقت بسلام لم يعد ممكنا ولا واقعيا؟ إسرائيل تعتدي وتدمر وتكره
العروبة والإسلام معا، هذا هو الواقع بحذافيره وحقيقته. هرب السلام منها ومن أفعالها،
ولا يجدي استدعاء السفير. القلب العربي الواحد المتضامن هو الأنفع، العمل العربي
الإيجابي المشترك هو السد المنيع للإعصار الإسرائيلي الهائج لأجل الهيكل الوهمي.
بقاء الأمة العربية اليوم أو في المستقبل القريب بنفس
النهج والسياسة تجاه إسرائيل ونهجها يمنحها القوة أكثر، ترى العروبة ضعيفة هزيلة
تستمر بعدوانها. الخطط الإيجابية لتقوية كل بلد عربي من داخله إنتاج مثمر يرى
البصيرة والنور في حيز الوجود الفعلي، هي الضامن بعد رعاية الله لكسر الحاجز الإسرائيلي
وإضعافه. السلام نتيجته صفر مع ذلك الكيان الصهيوني طالما فكرة الهيكل وإسرائيل
الكبرى في عقله وقلبه الداخلي.
تغيير استراتيجية التعامل والبقاء في وضع الاستعداد لأي
طارئ هو ما يبقي العروبة وبصورة عامة قوية موجودة وثابتة وقادرة على ثقل الأحمال
وما أكثرها اليوم، ومن أخطرها البركان الإسرائيلي الهادر شديد الإعجاب بذاته ونفسه.
قال المثل يوما "يا فرعون مين فرعنك.. كان الجواب ما لقيتش حد يلمني"، وقيل
أيضا من أمن العقوبة أساء الأدب.
إسرائيل أو بني صهيون ضمنوا اليوم الضعف العربي بالإجمال
بالأمس كانت مظاهر الحياة العربية مليئة بالتحذير بالتنبيه من أعمال وأفعال، وشر
هذه الأمة الصهيونية وهذا الشعب الشرير. رويدا رويدا حل السلام معهم فصار يطغى
بصيغته وصوره على نفس مشاهد الحياة بصفة عامة، حتى صار على العربي إطارا مانعا
لانتقاد إسرائيل وشعبها. ما هذا؟ نقد وانتقاد بني صهيون صار ذنبا وجريمة في بلاد
العروبة والعرب؟ هل اقترب الزمان وآخره؟ ولماذا كل ذلك؟ صهيون مجرم سفاح وقومه معه؟
هي الجملة نفسها لا داعي أبدا لإضاعة الوقت في الوهم،
وهْم السلام مع بني صهيون. شرور أعمالهم وإفسادهم يفضحهم حتى عند والدهم العم سام،
فالشمس لا تغطى بغربال. قتلوا شردوا ودمروا وسرقوا وأحدثوا الفتن والدسائس داخل
الجسد العربي الواحد، ماذا بعد هذا كله؟ فعلا السلام نفسه قرر الاختفاء، لقد سودوا
وجهه ومرغوه بالطين. الأنفع والأجدى اليوم دعم بسالة ونضال أبناء
فلسطين، هم خط
المواجهة الأول، وهذا الخط يتطلب وحدة حقيقية بين فلسطين والأردن، وحدة الشعب
ووحدة المصير هما معا مسار الممانعة الأساسي.
لا أحد يقف مبتسما لقاتله لمن يسعى إلى إبادته وفنائه.
بكلام مختصر بسيط إسرائيل تكره العروبة كلها بأصولها وفرعها وبأي خيط يرتبط بها،
لا جدوى ولا سبب للانتظار. بني صهيون لن يتغيروا أبدا، الحياة شهدت وتشهد على قتامة
قلوبهم الدائمة.