نشر موقع "نيوز ري" الروسي تقريرا تحدث فيه عن إنجازات الرئيس التركي رجب طيب
أردوغان وحزب العدالة والتنمية خلال 20 عامًا.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن حظوظ أردوغان في الفوز بالانتخابات الرئاسية المقرر عقدها في الرابع عشر من أيار/ مايو المقبل مرتفعة بالنظر إلى سجله الحافل بالإنجازات على مدار 20 عامًا من تواجده على رأس السلطة.
كيف وصل أردوغان إلى السلطة؟
ذكر الموقع أن أردوغان وحزب العدالة والتنمية وصلوا إلى السلطة في خضم الأزمة الاقتصادية ما بين 2001 و2002، التي نجمت عن اتباع سياسات ليبرالية خيبت آمال الرأي العام. وقد فاز حزب أردوغان في
الانتخابات البرلمانية في تشرين الثاني/ نوفمبر سنة 2002 بمجموع 363 مقعدًا من أصل 550، ما مكّن لأول مرة منذ عقد ونصف من تشكيل حكومة الحزب الواحد التي ترأسها أردوغان.
كيف طوّر أردوغان الاقتصاد؟
لإخراج البلاد من عنق الزجاجة، اعتمد أردوغان على تعزيز القدرات الصناعية وتطوير السياحة. ومن أجل خفض معدل التضخم الذي تجاوز نسبة 50 بالمئة في سنة 2001، نفذت الحكومة بين 2004 و2005 إصلاحًا نقديًا ساهم في الحد من معدل التضخم وتعزيز قيمة الليرة التركية. وشملت الإصلاحات فتح العديد من المناطق الاقتصادية الحرّة وأصدرت الدولة قروضًا تفضيلية للشركات المصنعة. وبفضل هذه السياسة، نما الناتج المحلي الإجمالي السنوي لتركيا وبلغ حجمه 950 مليار دولار سنة 2013.
كيف طوّر أردوغان التعاون مع روسيا؟
تفوق نسبة الواردات التركية نسبة الصادرات بسبب اعتماد تركيا على واردات الطاقة. وقد لعبت الحاجة إلى استيراد موارد الطاقة اللازمة للتنمية الاقتصادية دورا مهما في العلاقة التي تجمع بين تركيا وروسيا. وحسب الخبير السياسي التركي توغرول إسماعيل: "ينتهج أردوغان سياسة مستقلة تعطي الأولوية لمصالح بلاده. وطيلة عشرين سنة من تواجده في السلطة أعاد ضبط بعض الأمور".
وأشار الموقع إلى أن التعاون في مجال الطاقة بين موسكو وأنقرة في السنوات الأخيرة حوّل تركيا إلى بلد عبور رئيسي للطاقة، خاصة بعد تشغيل خط أنابيب الغاز "السيل التركي" في كانون الثاني/ يناير سنة 2020. تعمل السلطات التركية على تقليل الاعتماد على موارد الطاقة المستوردة، لذلك انطلقت بداية من هذا الشهر في استخراج الغاز في الحقول التركية في البحر الأسود.
في تشرين الأول/ أكتوبر من السنة الماضية، وعقب العقوبات التي استهدفت روسيا جراء العملية العسكرية اقترح فلاديمير بوتين تحويل تركيا إلى مركز للطاقة يتم من خلاله إمداد الأسواق الأوروبية بموارد الطاقة الروسية. ويعتبر توسيع التعاون الاقتصادي بين موسكو وأنقرة محل ضغوط غربية قوية خاصة بعد رفض الأتراك دعم العقوبات الأمريكية والأوروبية ضد روسيا.
وحسب توغرول "يتعاون أردوغان مع الاتحاد الأوروبي ومع واشنطن ودول الناتو أيضًا. ومع ذلك، تصر أنقرة على أن العقوبات ضد روسيا ليست قرارًا صادرًا عن مجلس الأمن الدولي، بل عن الولايات المتحدة ودول غربية أخرى. وعليه، فإنها ترفض فرض عقوبات على روسيا وهي بذلك لا تنتهك القواعد".
كيف نجح أردوغان في انتهاج سياسة خارجية مستقلة؟
أكد الموقع أن خيبة أمل المجتمع التركي في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي غذّت تطلعات أردوغان إلى اتباع سياسة خارجية مستقلة. ظلت تركيا لسنوات عديدة تسعى إلى الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وقدمت طلبا في الغرض سنة 1987، غير أنها لم تحصل على وضع المرشح إلا في سنة 1999.
في المقابل، لم يبدِ الأوروبيون استعدادًا لانضمام تركيا الحقيقي إلى الاتحاد الأوروبي خشية تدفق المهاجرين ما قد يسرع عملية "أسلمة القارة"، لهذا السبب، أزيل موضوع انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي من جدول الأعمال واختارت حكومة أردوغان سلك طريق النضال على القيادة الإقليمية.
ما الذي حققه أردوغان؟
فتحت الحرب الأهلية التي اندلعت في سوريا سنة 2011 الباب أمام تعزيز تركيا سياستها الخارجية. وخلال هذه الفترة، أولت تركيا أهمية لتأمين حدودها الجنوبية ومنع دعم "الانفصاليين الأكراد" والتحقق من القدرات القتالية لجيشها. ومشاركة الجيش التركي في الصراع السوري مكّنت أنقرة من أن تصبح طرفا ضروريًا في المفاوضات، العامل الذي عزز المكانة الدولية للرئيس التركي.
وفيما يتعلق بحرب أذربيجان على كاراباخ التي استمرت 44 يومًا سنة 2020، تدين باكو بالكثير من نجاحها العسكري للدعم اللوجستي والسياسي التركي. فقد نجحت تركيا في استخدام الصراع في أوكرانيا كعامل لتعزيز مكانتها بعد تدخلها كضامن لاتفاقية الحبوب بين روسيا وأوكرانيا وتقلدها دور الوسيط في تبادل أسرى الحرب.
وأضاف توغرول: "حتى الوقت الراهن، وبعد انطلاق العملية العسكرية، تحاول أنقرة الحفاظ على حيادها خدمة لمصالحها الخاصة وتواصل معاملاتها التجارية مع روسيا وأوكرانيا ودول أخرى وتعتبر الدولة الوحيدة التي عقدت محادثات بين وزيري خارجية روسيا وأوكرانيا".
صنع في تركيا: طائرات دون طيار وناقلات جنود مدرعة
أورد الموقع أن رغبة أردوغان في اتباع سياسة خارجية مستقلة تطلبت منه التركيز على تطوير المجمع الصناعي العسكري. في سنة 2007، دخلت "الخطة الاستراتيجية لقطاع الصناعات الدفاعية الخاصة بالفترة 2007 و2011" حيز التنفيذ، وهي تنص على إنشاء قاعدة إنتاج محلية. بفضل هذه الخطة، تمكّن المجمع الصناعي العسكري خلال سنة 2011 من تلبية 54 بالمائة من احتياجات القوات المسلحة التركية. كما دخلت شركة صناعة الإلكترونيات العسكرية والشركة التركية لصناعات الفضاء قائمة أكبر 100 شركة صناعية دفاعية في العالم.
ونقل الموقع عن الخبير في المجلس الروسي للعلاقات الخارجية كيريل سيميونوف قوله إن "تطوير المجمع الصناعي العسكري التركي بلغ ذروته في عهد أردوغان عقب انطلاق أنقرة في إنتاج نماذج تركية من المعدات العسكرية التي غزت أسواق السلاح العالمية. وقد أصبحت تركيا المورد الرئيسي لناقلات الجنود المدرعة من طراز "بارس" و"أرما". وخلال سنوات حكم أردوغان، أصبحت تركيا مُصدّرًا للأسلحة بعد أن احتلت سنة 2021 المركز الحادي عشر بين موردي الأسلحة في العالم بصادرات أسلحة بقيمة 380 مليون دولار.
صناعة دفاعية تركية واعدة
طورت أنقرة في عهد أردوغان أنظمة مدفعية خاصة بها ونظام إطلاق صواريخ متعدد، مع برنامج لإنشاء دباباتها الخاصة. بحلول نهاية الشهر الجاري، سيجري الجيش التركي اختبارات على نسختين من دبابة "ألتاي" وهي أول دبابة تركية الصنع بعد أن أجرى اختبار أول صاروخ باليستي من طراز "تايفون" تركي الصنع.
من سيفوز في الانتخابات الرئاسية في تركيا؟
أوضح الموقع أنه خلال 20 عامًا من تواجده على رأس السلطة شهدت تركيا تقدمًا مدهشا، وبعد أن كانت تعتمد على صندوق النقد الدولي، أصبحت قوة إقليمية رئيسية يمتد نفوذها إلى ما وراء حدودها. وفي الوقت الراهن، يبذل أردوغان قصارى جهده للحفاظ على مكانته محاولا الإسراع في بناء مساكن لضحايا الزلزال الذي ضرب البلاد.
ولم تقف إنجازات أردوغان عند هذا الحد بعد إعلانه في 17 نيسان/أبريل الجاري العمل على افتتاح مركز إسطنبول المالي، مما سيجعل من المدينة التركية إحدى العواصم المالية في العالم إلى جانب نيويورك ولندن وهونغ كونغ وفرانكفورت. وتركيا الآن بحاجة إلى رئيس يتقن فن الإدارة دون الخضوع للضغوط الخارجية ويضع مصالح البلاد فوق كل اعتبار.