لا تزال محاكمة الرئيس الأمريكي السابق
دونالد
ترامب في دعوى
الممثلة الإباحية "ستورمي دانيالز" تُثير الجدل، وتساهم في الانقسام في الولايات المتحدة الأمريكية من ناحية الموقف منها.
ويعتبر الجمهوريون وأنصار ترامب أن
المحاكمة سياسية، بينما يراها الحزب الديمقراطي محاكمة جنائية في قضية عادية
كأي قضية تُرفع على أي مواطن أمريكي عادي.
اضطهاد سياسي
من جهته اعتبر غبريال صوما، البروفيسور
في القانون الدولي وعضو المجلس الاستشاري للرئيس دونالد ترامب سابقا، أن "ما
يحصل في محاكمة الرئيس دونالد ترامب هو اضطهاد سياسي وتدخل قضائي، الهدف منه إقصاؤه
وهو المرشح الأكثر حظا في الحزب الجمهوري، وقلب الميزان لصالح مرشح الحزب
الديمقراطي الرئيس الحالي جو بايدن في انتخابات 2024".
وتابع صوما في حديث خاص
لـ"عربي21": "نرى أنا وعدد كبير من المختصين القانونيين أن
المحاكمة سوف تُلغى ربما من قبل القاضي أو من قبل محكمة الاستئناف في نيويورك أو
من قبل المحكمة العليا، والتي يسيطر عليها أعضاء من المحافظين، ولا شك أن لديها
صلاحيات لإلغاء هذه القضية من الأساس".
وحول موقف الحزب الجمهوري من هذه
المحاكمة، قال صوما: "الحزب يرى أن المدعي العام في نيويورك يسيء استخدام
سلطته للادعاء على الرئيس ترامب، فهناك أكثر من 330 مليون شخص يعيشون في أمريكا
وإلى الآن لم يُقدم أي شخص منهم للمحاكم في قضية من هذا النوع".
وأوضح أن "المدعي العام في
نيويورك يفترض أن المدفوعات التي دفعها ترامب للممثلة الإباحية ستورمي دانيالز
تنتهك قانون الانتخابات، ولكن في الحقيقة أن المبلغ الذي دفعه وهو 130 ألف دولار جاء
من حسابه الشخصي وليس من الحساب الانتخابي".
وأكد أنه "إذا كان هناك مخالفة
للقانون الانتخابي فإنها تدخل ضمن صلاحيات الهيئات الرسمية الفيدرالية، وليس من
صلاحيات المدعي العام في مانهاتن بولاية نيويورك".
وعن احتمالية سعي الحزب الجمهوري
لتغيير بعض القوانين في ما يخص محاكمة الرئيس في حال فوز الحزب بالرئاسة، قال
البروفيسور في القانون الدولي، غبريال صوما: "لا حاجة لتشريع قوانين جديدة،
لأنه لدينا قوانين فدرالية وقوانين محلية، المدعي العام في نيويورك أساء استعمال
سلطته في الادعاء على ترامب، وهذا يعني أن المحاكم سوف تلغي هذه الدعوة من
أساسها".
وفي ما يتعلق ببحث الحزب الجمهوري عن
بديل للرئيس السابق دونالد ترامب كمرشح للانتخابات الرئاسية في 2024، قال صوما:
"استطلاعات الرأي العام تُشير إلى أن ترامب لديه نسبة تأييد 43 في المائة في
أوساط الحزب الجمهوري، مقابل 28 في المائة لمنافسه حاكم ولاية فلوريدا رونالد ديون
ديسانتيس و3 في المائة في المائة للمرشحة نيكي هيلي، وبالتالي لا لزوم للبحث عن
شخص آخر للترشح للرئاسة عن الحزب الجمهوري".
محكمة جنائية
بالمقابل أكد الناشط وعضو الحزب
الديمقراطي، حنا حنانيا، أنه "لا يتفق مع الذين يقولون إن هذه المحاكمة
سياسية، بل يبدو أنها محكمة جنائية وأن القضاء يأخذ مجراه".
وتابع حنانيا في حديث خاص
لـ"عربي21": "بشكل عام، القضاء في الولايات المتحدة قوي والجميع تحت
القانون، ومن المفترض أن تسير المحاكمة بشكل إجرائي وقضائي صحيح، وعلى الأغلب سوف
تتم معاملات هذه القضية كأي قضية عادية، بالطبع أنصار ترامب سوف يعترضون وسيحاولون
تجييشها سياسيا".
وفي ما يتعلق بموقف الحزب الديمقراطي من
المحاكمة قال: "ينظر الحزب للمحاكمة على أنها جنائية وأن ترامب ارتكب مخالفات
جنائية، وبالتالي فإن هذا يعني أنها محكمة عادية وأن العدالة والقانون في الولايات
المتحدة فوق الجميع، وأن أي شخص يمكن أن يُساءل وأن يتعرض للمحاكمة في حال
أخطأ".
وأضاف: "بشكل عام الحزب
الديمقراطي ينظر لهذه المحاكمة بناء على أن هذه الأمور من المفترض أن تسير هكذا
ووفقا للاتجاه الصحيح، وبالنسبة للانتخابات العامة هذه المحاكمة ستساعد الحزب
الديمقراطي الذي يعاني في الوقت الحالي من مشاكل عدة منها عدم وجود مرشح في حال لم
يترشح الرئيس بايدن، كذلك حتى في حال ترشحه هناك تساؤلات كبيرة حول عمره وصحته
ومدى فعاليته، لكن بشكل عام هذه المحاكمة سوف تساعد الحزب الديمقراطي في
الانتخابات القادمة".
ويرى حنانيا أن "هذه المحاكمة سوف
تؤثر على الانتخابات القادمة، بالطبع ترامب إلى الآن مستفيد منها انتخابيا بشكل
كبير، والأموال تتدفق عليه بشكل كبير جدا، ومن الملاحظ أن مجموعات كبيرة في الحزب
الجمهوري تتأثر كثيرا بهذه المحاكمة إيجابيا لصالح ترامب، وعلى الأغلب أنها ستزيد
من حظوظه لأن يكون هو مرشح الحزب، وعلى الرغم من أن هذه الأمور جميعها من الممكن
أن تتغير في حال تم تغيير توجيه الرأي العام بالنسبة لها، إلا أنه إلى الآن ترامب
هو الأوفر حظا".
وحول احتمالية تسبب محاكمة ترامب بحدوث
فوضى وعنف وانقسام في المجتمع الأمريكي، قال: "لا اعتقد أنها ستؤدي لحدوث
فوضى أو عنف، ومن ناحية التسبب بالانقسام، فهناك فعلا انقسام كبير في المجتمع
الأمريكي قبل بدء المحاكمة وهو يزداد وهذه القضية ستزيده، فحتى الآن مجموعات كبيرة
من أنصار ترامب لا تعترف بنتيجة الانتخابات الأخيرة".
وارجع سبب توقعه بعدم حدوث فوضى وعنف
لعدة أسباب، "منها أن الأجهزة الأمنية والدولة بشكل عام مستعدة لذلك خصوصا أن
المحاكمة ستحصل في نيويورك، كذلك في واشنطن العاصمة نعم هناك تخوف، ولكن هناك
استعداد لمثل هذه الأمور، أيضا هناك أعداد كبيرة ممن شاركوا في الفوضى والعنف تمت
محاكمتهم وهذا سيمنع أعضاء جدد من محاولة القيام بمثل هذه الأمور".
وعن إمكانية قيام الحزب الديمقراطي في
حال فوزه في الانتخابات القادمة بتغيير قضاة المحكمة العليا، قال حنانيا:
"قضاة هذه المحكمة يتم تعيينهم من قبل الرئيس، وبدون شك فإن الحزب الفائز سوف
يحاول تعيين قضاة من أعضائه وأنصاره، ولكن لا يتم تعيين قضاة جدد إلا إذا توفي أو
تقاعد القضاة السابقون وهي حالات نادرة".
وخلص إلى القول: "لكن بشكل عام في ما
يخص هذه القضية لا أتوقع أن تصل للمحكمة العليا بل سيتم إلغاؤها في محكمة
الاستئناف أو أي محكمة داخلية، أو المماطلة بها حتى ما بعد الانتخابات".
يُشار إلى أن الرئيس الأمريكي السابق
دونالد ترامب، قد مثل أمام المحكمة الجنائية في مانهاتن بنيويورك، الثلاثاء، وذلك
لمحاكمته في قضية تحايل متعلقة بدفعه أموالاً في 2016 لممثّلة إباحية بقصد شراء
صمتها عن علاقة مفترضة معها.
ووفقا لشبكة "سي أن أن"
الأمريكية، فإنه اعتقل ترامب لدى الشرطة لحظة وصوله إلى مكتب المدعي العام في مانهاتن،
لكن لم يتم تقييده كأي متهم عادي، كذلك لم يتم تصويره بنفس طريقة تصوير الموقوفين
العاديين، فقط تم أخذ بصماته.