أثارت
تصريحات المبعوث الأممي لدى
ليبيا، عبدالله
باتيلي حول أزمة السلطة التنفيذية في ليبيا
وأن فكرة دمج الحكومتين مطروحة الآن، بعض التساؤلات عن واقعية الخطوة وما إذا كانت تمثل تخليا دوليا واضحا عن
حكومة الدبيبة.
وقال
باتيلي إن "المحاولات الجادة لتوحيد المؤسسات الليبية، لا تستثني السلطة التنفيذية
لكن يتوجب مقاربة توحيد الحكومة في هذا الوقت الحساس، بكثير من الواقعية والحذر لأن
ذلك قد يخلق تعقيدات سياسية وإجرائية، بل حتى قانونية ودستورية، ليبيا في غنى عنها".
وأكد
أن "تشكيل الحكومات يرافقه اختلاف على الحصص وتهافت على المصالح، وأن البعثة تنظر
إلى موضوع توحيد الحكومة بواقعية ترمي إلى تحقيق الهدف الأسمى وهو إجراء الانتخابات
تحت سلطة واحدة، مع ضرورة توفير أرضية متكافئة للتنافس الشريف بين جميع المترشحين،
وإقرار آلية شفافة للرقابة على المصروفات الحكومية تفادياً لاستغلال موارد الدولة لأغراض
انتخابية، في إشارة إلى لدبيبة"، وفق تصريحات لـ"الشرق الأوسط".
فهل
يقبل الدبيبة فكرة دمج حكومته مع حكومة باشاغا؟ وهل الخطوة تعني تخليا دوليا عن دعم الدبيبة
وحكومته؟
"توحيد
الجيش أهم"
من جهته
قال وزير الدفاع الليبي السابق، محمد البرغثي إن "الأهم الآن توحيد مؤسسة الجيش، فعندما تتوحد المؤسسة العسكرية وتتشكل وحدات عسكرية مختلطة ويتم اختيار قائد لها من
قبل اللجنة العسكرية المشتركة، فإنها ستحل جميع المشكلات بالإشراف على انتخابات رئاسية لحكومة
مدنية".
وأكد
في تصريحه لـ"عربي21" أن "البيانات التي تصدر من مجلس النواب والمجلس
الأعلى للدولة والمجلس الرئاسي والحكومتين لن توصل البلاد إلى أي حلول، لذا فإن توحيد الجيش
هو الأهم حاليا وهو الذي سيدفع نحو الانتخابات، والخطوات الأخيرة من الاجتماعات العسكرية
خطوة جيدة ومبشرة"، وفق قوله.
"دمج
وصعوبة تدارك الدبيبة"
في حين
قال السفير الليبي السابق إبراهيم قرادة إن "مجرد تصريح من باتيلي بالحاجة لتغيير
حكومي أو عرض بدمج الحكومتين سيخلق معمعة غبار يصعب معها رؤية ما يجري، ورغم نجاحات
الدبيبة في التقرب الشعبي وعقد تحالفات متقاطعة و -بل أحيانا- متضاربة مع مراكز القوى، فإن بعض الأطراف السياسية وقوى اقتصادية ترى في نهج الدبيية تعمد تهميشها وإبعادها،
وهذا بالتأكيد يصل إلى أسماع الفاعلين الدوليين".
وأشار
لـ"عربي21" إلى أن "هناك قصورا واضحا لدى حكومة الدبيبة في المناورة
في ساحة العلاقات الدولية، وهنا يكون مدخل التوجه لبديل دمج الحكومتين أو إحداث تغيير
وزاري، وهو ما تدفع وتقول وتنادي به أطراف سياسية، وهو ما لا يسمعه طاقم الدبيبة ولكن
العالم يسمعه".
وتساءل
الدبلوماسي الليبي: والآن هل يستطيع الدبيية التدارك؟ في رأيي ذلك صعب كون تغيير المسار
أثناء المسير ليس في المتناول لطبيعة ما راكمه في طريقه وقيود وطبيعة التحالفات التي
عقدها".
"فرصة
ومصالح متغيرة"
في حين
رأى أستاذ علم الاجتماع السياسي في الجامعات الليبية، رمضان بن طاهر أن "العلاج
النظري للأزمة الليبية الذي يتحدث عنه باتيلي هو إعادة بناء الثقة بين أطراف الصراع،
وترتيب وضع السلطة التنفيذية في الشرق والغرب هدفه التفاهم على تجهيز وتنظيم المجتمع
الانتخابي والاحتكام إلى صناديق الاقتراع".
وأوضح
في تصريحات لـ"عربي21" أن "هذه الخطوة يراها البعض غير واقعية كونها
لا تعالج عمق وجوهر الأزمة، في حين يراها البعض فرصة مناسبة لتوحيد النخبة الليبية
والخروج من دوامة الصراع والحرب الأهلية التي ابتليت بها ليبيا منذ سنوات".
وبخصوص
تخلي المجتمع الدولي عن حكومة الدبيبة قال الأكاديمي الليبي: "الظروف والأوضاع
الدولية تحكمها المصالح وهي متغيرة، لذا فالأمر يظل مرهونا بالإرادة الوطنية في ظل وجود
تحديات وصعوبات كثيرة ربما أبرزها مسألة الثقة بين الأطراف، وعواقب القبول بنتائج الانتخابات
التي عطلت الكثير من المبادرات والحلول السياسية".
"توافق
النواب والدولة"
في حين
قال الكاتب والمحلل السياسي الليبي إسماعيل المحيشي، إنه "بحسب اتفاق جنيف فإن
حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الدبيبة هي آخر حكومة انتقالية في ليبيا، لكن هذه الحكومة
لم تستطع تحقيق الأهداف التي جاءت من أجلها ومنها توحيد مؤسسات الدولة وإجراء الانتخابات".
وأضاف:
"عندما توافق مجلسا النواب والأعلى للدولة على حكومة الاستقرار برئاسة باشاغا
لم يقبلها المجتمع الدولي أو البعثة الأممية التي تطالب الآن المجلسين بضرورة التوافق
على قانون الانتخابات، أما توحيد السلطة التنفيذية فهي خطوة في الاتجاه الصحيح، لكن
الأهم ألا يكون هناك خلاف دولي على هذه السلطة الجديدة"، وفق تصريحه لـ"عربي21".